فوز إسلاميي حزب "العدالة والتنمية" في الانتخابات البرلمانية في المغرب، يثير تساؤلات حول خلفيات تحول موقف القصر من مسألة مشاركة الإسلاميين في الحكم ناهيك عن قيادته، فحتى قبيل إعلان نتائج الاقتراع كانت كل المؤشرات تدل على عامل الثقة مفقود ما بين الإسلاميين والقصر. فما الذي حدث حتى غيرت السلطة رأيها؟ تحقيق: علي أنوزلا صورة الملك محمد لسادس والابتسامة تعلو محياه عند استقباله عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية"، لتعيينه على رأس الحكومة، أنست الكثيرين التصريحات التي نسبت إلى ملك المغرب عن عدم ثقته في الإسلاميين. فقبيل الانتخابات الأخيرة جاء في إحدى قصاصات "ويكيليكس"، أن الملك محمد السادس وأثناء استقباله عام 2005 لسيناتور جمهوري أمريكي يدعى ريشارد لوكار، وبينما كان هذا الأخير يتحدث عما لمسه من حيوية لدى قادة الرأي المغاربة من ذوي النفوذ، وكان يقصد أعضاء قياديين في حزب "العدالة والتنمية"، رد عليه الملك بقوله: "لا بد لي أن أقول لك شيئا مهما. عندما نتحدث عن الإسلاميين ، سواء المعتدلين أو المتطرفين، فإنهم جميعا مناهضون للولايات المتحدة". وأضاف الملك محذرا ضيفه، حسب ما أورده الموقع نفسه: "لا تنخدع، فقط لأنهم يبدون مسالمين وطيبين. إنهم يبدون متعقلين. لكن يتعين على الولاياتالمتحدة أن لاتكون لديها أوهام بشأنهم. إنهم معادون لأمريكا". ورغم ما أثاره تسريب هذه الوثيقة من ضجة ونقاش على المستوى الإعلامي لم يصدر أي رد أو توضيح من القصر الملكي أو من السفارة الأمريكية في الرباط، وهي مصدرالقصاصة، بخصوص ما جاء فيها. أما حزب "العدالة والتنمية" فقد انقسم ما بين مشككين في صحة ما ورد في تلك القصاصة وعلى رأسهم عبد الإله بنكيران، ومن طالبوا الديوان الملكي بضرورة إصدار توضيح لنفي صحة ما جاء فيها، وكان هذا رأي مصطفى الرميد. الخطر الإسلامي لكن حتى بدون وجود مثل هذه القصاصة، فإن العلاقة ما بين القصر وبعض الإسلاميين، خاصة منهم المنخرطين في العمل السياسي لم تكن دائما على أحسن مايرام. بل هناك من المحللين من يذهب إلى القول بأنه لو لم يسبق للملك الراحل الحسن الثاني أن فتح الباب لإسلاميي "العدالة والتنمية" للمشاركة في الحياة السياسية نهاية التسعينات لما كان هذا الباب قد فتح أصلا. ويستدلون في رأيهم على التضييق الذي عاشه هذا الحزب طيلة وجوده على الساحة السياسية، وأيضا التضييق الذي تمت ممارسته على حزبين إسلاميين حديثي النشأة هما "البديل الحضاري"، و"الأمة"، فقد تم الزج بزعيميهما في السجن في إطار قضية بلعيرج، ومنعا من النشاط القانوني إلى يومنا هذا. ولفهم ما الذي جرى حتى غيرت السلطة في المغرب رأيها وسمحت للإسلاميين لأول مرة مشاركتها الحكم، تجب العودة إلى الوراء. وهنا أتذكر أنه مع بداية العهد الجديد، أتيحت لي الفرصة للجلوس إلى شخصية نافذة في الدولة، وطيلة اللقاء حاول المسؤول أن يشرح المخاطر المحدقة بالمغرب كما يتصورها مسؤولو العهد الجديد، كما كان يسمى آنذاك. وفي استعراضه للوضع قال لي إن التصور السابق