تحققت نبوءة عبد الإله بنكيران وفاز حزبه العدالة والتنمية في استحقاقات 25 نوفمبر ،وحصل على المراتب الأولى وهو فوز مستحق تبرره معطيات ذاتية وموضوعية، جاءت لصالح حزب توجست منه أحزاب كثيرة بل وحتى المسؤولون في الحكومة. ولا داعي لتفصيل تفسير هذه المعطيات التي أملتها بطبيعة الحال الظرفية العربية والمغربية في آن واحد، وحتى العمل الدءوب والمسؤول لحزب العدالة والتنمية وقدرته على التواصل الواسع بين مكونات المجتمع بهذا الفوز الكاسح لحزب إسلامي نتساءل ما الذي يمكن أن يحاجج به المسؤولون الذين وجدوا أنفسهم أمام واقع مفروض اختاره الناخبون المغاربة، خاصة وأننا نحن ناخبو المهجر حرمنا من المشاركة الفعلية والتصويت المباشر مخافة أن نساهم في صعود الإسلاميين بحكم تعاطف المهاجرين مع الحركات الإسلامية كما يروج الدين قد يساهمون في تعزيز مكانتهم بانتخابهم المباشر .لكن ماذا بعد صعود الإسلاميين اليوم وأي تعليل لما يجري اليوم في الواقع السياسي المغربي، فالمغاربة بالداخل أو الخارج فيما يبدو اختاروا التغيير ويريدون تجربة جديدة واستثنائية تعيد لهم الثقة وتبني مغربا آخرا ولعل العدالة والتنمية هو الرمق الأخير المتبقي ليمتحن المغاربة ككل مدى صدق وتفاعل هذا الحزب الذي ينطلق من الهوية الدينية لبناء مغرب آخر، فقوة الدين اليوم حاضرة جدا كبصيص أمل بعدما خسر اليساريون والاشتراكيون و مختلف التيارات السياسية الرهان وسقط القناع عن مناضلين عتيدين بمجرد تذوق طعم السلطة، لذا أقول ما الذي كان سيخسره المغرب لو ادخل أبنائه في المهجر عملية الانتخاب الديمقراطي والمساهمة بجد في لحظة تاريخية مهمة بعد أول انتخابات في ظل الدستور الجديد،مغاربة الخارج ليسوا اقل مواطنة من مواطني الداخل فالتفاعلات نفسها والهواجس متشابهة سواء هنا أوهناك فحرمان مغاربة العالم من التصويت يبقى وصمة عار على جبين المسؤولين المغاربة وحالة تناقض غير مفهوم في ظل الحراك السياسي وفي ظل دستور يقر كل حقوق المواطنة لجميع المغاربة أينما كانوا. وهكذا اتضح جليا أن التصويت بالوكالة ليس له أي سند قانوني باعتراف دولي حسب المراقبين الدوليين ، ويتضح في التصريح الصحفي للجنة الدولية على لسان السيدة جون كلامMme John-Calame أن عدم مشاركة مغاربة العالم في هذه الاستحقاقات قد يؤثر بشكل واضح على مبادئ حقوق الإنسان وحق الانتخاب بل وترى في ذلك عائقا وحاجزا يعرقل المسيرة الديمقراطية للبلد وإنها ستعرض تقريرها في الدورة المقبلة للبرلمان الأوربي في يناير وفي إطار المادة 1818 لسنة 2011 حول قانون عضوية متعاون للديمقراطية ومعلوم أن l ÁPACE من المنظمات العالميات التي تراقب الانتخابات في العالم. لقد سقط المخزن في الحفرة التي حفرها لنفسه حينما تخوف من تصويت الجالية الدين قد يدعمون الإسلاميين على اعتبار المد الإسلامي الذي تعيشه أوروبا والنقاش الدائر حول الموضوع ،فكيف سيمثل اليوم المهاجرون في البرلمان ومن سيحمل أسئلة وانشغالات المواطن المغربي في المهجر بعد إقصائه ، وقد علمنا من مصادر موثوقة أنه لم يتم أصلا العمل بالوكالة ، فكيف يمكن لمهاجر مقصي من الانتخابات أن يكلف نفسه عناء كتابة الوكالة وإرسالها ليصوت على فلان أو علان ،وحتى رد محكمة النقض على الدعوى القضائية غير مبرر وكان حري على المسؤولين أن يدافعوا على إقرار لائحة خاصة بالمهاجرين كما فعلوا مع لائحة النساء والشباب وما أقدمت عليه تونس ومصر في إشراك مواطنيها القاطنين بالخارج في مجالسها البرلمانية لخطوة ايجابية بامتياز تدخل في إطار تقريب الشورى والمشورة وحتى الإدارة من مواطنيها عكس ذلك الشعار المغربي المتقادم .لن نبكي على الأطلال لكن لابد من تسجيل هذا الخطأ الفظيع في حق مغاربة العالم الذين لم يفاجئوا بنتائج الانتخابات ،وهم اليوم يتطلعون فقط لمغرب آخر تحت قيادة حكومة يمنحها كثير من الصلاحيات لتدبير شؤون البلاد والعباد بحكامة جيدة وإحقاق مبدأ العدل والمساواة لجميع أبناء هذا الوطن ،الذين يعيشون هنا وهناك ويؤرقهم سؤال العودة العسير للجذور والهوية والأرض التي أنبتنهم. نتمنى للعدالة والتنمية مسيرة موفقة تلتزم فيها بمبادئ الديمقراطية الحقة، وأكيد أن المهاجرين لن ينسوا موقف هدا الحزب الذي طالب بحق الجالية في التصويت والترشيح ، ولعله الحزب الوحيد إلى جانب حزب التقدم والاشتراكية اللذان عبرا عن موقفهما بوضوح ، ويبقى أمام الحكومة الجديدة أن تصلح الخطأ مستقبلا لتمنح 5 مليون مواطن بالخارج حقه في المواطنة الكاملة في الاستحقاقات المقبلة ، بل وتعمل على منح كل مغربي حقه دون أن تفرق بين أبنائها في المغرب أو الخارج سوى بالعمل الصالح والمثابرة لتحقيق الحياة الكريمة ،التي حان وقتها وبالحاج لكي يعيش المهاجر حرا كريما في بلده ،دون أن يلجأ للمقارنات بقلب موزع بين حسن الاستقبال والإحساس بالكرامة التي توفرها بلدان الاستقبال، وألم الحنين الدائم لوطن لا يريد بعد إنصافه وإرساء دعائم حياة كريمة، ليعفيه من عناء انتظار مغرب جديد متقدم لا يأتي بعد. وكيف ما يقولو لمغاربة : وكلنا ليك الله أسي بنكيران إلى متشوف فحق هاذ لعباد فهاذ الزمان . رئيس مؤسسة التواصل للثقافة والإعلام هولندا