الرئاسة المغربية لمجلس السلم والأمن لشهر مارس.. المملكة تدعو إلى تعزيز دور لجنة الحكماء    الأداء السلبي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    نسبة ملء سدود الجهة الشرقية يبلغ 49 بالمائة    العراق يملك واحدا من أعلى احتياطيات الذهب عربيا ب162طنا    مسؤولون يترحمون على محمد الخامس .. باني الأمة ومضحي للاستقلال    انتخاب بوعياش بالإجماع لرئاسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان    تلوث الهواء يطال 14 مدينة هندية    أمطار وثلوج ورياح تقصد المغرب    الملاحة البحرية تضطرب في طنجة    العم مشتبه في قتل الطفلة "جيداء"    الناصيري ينفي الإساءة إلى حجيب    مجلس الحكومة يناقش حصيلة العمل مع البرلمان    استمرار المعاناة والإقصاء منذ عام ونصف يدفع متضرري الزلزال إلى الاحتحاج في مراكش    أمطار وثلوج مرتقبة اليوم الثلاثاء بالمغرب    الشابي يشيد بقتالية الرجاء بعد الفوز على النادي المكناسي    الحبس والطرد من الإمارات.. تفاصيل قضية الفاشينيستا روان بن حسين في دبي    صيدلاني يشجع الشك في "الوعود الدعائية" للعقاقير الطبية    علماء: الإكثار من الدهون والسكريات يهدد المواليد بالتوحد    نهضة الزمامرة يعيّن الفرنسي ستيفان نادو مدربًا جديدًا خلفًا لبنهاشم    المسرح يضيء ليالي الناظور بعرض مميز لمسرحية "الرابوز"    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    توقيف شخص متورط في سرقة وكالة لتحويل الأموال بطنجة تحت التهديد    عمر الهلالي يعرب عن رغبته في تمثيل المنتخب المغربي    فتح باب الترشيح للاستفادة من دعم مشاريع النشر والكتاب هذا العام    البنك الدولي يكرّم لبنى غالب بجائزة القيادة في النوع الاجتماعي    انتقادات لاذعة تطال نيمار لمشاركته في "كرنفال ريو"    أمانديس تُحيي اليوم العالمي لحقوق المرأة بأنشطة مميزة في طنجة وتطوان    عمليات ‬واسعة ‬للتوسيع ‬والتحسينات ‬بمطارات ‬المغرب ‬بهدف ‬بلوغ ‬80 ‬مليون ‬مسافر ‬    توقعات أحوال الطقس ليوم الثلاثاء    الوداد الرياضي يستعد لمواجهة اتحاد طنجة بغيابات وازنة    كيف يؤثر الصيام في رمضان على الصحة ويحسنها؟    ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.. باريس سان جرمان يسعى للثأر من ليفربول    كاف تفتح طلبات البث التليفزيوني لبطولاتها    تقرير: أسعار العقارات سجلت استقرارا خلال العام الماضي    غواتيمالا.. إعلان حالة التأهب وإجلاء المئات إثر ثوران بركان فويغو    الصين تختم اجتماعات القيادة السنوية    مهنيو قطاع سيارات الأجرة يطالبون الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بوقف بث إعلان شركة "إندرايف"    تناول السمك يتيح تطور الشخصية الاجتماعية عند الأطفال    الجزائر بين العزلة الدولية وسراب النفوذ أوحينما لا تكفي الأموال لصناعة التحالفات    حتى ‬لا ‬تبقى ‬الخطة ‬العربية ‬الإسلامية ‬لإعمار ‬غزة ‬معطلة ‬    قمة ‬جزائرية ‬تونسية ‬ليبية ‬لنسف ‬القمة ‬العربية ‬الطارئة ‬في ‬القاهرة    الصين: متوسط العمر بالبلاد بلغ 79 عاما في 2024 (مسؤول)    تنظيم الملتقى الأول ل''رمضانيات السماع و المديح للجديدة    الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.. من الشعارات الانتخابية إلى محكّ السلطة    شخصيات عربية وإفريقية وأوروبية بارزة تنعى الراحل محمدا بن عيسى    مركز في بني ملال يحتفل بالمرأة    غضب شعبي يجتاح سوقا بصفرو    الجديدي يفرض التعادل على الحسنية    دليل جديد يتوخى توعية المغاربة بمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب    ‬"وترة" يدخل دور العرض بعد رمضان    برعاية إبراهيم دياز .. أورنج المغرب تطلق برنامج Orange Koora Talents    جماعة بني بوعياش تنظم ورشة لإعداد برنامج عمل الانفتاح بحضور فعاليات مدنية ومؤسساتية    بعثة تجارية ألمانية لتعزيز التعاون الاقتصادي في قطاع الفواكه والخضروات    ملخص كتاب الإرث الرقمي -مقاربة تشريعي قضائية فقهية- للدكتور جمال الخمار    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ..؟" !!(1)    دراسة: الكوابيس علامة مبكرة لخطر الإصابة بالخرف    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة كارلوس غصن مع الصناعة المغربية