للخطر كان متوقعا من الجيش، وهذا شيء مبرر في رأيه، لأن الملك الراحل عرف محاولتين انقلابيتين وبالتالي فمن الطبيعي أن تكون له حساسية من هذه المؤسسة. ومضى المسؤول في تحليله للوضع قائلا، إن الخطر اليوم، كما كشفت عن ذلك أحداث سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدةالأمريكية، يتجسد في الإرهاب. وبما أن الإعلام الغربي نجح في إلصاق هذه الصفة بكل ما هو إسلامي، فلم يكن مخاطبي محتاج لتوضح رأيه، فهو كان يريد أن يبلغني رسالة مفادها أن الخطر قد يأتي من هذا النوع من الارهاب. كان ذلك قبل أحداث 16 ماي 2003 في الدارالبيضاء. ومباشرة بعد تلك الأحداث أتيحت لزميل لي أجنبي أن يجالس شخصية ذات نفوذ كبير أجهزة الدولة، وعندما خرج الصحافي الأجنبي من لقائه مع المسؤول المغربي، قال لي إن هاجس محدثته طيلة اللقاء كان يور حول الخطر الإسلامي القادم والمحدق بالمملكة، وكشف لي أن مخاطبه أسر له بأن وقف هذا الخطر يأتي على رأس أولويات الدولة حتى لا يتسرب من أي منفذ كان بما في ذلك المنافذ الشرعية. لم يشرح لي زميلي كما لم يشرح له مخاطبه ما ذا كان يقصد بكلامه ذلك. لكن معالم الصورة كانت قد بدأت بالتشكل. ففي أول انتخابات تشريعية في العهد الجديد، اجتمعت وزارة الداخلية مع مسؤولين من حزب "العدالة والتنمية" وطلب منهم رسميا تقليص مشاركتهم في تلك الانتخابات وهو الطلب الذي استجاب له أعضاء الحزب. وعندما طرحت مسألة رآسة مصطفى الرميد، للفريق البرلماني للحزب، وبما أنه كان أحد أشد المعارضين لتمرير "قانون الإرهاب"، في البرلمان آنذاك، فقد رفعت وزارة الداخلية فيتو ضد هذا الترشيح. وجاءت أحداث 16 ماي 2003 مثل هدية من السماء أو ربما من الأرض، لتعطي الحق لأصحاب نظرية الخطر الإسلامي المحدق بالمملكة. وأتذكر أنه في إحدى مساءات ذلك الشهر الكئيب التقيت مصطفى الرميد بمقر البرلمان لإنجاز حوار صحفي، وفي نهاية الحوار اغرورقت عيني الرميد بالدموع وهو يتحدث عن حجم الضغوط الهائلة التي تمارس على حزبه، وعليه هو بالخصوص لتحميله ما لا طاقة به. وقال لي وهو يودعني: "إني أفكر جديا في تقديم استقالتي من البرلمان ومن السياسة...". حدث ذلك منذ 8 سنوات، قبل أن يهدد بها علانية العام الماضي عندما منع من تسيير قافلة طبية لقريته. حرب إعلامية وطيلة تلك الفترة ستشن حرب إعلامية شرسة ضد حزب "العدالة والتنمية"، قادها الإعلام الرسمي من إذاعة وتلفزيون، ووكالة أنباء رسمية، والقناة الثانية، التي كانت تعتبر بمثابة رأس الحربة في هذه الحرب الذي وصفها الإسلاميون ب "الاستئصالية"، والتي انضمت إليها صحف خاصة. وهناك اليوم وثيقة حية سبق لموقع "لكم" أن نشرها، هي عبارة عن مداخلة لمديرة الأخبار في القناة الثانية، على إحدى القنوات الفرنسية وفيها تصرح سميرة سيطايل علانية وأمام الملأ وبصريح العبارة أن الدولة ارتكبت خطأ عندما سمحت لحزب "العدالة والتنمية" بالحصول على 38 مقعدا في البرلمان في انتخابات 2002. قبل أن تكشف بأنها قررت هي وبعض الصحف المغربية الناطقة بالفرنسية بأن