(فكم فيك من فضل وكم من مزية ** مزاياك لا تحصى تجل عن الحصر ) عندما تستحضر وجه المرحوم الأستاذ عبد السلام اليعقوبي ، فانك لا محالة تستحضر معلمتين لهما الحضور القوي في الوجدان القصري ،الاولى الزاوية البدوية كمؤسسة دينية والمعهد الدين أو الأصيل كمؤسسة تعليمية وكمشتل للأطر التي تخرجت منه وعلى يد أساتذته الكرام الصديق والمبدع عبد العزيز امزيان ، يستحضر أستاذه المرحوم عبد السلام اليعقوبي بالكثير من الود والعرفان بالجميل وبالكثير من الدعاء ، منحني شهادة في حق أستاذه ، قبل أن أدرجها ، لا باس أن أقدم نبده مختصرة عن الفقيد منحني إياها ابنه الأستاذ محمد اليعقوبي مشكورا : ولد المرحوم عبد السلام اليعقوبي بعدوة الشريعة سنة 1930 حفظ القرآن على يد العارف بالله سيدي محمد الجباري بمسي دللا عائشة الخضراء ،درس العلوم الشرعية ثم انتقل إلى فاس لإتمام دراسته بجامع القرويين فحصل منها على شهادة العالمية سنة1957 اشتغل بالتدريس بمدينة العرائش ، استقر به المقام بالمعهد الأصيل (ثاوية وادي المخازن حاليا ) أحيل على التقاعد سنة 1990، توفي رحمه الله سنة 1432ه الموافق 1990 ، أما عن ارتباطه بالزاوية البدوية ، اسند له التقديم على الزاوية المذكورة بعد وفاة والده المقدم المرحوم محمد اليعقوبي بتاريخ 1957 فخصص لها المرحوم وقته لرعاية مصالحها ، جدد بعض بلاطاتها وأعاد تسقيفها ، وأضاف إليها مرافق جديدة وأحدث أوقافا أضافها إليها .. في شهادة الأستاذ عبد العزيز امزيان : تتلمذت على يدي الأستاذ الفاضل المرحوم عبد السلام اليعقوبي في أواسط الثمانينات من القرن الماضي، بثانوية واد المخازن بالقصر الكبير،وكان لي الشرف في ذلك، فقد كان مثالا للأستاذ العالم الفاضل الورع،ونموذجا للمربي العارف المدرك التقي. ما حييت لن أنس وداعته ولطفه، ووقاره ودماثته، وعطفه ورقته، صورته انطبعت في ذاكرتي، وترسخت وثبتت في روحي، تاركة أثرا طيبا لا يمحي ابد الدهر، وخيط شعاع يمتد إلى أخر العمر،ينير الطريق، ويضيء الدرب. كانت دروسه مشوقة، بلغة سليمة وفصيحة ومناسبة لمستوى تلاميذ الفصل، كان مخلصا في عمله، ومتقنا له أيما إتقان، كل ذلك كان يساعده على انضباط الفصل وإقامة علاقة طيبة مع التلاميذ، إذ كنا -جميعا- نحبه ونجله ونحترمه أحسن احترام، بما حباه الله من وقار وهيبة، وإجلال وإكرام، صفات قلما تجدها في شخص واحد. لن أنس درسه ذات يوم، حيث استهله بقاعدة علمية تقول " الحكم على الشيء فرع من تصوره" إذ طفق يوضح ويشرح، ببساطة وتدرج، المعاني التي تتضمنه القاعدة، إذ نبهنا أن لا نحكمْ على شيء إلا بعد أن نتصوره تصوُّرًا تامًّا؛ حتى يكون الحكم مطابقًا للواقع، وإلا حصل خلل،،وضرب لنا أمثلة كثيرة، لتقريب المعنى إلى أذهاننا، ولما شعر أننا تمثلنا الدلالة، شرع في عرض الموضوع قيد التحليل، بتركيز وشمول عميقين، تفاعلنا مع خطوات الدرس ومحتوياته، بنشاط وهمة، كان له الفضل في إذكائهما في نفوسنا،،، أدعو الله عز وجل للأستاذ الجليل المرحوم عبد السلام اليعقوبي، في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان الفضيل، بالرحمة والمغفرة، ويسكنه فسيح جنانه،انه قريب سميع مجيب للدعوات يا رب العالمين. آمين.