هل تعيد الصوفية بنظرتها السمحة ورؤيتها الروحانية المتفائلة التوازن للحياة الدينية في مصر، خاصة بعد أن طفت على السطح تيارات إسلامية متشددة تجاه أمور الدين والحياة معا، وأصبحت تتعامل معها من منظور صراع سياسي محفوف بالمخاطر، سواء على عدد من المقاعد البرلمانية، أو حتى طموح الوصول إلى كرسي الحكم في البلاد؟ برز هذا السؤال بقوة في أعقاب ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك عن سدة الحكم في 11 فبراير الماضي، وفرض نفسه على مجريات الواقع خاصة بعد سلسلة من الوقائع المثيرة اتهم فيها التيار السلفي بهدم القبور، وقطع أذن مسيحي، واعتبار التماثيل في الميادين العامة أصناما يجب هدمها، ورفع شعارات تدخل المجتمع في مظنة التكفير. ومثل غيرهم من التيارات الدينية التي نجحت في تكوين أحزاب رسمية اتخذت منها أذرعا سياسية لها، يستعد الصوفيون إلى إطلاق أول حزب سياسي لهم يحمل عنوان «حزب التحرير الصوفي»، وشكلوا ائتلافا للصوفية على غرار ائتلاف شباب الثورة المصرية، مما يؤشر على أن ثمة دما جديدا يسري في شرايين الجماعة الصوفية في مصر بطرقها ومشايخها، والتي اقتصر دورها في الماضي على المشاركة الكرنفالية في الأعياد والمواسم والدينية، والتعامل بنظرة محايدة فاترة مع كل ما يدور في المجتمع من وقائع وأحداث مصيرية. شارك الصوفيون في المظاهرات المليونية بميدان التحرير، أيقونة الثورة بالعاصمة القاهرة، وامتد ذلك إلى بقية المحافظات، ولفتوا الأنظار إليهم كطاقة دينية بديلة لجماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي والجماعة الإسلامية، يمكنها أن تلعب دورا في نجاح الثورة، والوصول بسفينتها إلى بر الأمان. في هذا التحقيق تفتح «الشرق الأوسط» ملف الصوفيين في مصر، من حيث نشأتهم بكل مظانها التاريخية والسياسية والاجتماعية، كما تناقش أفكارهم ومرجعياتهم الدينية ودورهم في المجتمع، بين الأمس واليوم والغد. وقد جددت دعوة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، المجتمع الصوفي في مصر إلى ضرورة إصلاح التصوف وتنقية الساحات الصوفية من كل البدع والخرافات المخالفة للكتاب والسنة، الأمل داخل المجتمع الصوفي للدخول على محك السياسة والوقوف في وجه حركات الإسلام السياسي العنيفة. تاريخيا تعد مصر واحدة من أهم معاقل الصوفية على مستوي العالم الإسلامي، فلا تخلو قرية في صعيد مصر ودلتاها من شيخها الخاص، فكل قرية لها شيخ وكل شيخ وله طريقة، ففي مصر أكثر من 3000 مقام لزعمات التصوف، بالإضافة إلى عشرات المقابر لكبار الصحابة وعلماء الدين والتصوف. وفي عام 1976 صدر القانون رقم 118 الذي أعاد تنظيم الطرق الصوفية في مصر، ونص على أن المجلس الأعلى للطرق الصوفية يتكون من عشرة أعضاء منتخبين من مشايخ الطرق الصوفية، وخمسة أعضاء معينين بحكم وظائفهم، ويمثلون وزارات: الأوقاف والتنمية الإدارية والثقافة والداخلية إلى جانب الأزهر، ويتخذ هذا المجلس قراراته بالأغلبية، وتجري الانتخابات كل ثلاث سنوات، وينتخب شيخ المشايخ من بين أعضاء المجلس المنتخبين