يهمشوا زعماء وقادة هذا الحزب وذلك بعدم نشر تصريحاتهم أو استضافتهم على "قناتها"، وذهبت إلى حد تشبيه هذا الحزب بحزب جون ماري لوبن، حزب "الجبهة الوطنية" الفرنسية، اليميني المتطرف ! ورغم دعوات حل حزب "العدالة والتنمية"، والتي صدرت على صفحات صحف تصدر في المغرب، وتبناها قادة سياسيون ينتمون لأحزاب يسارية، استطاع هذا الحزب أن ينفذ بجلده. وعندما اقتربت انتخابات 2007، صدر استطلاع للرأي عن مؤسسة أمريكية يتنبأ لحزب "العدالة والتنمية"، بالفوز فيها، فأقام الدنيا ولم يقعدها. وكصدفة لم تكن غريبة، استقال فؤاد عالي الهمة، الرجل القوي في وزارة الداخلية، وأحد أصحاب نظرية "الخطر الإسلامي"، من موقعه وأعلن أمام الرأي العام بأنه سيرشح نفسه في انتخابات ذلك العام. وكان هدفه المعلن عنه من وراء خطوته تلك هو العودة إلى منطقته الرحامنة لخدمتها. لكن مباشرة بعد فوزه "الباهر" بثلاث مقاعد دفعة واحدة، ستوجه له دعوة خاصة للمرور على شاشة القناة الثانية في برنامج خاص، كان هو ضيفه الوحيد والأوحد، وكان هو السائل والمجيب في نفس الآن. وأسوق هذا الكلام، لأنه أتيحت لي الفرصة فيما بعد لأسأله عن سبب هجومه العنيف وبدون سبب أو تبرير على حزب "العدالة والتنمية"، وقلت له هل كان ذلك السؤال مبرمجا أم أنه فوجئ به على بلاطو البرنامج، فأجاب بأنه هو من اقترح أن يطرح عليه، وبرر ذلك بأنه حان الوقت لتوضيح المواقف، وعدم الاختفاء وراء الدين لتمرير مواقف سياسية. وبقية القصة تعرفونها. فقد طلب الحزب المستهدف حق الرد على الهمة وهو ما أتيح له من خلال استضافة أحد أعضائه هو عبد العزيز الرباح. لكن السجال لم ينتهي داخل استوديوهات عين السبع، وإنما خرج إلى الساحة عندما بدأ الهمة بتشكيل نواة حزبه تحت يافطة "الحركة لكل الديمقراطيين". وعندما سألت أحد مؤسسي تلك الحركة لماذا لا يوجد بين المؤسسين إسلاميين تفاجأ بسؤالي، وتسائل بسخرية: "وهل يوجد إسلاميون ديمقراطيون؟ "! الديمقراطيون ضد الإسلاميين كانت الخطة إذن واضحة، تأسيس جبهة من "الديمقراطيين" لوقف زحف الإسلاميين، واستعمال كل الوسائل الشرعية وغير الشرعية لتنفيذ تلك "الحرب المقدسة"، وهكذا أخرجت قضية بلعيرج من دهاليز المخابرات القديمة. ولإرسال رسائل قوية لمن يهمهم الأمر، تم اعتقال زعماء أحزاب إسلامية، من بينهم حزب معترف به، وعضو في حزب "العدالة والتنمية"، لإرسال رسائل مباشرة تقول بالواضح "إياك أعني يا جارة...". ولملأ الفراغ الذي سيتركه القضاء على الإسلاميين، خلق من عدم حزب "الأصالة والمعاصرة"، وبدءوا برسم معالم الطريق الجديدة. وفي لحظة انتشاء بالانتصار، بدأ زعماء هذا الحزب يخططون للمستقبل على المدى البعيد. ويتذكر الجميع أن الحزب عندما أعلن خروجه لمعارضة حكومة عباس الفاسي عام 2008، صرح أحد أقطابه بأن ما يهمهم هو 2017 وليس 2012، وكأن هذا التاريخ الأخير أصبح قاب قوسين أو أدنى من حكمهم. وحتى قبيل أن يفكر شاب تونسي منسي في قرية سيدي بوزيد، بحرق نفسه، كانت الطريق معبدة لتنفيذ الخطة. وقد بدأ التهيئ لعام 2012، منذ أن نفذ الانقلاب على حزب "التجمع الوطني للأحرار"، لضمه إلى التحالف الذي سيرسم ملامح مغرب المستقبل. وعندما بدأت تظهر بعض ملامح الغزل بين قادة من "العدالة والتنمية" و"الاتحاد الاشتراكي"، على إثر الغلاف الذي نشرته مجلة "لوجورنال"، وفيه مقابلة مزدوجة جمعت بين مصطفى الرميد، عن "العدالة والتنمية"، وادريس لشكر، عن حزب "الاتحاد الاشتراكي"، الغاضب بسبب سقوطه في انتخابات 2007، والقوي بتوصيات المؤتمر الثامن للحزب، تم استدراجه إلى الحكومة، بالطريقة التي يعرفها الجميع لإخراس صوته المزعج. كان كل شئ مخطط إليه بعناية، والشئ الوحيد الذي لم يكن في الحسبان هو إقدام شاب تونسي اسمه محمد البوعزيزي، على حرق ذاته في قريته سيدي بوزيد. فتلك كانت النقطة التي غيرت المنطقة وغيرت العالم، وأربكت الكثير من الخطط بما فيها تلك التي كانت تحاك في مكاتب مغلقة للأجهزة المغربية. وأتذكر أنه في ليلة الندوة الصحفية التي أعلن فيها عبد الإله بنكيران، فوز حزبه، التقيت عبد العالي حامي الدين، عضو الأمانة العامة للحزب، وسألته عما إذا كانوا يتوقعون فوزهم، فرد علي بهدوءه المعهود فيه "الشئ الوحيد الذي كنا ننتظره هو المرشح التالي الذي سيلتحق بالأخ جامع المعتصم في السجن". فبالنسبة لكثير من قادة أعضاء "العدالة والتنمية"، فإن اعتقال عضو أمانتهم العامة وبتهمة "الفساد" كان يدخل في إطار الحرب التي كانت تعرف تصعيدا مع اقتراب استحقاقات 2012، لتشويه صورت الحزب أمام الرأي العام، ولتخويف الناس من الانضمام إليه أو التصويت لمرشحيه. رسائل بالواضح وبدلا من أن يقف الحزب إلى جانب الحراك الشعبي الذي سرع في إطلاق سراح أحد أعضائه، حتى بدون محاكمته، اتخذ أمينه العام موقفا معاديا للحركة التي كان في الأخير أكبر المستفيدين من ثمارها. ومع ذلك فلم يشفع للحزب وقوف جزء من قيادته ضد الحركة الاحتجاجية، واصطفافهم إلى الطرف الذي كان يخطط للقضاء عليهم كحركة إسلامية، وليس فقط كحزب ينتمي إلى هذه الحركة. وحتى قبيل انتخابات 25 نوفمبر، أرسلت الدولة رسائل مباشرة إلى هذه الحركة بأنها ما تزال غير مرغوب فيها، وقد تجلى التعبير عن هذه الرسائل بوضوح عندما تم إقصاء تمثيلية الحركة الإسلامية من عضوية اللجنة الملكية التي كلفت بتعديل الدستور، وذلك بالرغم من أن بعض قيادات هذه الحركة، وخاصة من حزب "العدالة والتنمية"، نصبوا أنفسهم مدافعين عن مشروع السلطة وتصورها في التعديل. وتكرر هذا الإقصاء وفي فترة وجيزة عندما أقصي ممثلو هذه الحركة الإسلامية من عضوية "الهيئة العليا للسمعي البصري" المعروفة اختصارا ب "الهاكا". وتكرر الإقصاء مرة ثالثة عندما لم يدعى أي من رموز الحركة الإسلامية، أو من الحزب الإسلامي الوحيد المشارك في المؤسسات إلى عضوية "المجلس الوطني لحقوق الإنسان"، الذي دعيت إليه أحزاب وشخصيات لا تمثل إلا نفسها. أما على مستوى التهيئ لاستحقاق 25 نوفمبر، فقد طرح سيناريو قطع الطريق على اكتساح الإسلاميين لصناديق الاقتراع، وبدون مقدمات خلق تجمع الأحزاب الثمانية، وكان الهدف واضحا وهو الوقوف في وجه "المد الإسلامي" نحو صناديق الاقتراع. وفي تجمع حزبي، عشية الإقتراع، لم يخف عبد الكريم بنعتيق، أحد الملحقين بهذا الحلف، طبيعة وأهداف هذا التحالف عندما هاجم بقوة حزب "العدالة والتنمية" وربطه ب"الإخوان المسلمين" في مصر وبالحركات الإسلامية في الشيشان والجزائر، وحمله مسؤولية ما وقع في هاتين الدولتين من قتل وتقتيل...