كنت وانا قادم من ساحة مولاي المهدي ، مارا بسماط الحجامة الحلاقين وقبل ان اصل الى حيث كان يجلس الفقيه الحوزي ، يسترعي انتباهي(بنيو الحجام) هكذا اختصر اسمه ، في لباسه الابيض منشغلا بحلق راس زبون ولعل كلمة حجام توسع معناها لم يعد مقتصرا على الحلاقة بل انسحبت على باقي الخدمات الاخرى كالحلاقة وقلع الاضراس والختان ….. كنت اعرف الرجل ، لطالما زار منزلنا بحي الديوان ، اما ليحلق راس ابي رحمه الله او ليخضعه لحصة من الحجامة ،وهكذا فعل مع جدي ، كنت انتظره افتح له الباب لا يسلم بل يدلف مباشرة يعرف طريقه جيدا يصعد الى الطابق الاعلى ، حيت كان المرحوم والدي ينتظره ، كانت العادة ان ياتي صباحا ، لا ادري لماذا كان يقدم له الشفنج ضمن قائمة ما يقدم له كفطور ، اجلس صامتا اتابع حديثه بلكنته الجميلة تختلط الحروف في فمه وينطق الكاف والقاف همزة ،بعد افطاره يبدا حصة الحلاقة او الحجامة بعدما يخرج عتاده من جيب واسع وكانه لا قرار ولا قعر له . تناسلت الروايات حول نوادر بنيو الحجام ، الا ان كل من عرفه يجمع ان الرجل تمتع بالظرافة وخفة الدم وسرعة البديهة ، وقناعة غريبة ، لم يكن يطلب تمنا مقابل خدماته ، بل كان يضع طويسة علبة معدنية يضع فيها الزبون ما شاء له ، ويعمل في اخر اليوم على عد ما جمع من مدخول اليوم واحيانا كان البعض يضع بدل القطع المعدنية اما سدادات القناني او عملات غير متداولة ربما كان يتقبل ذلك بابتسامة ..ولربما لم يكن ياخذ تمنا من بعض الزبناء بعينهم ، الحليوي احد حمالي البلاصة (السوق المركزي ) كان يحلق مجانا مقابل ذلك كلما فرغت خابية الماء يتكفل الحليوي بجلب الماء لها ،هكذا يكون قد طبق نطرية الاقتصاد التبادلي خدمة مقابل خدمة ،وكثيرة هي نوادره قد يحتمل بعضها الصحة وبعضها الكتير من المبالغة ، ويكفيه انه الحجام الذي (دانت له الرقاب ).