من زملائهم مشايخ الطرق الأخرى ليصدر بشأنه قرار من رئيس الجمهورية. أما مشايخ الطرق الصوفية فقد بلغ عددها 76 طريقة يتولى كل شيخ فيها الإشراف على شؤون طريقته وآدابها وسلوكها العام، بالإضافة إلى وكيل للمشيخة العامة في كل محافظة وفي كل مركز، وينحصر دوره في الإشراف على الشعائر التي يقوم بها رجال الطرق في المواكب والاحتفالات ونشر الطريقة واكتساب أعضاء جدد. وفي محاولة لدحض سعي الصورة الذهنية التي رسخها النظام السابق لدى المصريين عن الصوفية ورميهم بالجدل والشعوذة، سعى الصوفيون إلى محاولة إصلاح البيت الصوفي من الداخل بعد سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك. وخوفا من سيطرة القوى الإسلامية الأخرى على الساحة السياسية، سعى المتصوفة عقب ثورة يناير إلى تكوين حزب سياسي أطلقوا عليه اسم «حزب التحرير الصوفي» تحت التأسيس، للوقوف ضد الأحزاب الإسلامية الأخرى، وهو ما أكده الأمين العام للحزب إبراهيم زهران، قائلا «ما من شك أن الطوفان الإسلامي القادم يخيفهم، وأي تحرك سياسي واضح يمثل خروجا عن مسلك الصوفيين المصريين الذين مالوا للإذعان لإرادة القادة السياسيين منذ زمن طويل». وأكد شيخ الطريقة العزمية الشيخ علاء أبو العزايم، وكيل مؤسسي الحزب، أن «مساعي جماعة الإخوان والجماعات السلفية للانخراط في العمل السياسي الرسمي تهدد التسامح الديني، وتلزم الصوفيين بأن ينحوا المنحى نفسه». وتابع «في حال تقلد السلفيين أو (الإخوان) زمام الحكم قد يلغون المشيخة الصوفية»، مشيرا إلى أنه ينبغي أن يكون هناك حزب للصوفيين لهذا السبب». ولم يكن تأسيس الحزب فقط هدف الصوفيين؛ بل خوض انتخابات مجلس الشعب المقرر لها يوم 28 نوفمبر، وقال طارق الرفاعي، شيخ الطريقة الرفاعية، والذي أعلن ترشحه لخوض الانتخابات في قائمة حزب «المصريين الأحرار» الذي دعا إلى تأسيسه رجل الأعمال المسيحي نجيب ساويرس «إن الصوفية تريد دولة إسلامية وسطية»، مؤكدا أن «الصوفيين خلال النظام السابق لم يكن لهم دور في السياسة، وكانوا بعيدين عنها تماما»، موضحا أن «ما دفعنا للمشاركة في الحياة السياسية والانتخابات وجود السلفيين و(الإخوان) على الساحة السياسية المصرية بشكل مخيف». وأوضح الشيخ إسماعيل توفيق، أحد مشايخ الصوفية، أن أصوات المتصوفة في الانتخابات البرلمانية لن تذهب لأي مرشح ينتمي للتيار السلفي أو «الإخوان» أو الجماعة الإسلامية، واصفا الصوفية بأنهم «هم المسلمون في المستوى الأعلى، وهم أصحاب الجنود الخفية الذين يظهرون حين يزداد الشر قوة، وأن الصوفية نبع جهادي لا ينضب». وفتحت أصداء مشاركة الصوفيين في مليونية «جمعة لم الشمل» يوم 19 غشت الماضي آفاقا جديدة للتفكير والخيال بشأن مستقبل الصوفية السياسي في مصر، وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي الدكتور عمار علي حسن، إنه سبق للصوفيين أن شاركوا في مليونيات ميدان التحرير خلال ثورة 25 يناير؛ لكنهم لم يظهروا بالقدر نفسه الذي ظهرت به جماعة الإخوان أو السلفيون، ويرجع ذلك لقلة خبرتهم في ممارسة السياسة. ونبهت مشاركة الطرق الصوفية في مليونية «لم الشمل» إلى حقائق جديدة ظلت غائبة طيلة عقود، حيث يعد خروج الطرق الصوفية في مليونية خروجا على الإرث الصوفي في التعامل مع الدنيا، كما وجه رسالة تحذيرية إلى أنه من الآن فصاعدا ستتجه الطرق الصوفية إلى دخول معترك السياسة وتؤثر في معادلات السياسة وموازين القوى. وحسب الشيخ تقادم عبد الله، أحد شيوخ الصوفية، فإن الطرق الصوفية يبلغ عددها 77 طريقة، وحجم أعضائها يتجاوز 10 ملايين، كاشفا عن أن الصوفية ظلت مستكينة راضية طيلة ثلاثين عاما ولم تكن تتحرك إلا حين يسمح لها بالتحرك من خلال النظام السابق، خاصة في مسألة ممارسة الطقوس الخاصة، لافتا إلى أن الصوفية استغنت عن السياسة في نظام مبارك، واكتفت بالارتماء في الموالد الشعبية وأحضان أضرحة مشايخ الصوفية والأوراد الليلية الجماعية، كبدائل روحية عن الانغماس في السياسة والحياة. وأشار الشيخ عبد الله إلى أن الذي عرقل الصوفيين في نظام مبارك عن المشاركة في الحياة السياسية هو الاختلافات بين الطرق الصوفية التي تصل إلى حد التشهير، واتهام بعضها بعضا بالتشيع. ولم يقف تفاعل الطرق الصوفية مع الثورة المصرية سياسيا عند حد إنشاء حزب؛ بل امتد أيضا حسب قول، مصطفى زايد، سكرتير الطريقة الرفاعية، إلى تأسيس «ائتلاف الصوفيين المصريين» على غرار ائتلافات شباب الثورة، وقد انخرط في هذا الائتلاف نحو عشرة آلاف صوفي لصد الهجمات على أضرحة المتصوفة من قبل الجماعة السلفية. ولم يكن غريبا أن تبحث الصوفية عن تواصل حقيقي مع مريديها عبر شبكة التواصل الاجتماعي «الفيس بوك» بتدشين عدد من الصفحات المخصصة للوصول إلى القاعدة العريضة من الشباب والتصدي للهجوم الذي شنه السلفيون عليهم في المواقع الإلكترونية. ويقول الدكتور أحمد عمر هاشم، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، في هذا الصدد «إن هجوم التيارات السلفية على الصوفيين لا معنى له، فالأولى أن تتصدى تلك التيارات لدعاوى الإلحاد والفتن وتفتيت الأمة». وأضاف الدكتور هاشم «إذا كان التصوف هو الخروج من كل قلق، وإذا كان التصوف يلتزم بالقرآن والسنة، فمن هنا نقول للذين يقفون في مواجهة هذه الدعوة للإصلاح؛ إننا ننظر إلى ما أمرنا به الله تعالى ولا نلتفت إلى هذه الترهات التي تعوق عن العمل الحقيقي لخدمة الإسلام، فالتصوف دعوة لتوثيق الصلة بين العبد وربه، وليس كما يدعي البعض بأنه خروج على القرآن والسنة». ومثلما تظاهر الصوفيون ضد هدم الأضرحة، نظم الاتحاد العالمي لعلماء الصوفية في مصر مظاهرات حاشدة، للتضامن مع الدكتور علي جمعة مفتي مصر، ضد ممارسات التيار السلفي. واستنكر الاتحاد الهجوم الذي شنه آلاف السلفيين على مفتي مصر، وقيام الشيخ الحويني بسب وقذف الدكتور علي جمعة، والتقليل من مكانته الدينية، خلال إحدى حلقات برنامج «حرس الحدود» على قناة «الحكمة» الفضائية الخاصة، وهو ما قابله الشيخ جمعة برفع دعوى قضائية للحكم في الواقعة. وحذر الاتحاد العالمي لعلماء الصوفية وقتها، الشعب المصري من الانسياق خلف أصحاب الأهواء، مطالبا بالتصدي لمحاولات المساس برموز الصوفية بكل الوسائل الممكنة شرعا وقانونا. ومن جهته، قال الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، إن إصلاح الدعوة الصوفية ضرورة لدعم المنهج الإسلامي في مواجهة الهجمة السلفية، وعلى الصوفية والسلفية وغيرهما من المذاهب الإسلامية أن تؤكد على انتمائها للإسلام أكثر من انتمائها إلى مذاهبها، فالتعصب والتكفير والإقصاء للآخر وتحويل الخطاب إلى تضاد وتصارع وتحزب واستقطاب، لا يخدم سوى أعداء الإسلام. ربما تكون المطالبة الأولى بالإصلاح الصوفي قد جاءت من منبر الأزهر، وتحديدا من شيخه الدكتور أحمد الطيب، الذي أكد أن الكثير من سلوكيات الصوفية مخالفة للكتاب والسنة، ودعا إلى إصلاحها بالعلم وتنقية الساحات الصوفية من «البدع والخرافات المخالفة للكتاب والسنة ». وأضاف شيخ الأزهر خلال استقباله وفدا من كبار الصوفية خلال أول مؤتمر صوفي عالمي عقد في مصر الشهر الماضي، أن التصوف لا يعني غيبوبة بشرية؛ لكنه ضرورة إنسانية ويقظة دائمة تدعو إلى العمل والبناء في كل وقت، مشيرا إلى أنه مستوى من التدين يقترب من الإحسان ويدعو إلى بناء حضارة ربانية وحمايتها بالوسائل الشرعية. وتابع شيخ الأزهر «على المتصوف ألا ينعزل عن الحياة اليومية وإنما يعرف كل واجباته، ويشارك في بناء الحاضر وصولا إلى مستقبل أفضل وأمة واحدة تهدي العالم إلى الحق». وهي الدعوة الإصلاحية التي تلقفها الدكتور عبد الهادي القصبي، شيخ مشايخ الطرق الصوفية رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية، فطرح تصورا عاما لإصلاح البيت الصوفي من الداخل، مؤكدا أن الواقع الصوفي يحتاج إلى إصلاح حقيقي. وطالب القصبي بتعديل القانون 118 لسنة 1976 الخاص بتنظيم الطرق الصوفية، ووضع ضوابط علمية وشرعية لاختيار مشايخ الطرق الصوفية وإيجاد علاقة تنظيمية بين المشيخة العامة للطرق الصوفية والأزهر في الضوابط العلمية القادرة على توسيع قاعدة الطرق الصوفية لتشمل شباب المدارس والجامعات. وكذا إتاحة الفرصة أمام أهل التصوف للقيام بدورهم في المجتمع وتحسين أوضاعهم الاجتماعية، داعيا إلى إيجاد علاقة تنظيمية بين مشيخة الطرق الصوفية والأزهر في ما يتعلق بالمسائل الدعوية، مؤكدا أن المؤسسات الصوفية في حاجة إلى الإصلاح. وقال الدكتور القصبي، إن دعوة الدكتور أحمد الطيب لتنقية التصوف من الخرافات والبدع هي دعوة تمت الاستجابة لها منذ فترة، موضحا أن المجلس الأعلى للطرق الصوفية يعمل على تنقية احتفالات الصوفيين، من البدع والخرافات التي تصدر من بعض الدخلاء على التصوف، وجعل منصب شيخ الطريقة بالانتخاب بديلا عن التوريث.. لكن دعوة الشيخ القصبي أثارت غضب جموع الصوفيين وتكتلوا خلف جبهة الإصلاح الصوفي لعزل الشيخ القصبي من منصبه، ووصلت الأزمة داخل البيت الصوفي إلى طريق مسدود، فقد أعلنت جبهة الإصلاح الصوفي خلع الشيخ القصبي من منصبه كشيخ مشايخ الطرق الصوفية وتعيين الشيخ علاء أبو العزايم بدلا منه، وتم رفع مذكرة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الحاكم في