بعد مناقشة فيلم الذاكرة 14 الذي تم عرضه مساء يوم الخميس كواحد من بين الأفلام التي تطرقت إلى حقبة الاستعمار التي اعتبرتها مجمل مداخلات المشاركين في حلقة النقاش بأنها لم تحظى بكثير من الاهتمام لدى المخرجين المغاربة، انطلقت أشغال اليوم الدراسي حول سينما البوعناني بغرفة الصناعة والتجارة بمشاركة ثلة من النقاد وفي مقدمتهم القاص والناقد الأدبي والسينمائي محمد شويكة الذي وصف البوعناني في بداية مداخلته بالإنسان المتأمل لكثرة صمته واستماعه للطبيعة فقط والمتتبع والملتزم بقضاياه الوطنية من خلال أفلامه التي تشهد على احترافية الرجل وضلوعه في مجال السينما الوثائقية بدء بمواجهة المواضيع بشكل واضح، وتفضيل التصوير في الضوء الطبيعي في كثير من الأحيان مرورا بالشعرية في التعليق التي تجعل المتلقي يتفاعل مع الفيلم بتلقائية وصولا إلى تمكنه من المونطاج من خلال تحويل المادة الأرشيفية إلى مادة حية وفي مداخلة له بالمناسبة حاول الأستاذ الباحث والناقد مولاي إدريس الجعايدي – وليس الجريدي كما ورد في تقرير حفل الافتتاح- الوقوف عند بداية علاقته بالمخرج البوعناني الذي وصفه بالأسطورة التي يصعب الإحاطة بها، كما وقف مولاي إدريس الجعايدي عن الظروف أو الجروح كما سماها التي جعلت من البوعناني شخصية فريدة من نوعها في عالم السينما من بينها فقدانه لأبيه والتهميش الذي تعرض له بعد عودته من الديار الفرنسية خاصة إذا علمنا أن أعماله تتسم بالتصدي للفكر المؤسساتي بالإضافة إلى فاجعة موت ابنته الباتول لما احترق منزله بالدار البيضاء الشيء الذي دفع به إلى مغادرة المدينة إلى قرية نائية بعيدا عن ضوضاء المدينة وصداعها إلى أن وافه الأجل هناك، وأكد الجعايدي أن مساءلة الماضي لفهم الحاضر والتجربة الكبيرة في تقنيات السينما من أهم مميزات سينما البوعناني وأشار بأن للراحل كتابات لم ترى النور بعد أهمها كتاب في 3 مجلدات حول تاريخ السينما في المغرب. أما مداخلة الدكتور سعيد كريمي فقد ركزت عن أحمد البوعناني كشاعر وكاتب وصاحب رأي من خلال مقالاته التي نشرت في مجلة "أنفاس" اليسارية الذائعة الصيت خاصة تلك المقالة المبكرة التي تحدث فيها البوعناني عن الشعر الأمازيغي ككنز ثمين من كنوز التراث الشعبي المغربي. أما الناقد بوشتى فرقزايد الذي عنون مداخلته بالسراب أو السينما الشعرية إذ تطرق من خلالها إلى الشعري في جانبه اللفظي والبلاغي والسينما طوغرافي في فيلم السراب للمخرج أحمد البوعناني الذي يتميز بلغته الشعرية الشاعرية الزجلية والتي كانت بمثابة القاسم المشترك بين جميع شخصيات الفيلم، وقد اعتبر بوشتى أعمال الراحل السينمائية درسا من دروس السينما العالمية. وللإشارة فإن هذا اليوم الدراسي كان من المقرر أن يقسم إلى حصتين حصة صباحية ومسائية إلا أن غياب بعض الضيوف وعلى رأسهم محمد عبد الرحمان التازي الذي اكتفى برسالة ألقاها بالنيابة عنه مدير المهرجان الأستاذ عامر الشرقي جعل المنظمون يكتفون بالحصة الصباحية فقط والتي تميزت بحضور لا بأس به خاصة في صفوف الطلبة.