كما هو معلوم، لا زالت أطوار محاكمة نشطاء الريف جارية، و تتخللها أحداث ، تثبت أنها ذات طابع سياسي. و آخر ما وقع في هذا الإطار ، هو أن القاضي احنائي : " علي الطرشي" ، طرح على المتابع :"محمد الحمدالي" ، و هو بالمناسبة من نشطاء حراك الريف، السؤال التالي : " هل أنت مغربي؟". هذا السؤال الاستفزازي و المخدوم ، خلق اختناقا كبيرا في الجلسة ، حيث غضب كل من كان في قفص الاتهام ، و ملأت الاحتجاجات قاعة المحكمة ، و طالب الدفاع من رئاسة الجلسة سحب السؤال و الاعتذار للمتابع ، بغية استئناف المحاكمة . أجاب " الحمدالي" بكثير من الثقة في النفس : " أنا مغربي و أفتخر…" و يجذر التذكير أنها ليست المرة الأولى التي يطرح فيها هذا السؤال أو يتم التعليق على وطنية شباب الريف.علما أنهم نزلوا إلى الشارع للمطالبة بحقوقهم الاجتماعية . و قد سبق لحكومة " العثماني" أن اتهمتهم بالخيانة و العمالة للخارج ،و سارت على منوالها الصحافة المأجورة. يقينا أن الحكومة و بعض الصحف تعتبر أن التشكيك في وطنية شباب الريف يعد سلاحا مدمرا يمكن أن يصيب أي معارض في مقتل ، لما للأمر من دلالات عاطفية تعيق إعمال العقل ، و تضلل البسطاء من الناس الذين لا يفرقون بين مفاهيم : الوطن ، النظام ، لحكومة و القانون. لقد أجاب المتهم الماثل أمام محكمة الجنايات على رفع العلم الأمازيغي في تظاهرات الريف ، على كونه يعد هو الآخر من تراث الوطن و على أن الأمر بسيط و لا يحتمل دلالات و رموزا غير مؤسسة. إن السؤال الملغوم لرئيس الجلسة يحمل تشكيكا واضحا في وطنية و مغربية المتابعين. لقد انبرى " ناصر الزفزافي " القائد الميداني لحراك الريف ، لرئيس الجلسة ، إذ اعتبر أن السؤال مستفز يشكك في وطنية المتهمين و يطعن فيها ، مضيفا بنبرة حادة " قد نصبر على التعذيب و التنكيل و التعنيف ، لكننا لن نصمت إذا أهينت وطنيتنا". رفض القاضي الاعتذار بناء على ملتمس دفاع المتابعين ، مما قرر معه المتابعون الانسحاب من القاعة. إن الدولة بكل مكوناتها تعلم أن تظاهرات الريف كانت ذات طابع اجتماعي: العمل ، الجامعة ، المستشفى ، مساءلة الفاسدين …الخ.و بالرغم من ذلك يتم نعت النشطاء بالانفصاليين . لقد اتهم " ناصر الزفزافي " القاضي ب" التناقض" مخاطبا إياه قائلا:" سبق أن أخبرتنا أن هذه المحاكمة عادلة و عادية ، لكننا تأكدنا اليوم أنها محاكمة سياسية ، و اتضح أن الشعب المغربي مهدد ، و أن حرية التعبير في البلاد مهددة أيضا". فيا أيها القاضي و أيها الوكيل العام للملك و رئيس الحكومة و جوقة الصحفيين المتواطئين : احذروا من اللعب بالنار! احذروا أن تقتربوا من مفهوم الوطنية! ابتعدوا عن تجريد الناس منها. هذا سلاح مدمر قد يرتد آجلا على مستعمليه و موظفيه. و اعملوا جميعا أن المدخل لحل هذه الأزمة هو الإفراج الفوري عن كافة نشطاء الريف من دون قيد أو شرط.