تختلف أجواء الاحتفال بليلة القدر في المغرب باختلاف عادات وتقاليد كل منطقة وكل أسرة ، وأهم ما يميز هذه المناسبة الدينية في مدن الشمال هو مشهد الأطفال وهم منتشرون في شوارع وأزقة المدينة كالحمام الأبيض، مرتدين ملابس تقليدية يغلب عليها الطابع المغربي الأصيل كالجلباب و«الجابادور» و«البلغة» وطرابيش بيضاء أو حمراء، أما الصغيرات فتراهن فرحات بجلابيهن أو قفاطينهن و«شرابيلهن» والحناء المنقوشة في أياديهن. يقضي الأطفال صباحهم في اللعب مع أصدقائهم وأبناء جيرانهم ينتظرون بفارغ الصبر تفرغ أمهاتهم من الأعمال البيتية لتصحبنهم إلى المصور لإلتقاط صور للذكرى. الفرحة بهذه المناسبة لا تخص الأطفال فحسب، بل تكتسح قلوب كل فئات الساكنة، كبارا وصغارا. فربات البيوت لا يغمض لهن جفن خلال هذه المناسبة منذ صلاة الفجر، فهن يقضين يومهن في تحضير ما لذ وطاب من حلويات، معجنات، عصائر… منصتات إلى القرآن والأمداح ورائحة البخور تنتشر في كل أرجاء البيت. كما أن وجبة عشاء هذا اليوم تكون مميزة مقارنة بوجبات الأيام الأخرى من شهر رمضان الأبرك. تتنوع الأطباق بتنوع أذواق كل أسرة، فهناك من يحضر طبق «السفة» ومن يحضر «الرفيسة» أو«البسطيلة» أو«الكسكس»، وهناك من يفضل ذبح الدجاج «البلدي» بالرزيزة او الفتات وهي أكلات تقليدية من عجائن الرغيف يجعل منه عشاء ليلة القدر، دون أن ننسى إضافة إلى أطباق الفواكه الجافة المتنوعة وحلويات ومشروبات خاصة بالمناسبة… يتميز هذا اليوم كذلك بإقبال عدد هائل من السكان على أضرحة «اولياء » المدينة ، مطبقين مختلف طقوس «الزيارة» كشراء الشمع لإنارة الأضرحة وتلاوة آيات قرآنية وقضاء وقت طويل في الدعاء، راغبين في نيل البركة وتحقيق «أمنياتهم» أما البعض الآخر، فيتوجه إلى مقابر المدينة للترحم على الأقارب المتوفين برش ماء الزهر على قبورهم وتعطيرهم بعود «الند» وغرس نبتة الريحان حولهم، والتصدق بالمال على الفقراء والمساكين وللدعاء لهم بالرحمة والمغفرة. كما يتم استغلال هذه المناسبة في زيارة الأهل والأقارب بهدف إحياء صلة الرحم وتوطيد العلاقة بين أفراد العائلة الذين لا يتم الإلتقاء بهم طيلة أيام السنة في زمن سرعة الإيقاع وضيق الوقت. أما بالنسبة إلى أجواء الأسواق ، فتكون مفعمة بالنشاط والحركة التجارية. بعد الإنتهاء من هذه الزيارات، عند سماع أذان المغرب المرافق ل«ضربة المدفع»، وهو الطقس الذي انقطع -يهرول الأطفال نحو مائدة الإفطار لشدة الجوع بعد يوم طويل من الصيام، فيندهشون لتنوع الأطباق وتعدد الألوان لما يتميز به المطبخ المغربي.وهناك عادات لبعض العائلات عند إفطار الأطفال اللذين صاموا لأول مرة يضعهم على البئردلالة بصفاء الماء وتدفقه. أو يصعدونهم السلم دلالة للارتقاء الدرجات العليا ووضع ريال أصفر في أيديهم لزيادة الرزق والخير ويتم افطارهم بالتمر والحليب على إيقاع الزغاريد وبعد الإنتهاء من الإفطار، يمنح كل أب أوراقا نقدية وعلب الشوكولاطة وشراء بعض الهداية لأبنائه تشجيعا لهم على صبرهم وتحملهم صيام يوم كامل، ثم يصطحبهم إلى المسجد لأداء صلاة العشاء والتراويح جماعة، بينما تبقى النساء في البيت لتجهيز مائدة العشاء. عند الحديث عن ليلة القدر لا ننسى القيام في هده الليلة المباركة والدعاء فهي ليلة خير من ألف شهر. كما تمتلئ الشوارع المجاورة للمساجد ببائعين يفترشون بضائع من قبيل «التسببيح» و«المسك» و«العطور» و«القرآن» و«السجاجيد» و«الأشرطة والأسطوانات الدينية»، ملفتين بذلك انتباه المصلين لاقتناء غرض ما عند دخولهم أو خروجهم من المسجد. وبالمناسبة، تمتلئ المساجد عن آخرها بالمصلين المرتدين لأبهى الحلل الشيء الذي يشعرك بالارتباط الوثيق لإحياء الليلة المباركة بالصلوات وقراءة القرآن ورفع الأيادي بالدعاء في تضرع وخشوع ؛ طمعًا في إدراك أجر الليلة والحصول على العفو والمغفرة. بينما يعود الصغار إلى بيوتهم بعد صلاة العشاء لتصطحبهم أمهاتهم إلى منازل أجدادهم ، حيث تجتمع جل نساء العائلة أما البعض الآخر، فيفضل أداء صلاة العشاء والتراويح ثم العودة إلى المنزل لتناول العشاء مع أفراد أسرته خلال هذه الفترة الليلية، يتمايل الأطفال على نغمات الغيطة المعزوفة من طرف «النفار» الذي يمر في شوارع وأحياء المدينة و يدق أبواب البيوت لنيل (بركة) من السكان .