كانت المفاجأة كبيرة حينما ظهرت زميلتان من القناة الثانية، وهما ترتديان الحجاب في نشرة أخبار المساء، ليوم السبت 26 نونبر الجاري، حيث برزتا وهما محجبيتين في سابقة من نوعها ب"دوزيم"، وذلك عند نهاية كل روبرتاج أعدته، كل واحدة على حدة. يتعلق الأمر بالصحافية المعروفة نادية اليوبي التي طلت على المشاهدين بحجابها في نهاية تقديم مادتها الإخبارية من شارع محمد الخامس من الرباط، وصحافية جديدة، في مراسلة من أكادير. ظهور الزميلتين الصحافيتين بالحجاب، كان غير عادي، خصوصا حينما نستحظر سياق "الحدث"، أي مع إعلان فوز حزب العدالة والتنمية "الإسلامي" بالانتخابات التشريعية التي شهدها المغرب يوم الجمعة الماضي، في ظل الدستور الجديد، المعدل خلال فاتح يوليوز المنصرم، والحراك الذي يعرفه الشارع المغربي منذ العشرين من فبراير الماضي. إن الظهور البارز لصحفيتين محجبتين على شاشة تلفزيون شبه رسمي، يطرح أمام المتتبع للشأن المغربي أكثر من تساؤل، خصوصا عبر القناة الثانية التي ظلت علاقتها متوترة مع قيادة العدالة والتنمية، ومحتقنة مع فعاليات من حركة 20 فبراير. فبروز زميلتان محجبتان على القناة الثانية عشية فوز الإسلاميين في تشريعيات البرلمان المقبل، قد يعد إشارة قوية من الدولة للإسلاميين المشاركين في الانتخابات، و"مغازلة" لأصدقائهم (العدل والإحسان) الذين فضلوا الاصطفاف في موقف المقاطعة ضمن حركة 20 فبراير. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، هل كان لزاما أن يتم حجب الصحفيات المحجبات عن الظهور في التلفزيون المغربي إلى حين وصول "الإسلاميين" إلى "سدة الحكم"؟ يبدو للمتتبع العادي جدا أن السماح بظهور صحافيتين بالحجاب على قناة "دوزيم" نفسها، التي طالما اتهمها "الإسلاميون" ب"نشر الرذيلة"، وكأنه جاء بفضل فوز حزب "العدالة والتنمية"... وهكذا تهدي الدولة من حيث لا تشعر هدية أخرى ل"العدالة والتنمية"، وتؤكد بأن أصدقاء بنكيران هم "حراس الدين الإسلامي"، وأن فوزه كان وراء ظهور الحجاب في التلفاز المغربي...الآن انقلبت الآية وأصبحت الدولة هي اللتي تغازل العدالة والتنمية، بعدما كان عبد الإلاه بنكيران الأمين العام للحزب "الإسلامي" هو من يغازل المخزن منذ 20 فبراير... بداية قصة "حب عذري" مشوقة وجديرة بالمتابعة... من غير المستبعد أن يُقدم بنكيران هو الآخر على بعث إشارات أخرى من جانبه اتجاه المخزن، فبعدما قال أنه سيرتدي ربطة العنق حينما يدعوه الملك للقصر، لتسميته رئيسا للوزراء، قد يفاجئ الجميع بدون لحية في لقاءه مع عاهل البلاد...لكن ستكون لديه خيبة أمل كبيرة إذا ما سْبق "العيد بليلة" وحلق لحيته من الآن، ليفاجأ بعد ذلك بتسمية الملك لقيادي آخر من حزبه رئيسا للوزراء.