تعتبر الاخلاق ركيزة اساسية من ركائز نهوض الامم ورقيها ‘ وقد اجمع على ذلك علماء الاخلاق وعلماء علم الاجتماع ‘ فراوا ان نهضة اي امة اوقعودها وتقدمها اوتاخرها ‘ وحفظ كيانها او انهيار مكانتها يعد اثرا من آثار اخلاقها ‘ فحيث وجدت الاخلاق توجد الامة الراقية ‘ وحيث فسدت الاخلاق تكون الامة المنحطة ‘ فلا رقي ولا نجاح الا بتغيير الاخلاق الفاسدة والقضاء على الصفات الضارة التي تنخر جسم المجتمع . خصوصا وقد اصبحنا في مجتمع انتشرت فيه الجريمة والتخلف والرجعية ‘ وذلك بسبب انهيار منظومة الاخلاق ‘ ويرجع السبب في هذا الانهيار في المرتبة الاولى الى عزوف مؤسسة الاسرة عن القيام بدورها المنوط بها ‘ فنجد كلا من الأب والأم يسعى جاهدا الى العمل من اجل توفير الاموال لاولادهم وتلبية طلباتهم واحتياجاتهم لبناء مستقبل لهم ‘ دون النظر الى المستقبل الحقيقي التي يجب ان يحققاه لهم ‘ والاهتمام بالثروة الحقيقية التي على الآباء ان يتركوها لابنائهم والتى تتجلى في الاخلاق . ويذكر الشيخ مصطفى الغلاييني احد مشاييخ لبنان في كتابه ( اريج الزهر ) في علم الاخلاق وعلم الاجتماع ان ثورة الاخلاق هي ثورة لاصلاح العادات وما درج عليه الشعب من الاخلاق الفاسدة ‘ فالثورة نهوض يقصد منه تغيير في الاخلاق والمجتمع من قبيح الى حسن ‘ ويعطينا الشيخ الغلاييني مثالا او كما سماه في كتابه دليلا بسيطا فيقول : لا ريب في ان حالة الامم المريضة الاخلاق كحالة الرجل الضعيف والمبتلي بمرض من الامراض الذي اذا تناول شيئا من المواد المغذية كاللحوم والخضروات فان مرضه يزيد وشفاؤه يبطؤ ‘ لذلك يسعي الطبيب الى اعطائه العلاج المناسب لتقوية جسمه وارجاع قواه واذهاب مرضه ‘ حتى اذا بلغ القصد وزالت العلة يصف له من المآكل اللطيفة ما يناسب معدته وحين يصل الى درجة الشفاء التام يبيح له ان ياكل ما شاء ‘ وهكذا مرضى الاخلاق تضرهم ثورة الاصلاح ‘ فيجب قبل ذلك ان تداوى اخلاقهم التي هي معدة المجتمع حتى اذا صلحت وتحسنت امكن لثورة الاصلاح ان تؤتي اكلها وتنال مرادها . فلا بد من بذل الجهود في استخلاص الشوائب من نفوس الامة وتنقية الاوضار من اخلاقها وتشذيب المفاسد من بساتين قلوبها ‘ وبغير ذلك لا يمكن النجاح او يتاتى الرقي الذي نسعى الى تحقيقه ‘ فالامة هي السبب في انجاح مقاصدها ‘ وما سبب ذلك كله الا الاخلاق ‘ فعلينا باصلاح الاخلاق اذا اردنا اصلاح المجتمع . وانما الامم الاخلاق ما بقيت فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا