الرشيدية: عبد الفتاح مصطفى كانت الساعة تشير الى الثانية عشرة من يوم السبت 1 نونبر، وكان الجو مضطربا يوحي بقرب تهاطل الأمطار، الرشيدية: عبد الفتاح مصطفى كانت الساعة تشير الى الثانية عشرة من يوم السبت 1 نونبر، وكان الجو مضطربا يوحي بقرب تهاطل الأمطار، ورغم ذلك قررت القافلة الدخول إلى مركز كرامة المنكوب بعد عدة تأجيلات كان مردها سوء الأحوال الجوية. استقبلتنا القنطرة الرئيسية للعبور إلى المركز وجزء منها جرفته المياه لتشكل دوما خطرا على العبور إذا ما جادت السماء بأمطار طوفانية أخرى، رغم الإصلاحات التي دأبت مندوبية التجهيز بالرشيدية منذ الفيضانات الأخيرة على القيام بها لفك العزلة عن المنطقة. دخلنا كرامة بشاحنتين تابعتين لمندوبية التجهيز التي زودت بهما شبكة الجمعيات التنموية لنقل المساعدات الغذائية والأفرشة إلى ضحايا فيضانات التاسع والعاشر من أكتوبر الأخير بمنطقة كير الأعلى ومركزها قرية كرامة. الحياة في كرامة ومجموع القرى المكونة لها أصبحت بدون معنى، والإحساس بالمرارة والإحباط شيئان يسريان على الجميع، و لا أعرف ما الذي يشجع الناس على البقاء في أرض تتساوى الحياة فيها مع الموت، خاصة بعد الفيضانات الأخيرة التي أرجعت العديد من السكان الى مرحلة «الصفر». وعند وقوفنا بمقر القيادة، توقفت للتو سيارة جيب الدرك قادمة من الريش، بها دركيان معهما لائحة بأسماء دواوير نائية منكوبة يريدان معاينتها. وعند الاطلاع على أسماء تلك القرى، تدخل القائد وسكان كانوا بيننا، ليخبروا الدركيان بأن هذه المناطق ما زالت محاصرة ولا أحد باستطاعته التوجه إليها لصعوبة المسالك وهي: تلالو وبوعطية وأدشار وتيجان وألمو أبوري. وهي قرى تبعد عن المركز بأكثر من ستين كلم، وسكانها رحل، لا يملكون سوى خيام، جرفتها السيول، وهم مستقرون اليوم في الجبال والكهوف. «واو»، صرخ (م.مو) ناشط جمعوي، مستطردا «كيف يعيش هؤلاء السكان في هذه الظروف؟». ورغم إخبار أعضاء شبكة الجمعيات التنموية بقدوم المساعدات الغذائية إلى كرامة ذاك اليوم, فإننا لم نجد في استقبالنا سوى قائد المركز ومساعديه، فيما لم يظهر أثر لأعضاء المجتمع المدني بالقرية، فانتظرنا قدوم رئيس الجماعة القروية الذي فتح مقره الافراغ الشاحنتين على وقع القطرات الأولى من المطر . «شحال من واحد شد المعاونة اللولى، طاحت ليه فالواد، ما وصلها كاع لولادو». بهذه العبارات استوقفني أحمد امحند الذي يسكن بمنطقة تولال البعيدة عن المركز بعشرة كلمترات. مضيفا: «عدد من المنازل بتولال منهارة أو مشقوقة .. حنا خيفين.. والمعلم الى جا الواد ماكا يحضرش..». أما أوصاف ابراهيم فكان يقترب مني وأثر الحيطة والحذر بادية عليه، ينظر إلى يمينه وشماله، وعندما استفسرته، رد علي بصوت خافت : «راه الشيخ كي...» وتوقف. ثم شرع يحكي المعاناة: «قنطرة تولال تهدمت وهو المعبر الرئيسي لعدد من الدواوير، والقرية منقسمة إلى شطرين، يفصلهما الوادي. والمسلك الوحيد الذي نمر منه هو «تيسكراف»، وهو من مسالك فترة الحماية، ولولاه لبقينا محاصرين». أما : (أ.د) فيضيف: «أنا الى بغيت ولدي يقرى فالمدرسة، خصني نقطعو الواد فوق ضهري كل يوم، لكن هاد النهار جيت للسوق، راه ولدي غايب عن المدرسة. تولال فيها المدرسة، والواد كيقسم القرية لجوج، شرق وغرب.... اللي فالشرق حداه المدرسة، و للي فالغرب خصو يقطع الواد». أما المواطن ألمو أمحند من جماعة كير فقال: «أنا بغيت غير نشعل التلفزة باش نشوف أش كاين، بغيت نعرف الأرصاد الجوية أش كتقول، نعرف إلى كان شي انذار ...». بمرارة تحدث لنا ليستفسر عن سبب عدم إرجاع التيار الكهربائي إلى قريته أيت يحيى أخليفة، وقرية تامزيلت، فيما القرى الأخرى بها الكهرباء. ويضيف: « جماعة كير محرومة كذلك من الماء الشروب، والماء الذي نشربه غير صالح». وبمنطقة أعشير يقول أشلح يوسف رئيس جمعية أعشير: «المزارع دياولنا مشاو.. بهم كنا كنعيشو. الخيام حتى هما، وسد عشير مهدد للي كايحمينا. راه توصلنا بثلاثين مساعدة، واحنا سبعين متضرر» الناس هنا كلهم متضررين، يريدون اسماع معاناتهم إلى كل الجهات. الاحداث المغربية