الخميس 22 نونبر 2012 وأخيرا، بعد أزيد من خمسة عقود من الاتساع في عهد الاستقلال ، بات في حكم الامكان ان تكون لهاته المدينة ، وثيقة قانونية مرجعية ، هي تصميم التهيئة. ذلك ما يستفاد من الاخبار المحلية الاخيرة بخصوص إعداد الوثيقة المذكورة،الذي دخل في مرحلة متقدمة من المداولة ،حيث تم عرض المشروع مؤخرا على المصالح التقنية الحكومية ، قبل أن ينشر على عموم المواطنين المعنيين .وذلك حسب المراحل المنصوص عليها في التشريع الخاص بمجال التعمير . ولا يسع المواطن القاطن بهذه المدينة ، إلا ان يعتبر هذا الامر حدثا تاريخيا بالنظر لطول المدة ، ومكسبا بالنظر لانعكاساته الايجابية المحتملة على مآل المدينة ، متمنيا أن يتم الاعداد والاقرار في ظروف وآجال مقبولة ..... وأن يحظى بالتطبيق في العشرية اللاحقة من عمر المدينة.هذه المدينة التي صنعها المعمر صنعا ، كما تصور وأراد، فسلمها لأصحاب القرار منا ، لتتحول الى ما هو ماثل للعيان اليوم . فعندما يتأمل الملاحظ في ظاهر المدينة ، ويجد "الواد" الطبيعي يشقها لعدة عقود ،ينغص حياة اهلها عند اقل زخة مطرية ، ويرى الواحة والأشجار تغتال بمزرعة تاركة، ليحل محلها البناء العشوائي ،ويجد معمل البوطاكاز بجوار مؤسسة جامعية ، ومحطة التطهير المكشوف في مهب الرياح الشرقية التي تنشر الروائح الكريهة على السكان .... عند الوقوف على هاته المتناقضات وغيرها ، يتساءل المرء، بأسى وأسف ،عن المنطق الذي كان يخضع له نمو المدينة فبل أن يبدأ الحديث عن وضع تصميم للتهيئة . ولعل هذا ما تلمح له وثيقة التشخيص بصيغة محتشمة، عندما تقول بأن من أهداف التصميم ،" إصلاح بعض التناقضات المطروحة من خلال التوطينات غير المنسجمة وغير الملائمة للجزيئات السكنية والهيكلة الطرقية الكبرى، وكذلك تلك المتعلقة بالتنطيق المتجاوز لبعض الجيوب السكنية بالمدينة. وإيجاد حل قانوني نهائي للمشكل المتعلق بالمناطق المهددة بالفيضانات"، بينما تقر بوجود "إشكاليات كبرى" في مجال البيئة والاخطار الطبيعية ، تتمثل في "تواجد مناطق فلاحية وقصور داخل المدار الحضري ،مع تطور للسكن غير المنظم .و"خطر الفيضانات الذي يتجسد في المناطق المحاذية لمجرى الواد الاحمر". ومن "الاختيارات الاستراتيجية "التي بدت لنا غامضة ، وربما متنافرة مع التشخيص ،تلك المتعلقة ب "المحافظة على المناطق الفلاحية والقصور الموجودة داخل المدار الحضري، وذلك عبر تنطيق ملائم يمكن من استمرارية الاستغلال الفلاحي.(؟؟؟؟؟ ). وعلى كل ، فإذا كان من المستبعد تخيل نوع من "جبر الضرر الجماعي" الذي يحق للكثيرين بصيغ مختلفة ، نتيجة القرارات السابقة، فالأمل معقود على إرادة الفاعلين الحاليين،إدارة وتنظيمات ومواطنين، في جعل هذا الحدث المعماري ، حدث توفير مرجع تفني وقانوني للنمو ، فاصلا في حياة المدينة ومحيطها ،يوفق بين الصالح العام والمصالح الخاصة المتباينة ، وبين الموروث الاستعماري وضرورة "التأصيل المغربي"،وبين متطلبات النمو والتنمية وحماية الواحة الهشة من التلاشي والاندثار.