هان الوطن وهُنّا يا حنين الشتيتين على رسلك اتنا، واحجز تذكرة لحجرة النسيان. ولملم حواشي الكلام .. وانثني كيلا يصاب الزمن بالدّوار . لقد أعياني التسكع بين دروب الكلمات، وأخذ مني الجَهد تَثاقلُ الخطو صوب المدى المُترع على المجهول.. فيا شجن البوح انتفض .. وارشقني بالحروف الموات، لعل انكسار الطوق يحررني .. ويغرس فيَ نزق الولادة من حمأ مُضَمّخ ينجيع قان. لأحثو التراب في وجه التاريخ الممسوخ، والنسوخ بأشلاء الشهداء.. فيا كبرياء التاريخ تجلى.. واشهد أنّا هنا . صدورنا عارية واقفون. صامدون نصُدُّ سديم الردى الزاحف من سهام الطغاة.. واشهد أن أبناء جلدتنا قد هان عليهم الوطن وهُنّا . واشهد أن ضاق بهم الفهم فأنكروا علينا ذواتنا بدعوى أننا لا نُحكم من ذات الفرد مرتين ! بل ثلاثا وأربعا ، ومن بعده النّجلُ والحفيدُ والنسلُ إلى أبد الآبدين.. واستكثروا علينا استنشاق نسائم الحرية برئتين، وأن نشرب من ماء الحياة جرعتين.. بدعوى أننا لا نستحم في ذات النهر مرتين .. وأن أفهامنا قاصرة أن تدرك بأن للكراسي صولة تستدعي من أجلها أن تسلب الناس حياتهم لتعيش من أجلها حياتين وتقبض من ذات المَلَك مرتين.