"علامة الانس بالله الوحشة من الناس" الصوفي الفقيه ،ثاني أقطاب الصوفية، الاشعري الشافعي ،كان يقال له شيخ الطرائق ، وأستاذ الجماعة ، والسيّد الكبير ، وسيّد العارفين ، أبي العباس ، وأبي العلمين .. هو : نقيب البصرة المهاجر من المغرب ابن السيد ثابت بن الحازم الى ان يرتبط نسبه الى الإمام الشهيد الحسين ابن الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب زوج فاطمة الزهراء ابنت النبي عليه الصلاة والسلام. . قدم أبوه العراق وسكن البطائح بقرية أسمها أم عبيدة ، فتزوج بفاطمة أخت القطب الشيخ منصور البطائحي الرباني الزاهد ورزق منها أولاداً أعظمهم قدرًا وأرفعهم ذكراً السيد أحمد الرفاعي الكبير.. ولد في سنة ( 512 هجري ) ونشأ فى حجر خاله منصور البطائحي فأدبه وهذبه وعلمه، وتلقى عن خاله الطريقة الصوفية وعلم التصوف ولبس خرقته وأخذ عنه علوم الشريعة والحقيقة، وتفقه على الشيخ أبي الفضل علي الواسطيّ المعروف بابن القاري، وعن جماعة من أعيان العراق منهم الشيخ أبو بكر الواسطي. وانتهت إليه الرياسة في علوم الشريعة والحقيقة وفنون القوم وانعقد عليه اجماع الطوائف، واعترف رجال وقته بعلو قدمه ورفعة مرتبته ومشيخته ووراثته للنبي عليه الصلاة والسلام . تقوم الطريقة الرفاعية على العمل بمقتضى ظاهر الكتاب والسنة، ثم أخذ النفس بالمجاهدة والمكابدة، والإكثار من الذكر، وقراءة الورد، وذلك وفق إرشادات الشيخ وتوجيهاته، مع ضرورة التسليم والانقياد له والانصياع لأوامره. وعلى المريد أن يتمسك بالكتاب والسنة ثم تعاليم الشيخ ويعمل بما قاله من الالتزام بالسنة، وموافقة السلف الصالح على حالهم، ولباس ثوب التعرية من الدنيا والنفس، وتحمل البلاء، ولبس الوقار. كان الشيخ يقول :" الفقير إنْ غضبَ لنفسه تَعِبَ ، وإنْ سلّم الأمر لمولاه نصره من غير عشيرة ولا أهل ". كان الإمام أحمد الرفاعي الكبير متواضعا في نفسه، خافضا جناحه لإخوانه غير مترفع وغير متكبر عليهم، وروي عنه أنه قال : "سلكت كل الطرق الموصلة فما رأيت أقرب ولا أسهل ولا أصلح من الافتقار والذل والانكسار، فقيل له : يا سيدي فكيف يكون ؟ قال : تعظم أمر الله، وتشفق على خلق الله، وتقتدي سنة سيدك رسول الله ". وكان الإمام الرفاعي يخدم نفسه، ويخصف نعله، ويجمع الحطب بنفسه ويشده بحبل ويحمله إلى بيوت الأرامل والمساكين وأصحاب الحاجات، ويقضي حاجات المحتاجين، ويقدم للعميان نعالهم، ويقودهم إذا لقي منهم أناسا إلى محل مطلوبهم، وكان يمشي إلى المجذومين والزمنى ويغسل ثيابهم ويحمل لهم الطعام، ويأكل معهم ويجالسهم ويسألهم الدعاء، وكان يعود المرضى ولو سمع بمريض في قرية ولو على بعد يمضي إليه ويعوده، وكان شفيقا على خلق الله يرأف باليتيم، ويبكي لحال الفقراء ويفرح لفرحهم، وكان يتواضع كل التواضع للفقراء. كان أحمد الرفاعي متجردا من الدنيا، ولم يدخر أموالها، بل كان لا يجمع بين لبس قميص وقميص لا في صيف ولا في شتاء، مع أن ريع أملاكه كان أكثر من ريع أملاك الأمراء، وكان كل ما يحصل منها ينفقه في سبيل الله على الفقراء والسالكين والواردين إليه، وكان يقول:" الزهد أساس الأحوال المرضية والمقامات السنية". وكان يقول:" طريقي دين بلا بدعة، وعمل بلا كسل، ونية بلا فساد، وصدق بلا كذب، وحال بلا رياء". للسيد الإمام أحمد الرفاعي مؤلفات كثيرة أكثرها فقد في موقعة التتار، ومما وصل إلينا من كتبه: حالة أهل الحقيقة مع الله . الصراط المستقيم. كتاب الحكم شرح التنبيه (فقه شافعي). البرهان المؤيد.. و غيرهم عندما بلغ الإمام أحمد 66 من عمره مرض بداء البطن (الإسهال الشديد) وبقي مريضاً أكثر من شهر، وكان مع خطورة مرضه يتحمل الآلام الشديدة بدون تأوه أو شكوى، مستمرا وثابتا على تأدية الطاعات والعبادات التي اعتاد عليها بقدر استطاعته إلى أن وافته المنية يوم الخميس 12 جمادى الأولى عام 578 ه، ودفن في قبّة جدّه لأمّه الشيخ يحيى البخاري في بلدته أم عبيدة.