نشر في لكم يوم 22 - 01 - 2019

– بعد وضع برامج لتأهيل قطاع الصناعة التقليدية و لإنعاش الصناعة النسيجية مع ترقية الاستثمارات في مجال صناعة قطع الغيار الخاصة بالطائرات عنطريقاستقبالمساهميندوليينجدد
ï قامت الدولة المغربية في مخططها للإقلاع الصناعي بإدراج خطة لتوطين صناعة السيارات في المنطقة الحرة فبادرت بالتعاقد مع شركات مستثمرة في الميدان افتتحتها بالاستجابة فورا للعرض الدولي الذي قدمه آنذاك المدير التنفيذي ل Renault nissan كارلوس غصن
– فوقعت معه في البداية اتفاقية شراكة وتفاهم لبناء مصنع تم توفير له خصيصا مساحة مكونة من مئات الهكتارات و توصيله مباشرة بالميناء المتوسطي عن طريق مخصص فضلا عن خط مفتوح للسكك الحديدية
–فجاء إذن رئيس اكبر تحالف صناعي قوي في قطاع السيارات (رينو–نيسان–ميتسوبيشي) ، و أكبر منتج لمركباتها في العالم (الملايين من العربات ) إلى بقعة شمال إفريقية مازالت صناعتها الجنينية تبحث عن منفذ لها بين الدول الصاعدة حاملا تباشير معجزات تلك العولمة المحلوم بها و وعودها في تحقيق طموح اي دولة فتية سائرة على طريق النمو تتنافس بقوةلجذبالاستثماراتالأجنبيةإلىأراضيها
– فمند بداية صعود نجم كارلوس غصن كمدير تنفيذي طموح ومثابر يخطط ويبحث عن مواقع ومنصات لزيادة الإنتاج بتكلفة منخفضة مركزا خاصة على دول أوروبا الشرقية صارت عروضه وتحركاته على الصعيد الدولي مراقبة عن كثب من طرف المستثمرين الكبار و الحاضنين الدوليين و تثير ايضا انتباه الكثير من مسؤولي الاقتصاديات الفقيرة صناعيا و الهادفة لعقد اتفاقيات شراكة مع خبراء مصنعين من هذا الصنف طمعا في تسريع سيرورة إقلاعها الاقتصادي وبغية استجلاب مهارات تقنية فنية تحسب على دائرة المهن الدولية الأكثر كفاءة و تطلبا
مسؤولوا الدولة المغربية و من أعلى مستوى تلقفوا الخبر السار و اطلعوا على البيانات المقترحة و سارعوا بأخذ المبادرة وفتح الأبواب على مصراعيها للوافد الصناعي الجديد
فتم كما هو معلوم إطلاق مشروع مصنع طنجة
ليبدأ الموقع تدريجيا وبوتيرة متصاعدة في إنتاج وتركيب نماذج من السيارات مثل داسيا أو لوجان والانطلاق لتصدريها عالميا تحت سلطة علامة renault
الذي كان دوما راسخا في نظر رجل أعمال مخضرم ككارلوس غصن الذي عرف بالصرامة و السرية في التدبير و ارتبط همه الاساسي بتحصيل الفوائد و الرفع من وتيرة الإنتاج وجعل المساهمين في البورصة العالمية مطمئنين وكسب ثقتهم في كل خطوة يتخذها هو أن مصنع الشركة المتموقع في منطقة تسمح بمزايا الاستثمار السهل ينبغي أن يتحول أولا و أخيرا إلى منصة مفتوحة تستوعب كل المشاريع المدرة للربح بأقل تكلفة وهذه اهم الأولويات الاستراتيجية للمجموعة كلها كما أشار إلى ذلك مرارا
ï ï فإذن صناعة السيارات بتكلفة جد منخفضة كان هاجس كارلوس غصن الدائم مند اعتلائه عرشها في إدارة الBusiness بحرفية مشهود لها بالنجاعة في إيجاد منافذ الربح السريع
ï فهو لم يرحل كل قواعد شركة renault إلى الحاضنة الجديدة (المغرب ) بل إتكأ بالموازاة مع ذلك على توقعات الدولةالمغربية
ï في ان تنجح خطتها الصناعية المعلنة و المنفتحة على الخارج و تجذب شركات عالمية مهتمة بالاستثمار في المناطق الصناعية الجديدة، والاستفادة من القرب الجغرافي من الأسواق الأوروبية والعربية والإفريقية، و حتى تلك الراغبة فقط في الحصول على اتفاقات الشراكة والتسهيلات للتموقع في المناطق الحرة