وفي الحقيقة فإن كل من سمع أو قرأ خطاب بنعتيق أصيب بالدهشة، لأنه أعاد التذكير بالمخطط الذي كان يعتقد الجميع أنه انتهى وولى زمانه إلى غير رجعة. فمخطط الاستئصال الذي تبنته الأجهزة الأمنية ودافعت عنه جزء من الطبقة السياسية ما زال ماثلا... فما الذي تغير بين عشية وضحاها حتى تحول الإسلاميون، على الأقل في منطق بعض الجهات النافذة داخل الدولة، من شر تجب محاربته إلى شر لا بد منه؟ بركة "بيتز" على إسلاميي المغرب أن يتبركوا بمنطقة فرنسية صغيرة اسمها "بيتز"، يوجد بها قصر للملك محمد السادس قضى فيه الملك طيلة فترة الحملة الانتخابية. وربما في ذلك القصر الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرون الوسطى نزل الوحي على سلطة في البلاد لتمر الانتخابات المغربية بالطريقة التي شاهدها الجميع ويفوز إسلاميو "العدالة والتنمية" فيها، وتفتح أبواب الإقامة الملكية في وجه زعيم الحزب عبد الإله بنكيران كأول زعيم حزب إسلامي يشارك الملك بعضا من سلطته. فحتى قبل ذهاب الناخبين إلى صناديق الاقتراع، نشر موقع "لكم" خبرا يقول بوجود توجه داخل الدولة لفتح الباب للإسلاميين للمشاركة في الحكومة حتى لو لم يتصدروا نتائج الانتخابات، وذلك لتفادي "سكتة قلبية"، كانت وشيكة... ثمة أكثر من قراءة لهذا التحول المفاجئ في موقف السلطة من الإسلاميين، الذين تحولوا ما بين ليلة وضحاها من فاعل لايمكن الثقة فيه إلى حليف مشارك في السلطة. وبعيدا عن نظرية المؤامرة التي قد تشكك في مصداقية الفوز البين الذي أعطته صناديق الاقتراع للإسلاميين، تطرح عدة تساؤلات حول التوقيت الحالي للسماح لمثل هذا الفوز للتعبير عن نفسه وبهذه القوة؟ فلو أديرت قواعد اللعبة بمثل الحياد الذي شهدته الانتخابات الأخيرة لكان هذا الفوز تحقق في انتخابات 2002، أو في انتخابات 2007 أو 2009. ومما لاشك فيه، فإن أحداث الربيع العربي التي تعيشها المنطقة، وتأثيرها في المناخ الدولي أسقطت نظرية الشك والريبة التي كانت تروجها الأنظمة عن إسلامييها، لتخويف الغرب منهم، وتستعملها كفزاعة لتبرير سلطويتها واستبدادها وفسادها. والآن وبعد سقوط الفزاعة الإسلامية، سيجد الإسلاميون أنفسهم أمام اختبار جديد لاكتساب ثقة الشارع الذي تعاطف معهم في السابق كمعارضة مظلومة، وعليهم أم يثبتوا له اليوم أنهم يستحقون أيضا ثقته كسلطة حاكمة عادلة. أما في الحالة المغربية فإن الاختبار مزدوج وصعب في نفس الوقت، إذا على إسلاميي "العدالة والتنمية" أن يبرهنوا للسلطة أنهم شركاء نزيهين وفي نفس الوقت مستقلين. وأن يرسلوا للشارع رسائل تطمئنه على أنهم لن يستبدلوا ثقة ناخبيهم برضى السلطة وإغرائها.