تحت أثير النسمات أصحو كل صباح ، لألهو مع بنت بالخيمة المجاورة لخيمتنا ، نوقظ الكلام بدواخلنا كما الطلح ينبعث بصحرائنا، نبني سويا قلعا من حفيف الرياح على وجه الرمال نرسم بسمة بأنامل تقطر حليب الطفولة... نغرس شجرا نسقيه أملا و أفراحا ، نقطف منه شهوة بريئة.. على جذع الشجرة نقشنا عهدا.. دفنا كلامنا المباح .. أمست ليالينا تداعب طفولتنا تدعو جارتي لتقلدها الوشاح ، نشهدها أننا بمتم نماء الشجرة وازدهار براعمها سأزف عروسي و سنجني من الأغصان الغلة والطفولة لكن ما إن بدأت الشجرة في رسم ظلها وكبر الأمل بين أغصانها حتى وقع ما لم يكن بالحسبان ؟! عصابة المرتزقة هجرت ما بخيمة الجيران وسحبت صغيرتي وأهلها تحت النحيب و الصياح رمقتها و أنا طفل مذعور تفارق حلمها تنظر إلى ما تركته من حياة وحبور كأنها تتشبث بعهد الأمس والغد المنظور ، أوراق الشجر صفحات تؤنس العصافير كل يوم أدون عليها ألما و جراحا أغار المرتزقة على الخيمة وساقوا عصفورتي نحو دياجير الجور تركت طفلتي وديعتها معلقة بغصن الشجرة . أمني نفسي
بما تمليه سمائي من ذكريات وبما تكتنزه التربة من أحلام و أفراح تبللها غيمات صدري ، تغسل أخاديد الألم والجراح القي نظرة على النجوم على الكثبان لعلها تحمل عنوانا ينحني غصن الشجرة الصافي الوضاح كما جمل الصحراء تواضع واستراح تارة أشدو أغنية الأمل وتارة اشخص النظر بملل في اتجاه أغوار الفيافي البطاح صار الليل يصطحبني ليل نهار اصطاد من الشمس هنيهة لأرى أديم الشجرة ثم ألف أشعتها على وتد خيمتي في انتظار عودة عصفورتي ولو في كفن ! يا عجبا ! كيف للإنسان أن يقهر الطفولة ويجردها من البراءة ويحشوها فتن ؟ كيف لهؤلاء أن يقترنوا بأجساد تفوح طفولة وينتجوا منها صبية المحن ؟ كيف سمح القلب بهذا القسر العفن ؟ يا عجبا كيف تحولت البراعم الخضراء إلى أغراس يابسة تعصف بها الرياح ، فاقدة للحياة و الوطن ؟. لحسن عايي الرشيدية في :26/05/2010