يعني ، للتدقيق ، و من الوجهة الاختصاصية ، تلك الاذرع الصناعية من المشتغلين في قطاع تزويد المركبات بالأجزاء و بالقطع التكميلية
وذلكعنطريقتقديمخدماتوتسهيلاتمغريةللإستثماربدونوضعتقييداتعلىرساميلهاالمتنقلة
بحيث ستستفيد كما هو الامر بالنسبة لشركة رونو من انخفاض أجور العمالة الرخيصة لأن الأجر الشهري لن يتجاوز سقف 250 أورو بالمقارنة مع دول أوروبا الشرقية التي ارتفع فيها إلى الضعف والتي انسحبت منها كثير المجموعات الرأسمالية الباحثة عن الربح السريع لهذا السبب
– توفير مثل هذه التكلفة جد المنخفضة و مايتبعها من الامتيازات الضريبية هي وقود الجرافة التي ستجعل كارلوس غصن يكتسح أسواق اوروبا و كثير من بقاع الدول الناشئة
فبتصديره المنتوجات الصناعية من المنصة الشمال –إفريقية سيسمح للعلامة التجارية داسيا ( المشتراة سابقا من طرف شركة renault بثمن بخس سنة 1999 ) أن تظل قادرة هذه المرة على المنافسة في السوق الأوروبية وغيرها بحيث لا أحد سيحقق ارباحا بنفس الحيلة التجارية التدبيرية التي يحبكها و يحوز أسرارها وألاعيبها التسويقية
كل هذا لتلميع بريق الواجهة الاستهلاكية والسماح للأشخاص الذين لديهم مدخول محدود شهريا و إدخارات متعثرة بنكيا بشراء سيارة حاملة العلامة التجارية داسيا في انتظار أن يلتحقوا بصفوف زبناء رونوالفعليينالمعروفينبمتطلباتهمفيمايخصالجودة
– الدولة المغربية خططت لكي تعمل ضمن نظامين للصناعة :
اولهما نظام المناولة أو ما يعرف بالإنتاج الكمي المتسلسل على غرار ما تقوم به بعض التجارب الآسيوية للزيادة في الانتاج بكل السبل حتى لو كان على حساب متطلبات الجودة لاستهداف الرفع من مردودية التصدير
ثم تركت أمر نظام الجودة و ابتكار الموديلات إلى ما ستتمخض عنه تفاعلات تجربة الشركات الصناعية الدولية فيما بينها داخل حدودها
وهو نظام من الصعب بمكان في المدى المتوسط أن نتوقع أن الصناعة المحلية ستنجح فيه حتى لو كان كارلوس غصن قد وعد المسؤلين الرفيعين عندنا بأن تركيب سيارات منتوحات رونو ستصل مستقبلا الى 80 في المئة اعتمادا على التزود من سوق المناولة المحلي الذي هو في الاخير ليس إلا إنتاج خاص بشركات المزودين الأجانب الذين حلوا بالمغرب وطبعا ليس لاعانته بصبر وتفهم على تكوين الموارد البشرية و على اتقان المهن الجديدة بل همهم الأساسي الهرولة لمواكبة إطلاق رونو لمشروعها الضخم في منطقة حرة سيادية لاتكلفها شيئا …
و غم ذلك سيستمر المسؤلون في التلويح بالمنجزات القادمة ويرون أن للمغرب حق كدولة طموحة في امتلاك الخبرة والتكنولوجيات الحديثة. وان الخطة حتما ستُساهم في زيادة التدفقات الاستثمارية الخارجية بما يسمح بمعالجة أزمة السيولة النقدية الداخلية
من وجهة نظرنا صناعة السيارات برأس المال المغربي لا تزال محدودة للغاية بسبب اختيار الحكومة تسهيل ، و على وجه التحديد ، ترك الشركات متعددة الجنسيات اقتحام هذا الميدان على أراضيها دون عراقيل تقيد جموحها في الاستحواذ على الأسواق دون فائدة تذكر للشركات الصغرى المحلية
الا ربما ما روج له اعلاميا في فترة ما أن هناك مشروع أو مشروعان باشتراك مع الأجانب لمساعدتهم على تحسين أداء منتوجاتهم التكنولوجية في أفق العمل على إيجاد فرص شراكة حقيقية ومتساوية بين المزودين الدوليين المتعاملين مع شركة رونو والممولين المحليين المؤهلين مستقبلا للقيام بهذا على أكمل وجه
وحتى لانخفي شمس الحقيقة بالغربال
هذا الموقف المحرج المتعلق بنقص المنافسة بين شركات المناولة المغربية الصغيرة مع مصنعي المعدات العالميين هو نتيجة مباشرة لاختيار كارلوس غصن
و أيضا بموافقة من الحكومة المغربية مند بداية تنزيل منصة رونو renault الصناعية بمنطقة طنجة.
