وسط حضور غفير، تتقدمه مجموعة من الفعاليات السياسية والثقافية المغربية، لاسيما من الأحزاب اليسارية، استقبلت القاعة الرئيسية بالمكتبة الوطنية بالرباط، مساء اليوم الجمعة 1 فبراير الجاري، حفل تقديم كتاب الجزء الأول من مذكرات المناضل محمد بنسعيد أيت يدر، تحت عنوان “هكذا تكلم محمد بنسعيد..”، الصادر عن منشورات مركز محمد بن سعيد أيت يدر للدراسات والأبحاث. واستعرض بنسعيد أيت يدر، في كلمته بمناسبة حفل تقديم الكتاب، مجموعة من المحطات التاريخية الأساسية في تاريخ المغرب المعاصر، سواء أثناء فترة الاستعمار أو بعد الحصول على الاستقلال، مبرزا ما اعتبره فرصا ضائعة أبعدت المغرب عن سكة بناء الدولة الديمقراطية الحديثة.
وتحسر أيت يدر عن ضياع هذه الفرص التاريخية، والتي لخصها بالأساس في صراعات النخب المغربية فيما بينها بعد نيل الاستقلال، مشيرا في هذا السياق إلى الانشقاق الذي حصل بين فصيل علال الفاسي وبين فصيل بلحسن الوزاني، مؤكدا أن هذه المسألة أثرت على بناء استقلال حقيقي، وذلك نظرا لافتقاد الحركة الوطنية لوحدة الصف، الشيء الذي اعتبر بنسعيد أنه أثر كثيرا على قوتها. من جهة أخرى، دعا المناضل السياسي إلى إعادة الثقة بين المواطنين المغاربة وبين الدولة، مطالبا الأحزاب اليسارية المغربية بوحدة الصف واسترجاع المبادرة، كما لم يغفل التوقف عند النزاع حول الصحراء، مشددا على وقف التوتر القائم بين المغرب والجزائر، قائلا: “مستقبل المغرب هو الجزائر ومستقبل الجزائر هو المغرب”. من جانبه، توقف الأستاذ الجامعي عبد المجيد القدروي، في قراءته للكتاب، عند جملة من الأسئلة تخص طبيعة الكتاب، متسائلا عما إذا كان وثيقة تاريخية، نظرا لتناوله مجموعة من الأحداث الأساسية متعلقة بالتاريخ المعاصر للمغرب، أما أن الكتاب يمكن إدراجه ضمن السيرة الذاتية، وذلك بسبب طبيعته الأسلوبية التي يطغى عليها ضمير المتكلم، وصفا الكتاب بأنه “رواية بأبطال حقيقيين ” على حد تعبيره. واعتبر المتحدث ذاته أن الكتاب يضم ثلاثة أبعاد؛ الأول يكمن في البعد التاريخي، فيما البعد الثاني يتعلق بالجانب التوثيقي الخاص بمجموعة من الوثائق والصور المدرجة بالكتاب، بينما البعد الثالث مرتبط بالبعد المؤسساتي الخاص بالاسرة والمؤسسات التعليمية. من جهته، طرح محمد الساسي، أستاذ جامعي وعضو المكتب السياسي لحزب الاشتراكي الموحد، مجموعة من الأسئلة حول التاريخ المعاصر للمغرب، معتبرا أن هذه المذكرات من شأنها أن تقدم إيجابات في شكل إيضاءات. بالمقابل، استعرض موليم العروسي، الكاتب والأستاذ الجامعي، مشاهد متعددة من المذكرات، لاسيما تلك المرتبطة بطفولة آيت يدر، مؤكدا بأن بعض المحطات في حياته هي التي ساهمت في تغيير مساره، مشيرا على سبيل المثال إلى لقاء محمد بنسعيد آيت يدر، عندما كان شابا، مع الراحل الملك الحسن الثاني لما كان لايزال ولايا للعهد، وحديثهما حول ضرورة مواجهة الاستعمار.