فعند بداية المشروع ، و بالنظر إلى قصور الموردين المحليين في توفير اللازم ، التجأت رونو الى خيار استدعاء موردي المعدات الخاصة بها وبجودة كبيرة تفوق منطق الجاذبية منطق زيادة مهارات المنتجين المحليين .
في مقابل ذلك النقص و بالنسبة لكل من الدولة المغربية والشركة المصنعة ، كان ذلك هو الحل الوسط و الوحيد القادر على الاستجابة بفعالية لمتطلبات إنجاز التحدي بسرعة وبالجودة النسبية وبالتكلفة المدروسة لإنتاج سيارة خفيفة مصممة للتسويق بالثمن المنخفض كما هو مسطر في أجندتها
هذا يستدعي منا طرح اسئلة عديدة
هل الدولة المغربية تملك فعلا نظرة براغماتية تعتمد على تكوين شبكة مناولة قادرة على مرافقة مشاريع التصنيع على المدى البعيد
فالتقيد بإستراتجية صناعية المراد منها خلق قطب صناعي ناشيء في إنتاج مركبات السيارات يتطلب أولا :
شبكة مناولة هامة من عشرات المقاوالات الصغرى والمتوسطة التي تحوز خبرة مؤهلة في صناعة الإكسسوارات والتجهيزات الاخرى التي تدخل في تركيب السيارات ï ï فنسبة ادماج الشركات في مواكبة هذه الصناعة الأجنبية فقيرة حتى لانقول شبه منعدمة
لأن الإستراتيجية التي اعتمدتها الدولة والحكومة منذ البداية كانت وفي نظر كثير من المتتبعين اندفاعية واستباقية فالمنطقي قبل إطلاق مشاريع من صنف صناعة للسيارات بشراكة مع مستثمرين أجانب دعم مجالالمناولةالذييعدالعصبالحقيقيلأيصناعةثقيلة
أراء الخبراء المعتمدين المحسوبين على مكاتب دراسة المشاريع من صنف mackenzy كان همهم الوحيد الدعاية والتسويق على أن المنطقة الصناعية الحرة في المملكة المغربية ستتبوأ مكانةالقطبالجذابلصناعةالسياراتفيشمالإفريقياكلها
ï في خلاصة الدعاية لصناعة حقيقية للسيارات وإنتاج للمركبات لايتم دون اقامة شبكة المناولة مسبقا تقوم بصناعة أجزاء قطع الغيار محليا وتصدريها للخارج وتضمن نسبة اندماج كبيرة لشركاتها في مواكبة أي شركة عملاقة كما هو الحال مع renault
فالعيب يقع كليا على مصنعي السيارات الأجانب بأنهم لا ينقلون التكنولوجيا والخبرة التقنية الفنية كما يجب في ميدان مهن السيارات للاستعانة بالمؤهلات البشرية المحلية عوض استدراج مورديها ومزوديها من خارج البلاد للتمويل بحكم السبق والتفوق في العتاد والخبرة
وهذا ماسنتناوله في الجزء الثاني من المقال مع ذكر إشكاليات أخرى خاصة بتعقيدات الاستثمار الصناعي في بلد هش اقتصاديا كالمغرب
ïجمال أكاديري كاتب– باحث 2019


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.