مصر) لاعتماد الشيخ أبو العزايم شيخا للطرق الصوفية، فيما رفض الشيخ القصبي هذا القرار معلنا تمسكه بالمنصب. وأعلنت الجبهة حل المجلس الأعلى للطرق الصوفية وتشكيل مجلس جديد مواز للمجلس الحالي مكون من عدد من أعضاء الجبهة، ومنهم الشيخ محمد الشهاوي والشيخ عبد الخالق الشبراوي وآخرون من خارج الجبهة أبرزهم الشيخ طارق الرفاعي، لحين عقد الجمعية العمومية وإجراء انتخابات لاختيار شيوخ المجلس الصوفي الجديد، وأن اللجنة المشكلة ستدير شؤون المشيخة لحين إجراء انتخابات لاختيار أعضاء المجلس الجديد. وفي المقابل، أعلن الائتلاف العام لشباب الصوفية استنكاره لطلب إقالة الشيخ القصبي. ومن جانبه، قال شيخ الطريقة الرفاعية طارق الرفاعي، إن «ما يحدث داخل البيت الصوفي هو بمثابة الثورة التي تأتي من أجل الإصلاح الحقيقي مع المحافظة على ثوابت التراث الصوفي ممثلة في اختيار مشايخ الطرق الصوفية عن طريق التوريث لا الانتخاب كما أراد القصبي». وأكد الشيخ محمود أبو الفيض، شيخ عموم الطريقة الفيضية الشاذلية عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، أن دعوات إقالة القصبي جاءت من شخصيات غير ذات صفة ولا يمثلون جموع الصوفية. ومن جهته، أكد الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الديار المصرية، أن الصوفية تدرك في الوقت الحالي أهمية الإصلاح الشامل المتكامل وضروراته في الوقت الراهن، لذلك فإنها تقوم بعملية إصلاح شاملة للهياكل والمؤسسات لبيان أهمية الخيار الصوفي في ضوء الخيارات المتاحة للإصلاح، وتوجيه وترشيد التصوف، ورد ما يشاع عن الممارسات الصوفية إلى الكتاب والسنة بفهم العلماء العاملين من السلف الصالح من دون إفراط أو تفريط. وأضاف الدكتور نجم «لا بد للصوفية من مناقشة أفضل السبل والطرق نحو تنظيم وتوجيه الطاقات الإيمانية لدى قطاعات عريضة من الجماهير في ربوع العالم الإسلامي نحو البناء والإصلاح على المنهج الرباني الروحي الأصيل بدلا من الهدم والتفرق والاختلاف، والتأكيد على أهمية إيقاظ وإنقاذ الحضارة الإسلامية من مستنقع المادة التي طغت قوانينها بحكم الزمان على كل مناحي الحياة بجميع صورها ومستوياتها، وذلك بردها إلى أصولها الروحية ومناهجها الربانية، باعتبارها القادرة على إعادة التوازن المختل في العلاقات الدولية بين الشرق والغرب. وكشف رائد العشيرة المحمدية الشيخ محمد عصام الدين إبراهيم عن تجربة رائدة في إصلاح الفكر الصوفي، من خلال الأكاديمية العالمية لدراسات التصوف، التي بدأت الدراسة فيها منذ 7 سنوات، وترجع فكرتها للنهوض بالدعوة الروحية كأساس لإصلاح الفرد والأسرة والمجتمع والأمة. ويعد اتهام الطرق الصوفية بالتشيع الاتهام الأبرز للمتصوفة، فهناك تشابه بين عقائد ومسميات بل مصطلحات الصوفية والفرق الشيعية المختلفة، وهي الثغرة التي يركز من خلالها شيوخ السلفية هجومهم على الصوفية، ويرونها من أهم الأسانيد في اتهام الطرق الصوفية بالتشيع والتستر بالسنية، ومن أهم المصطلحات المستخدمة لدى الشيعة والصوفية مصطلح الوصي عند الشيعة المساوي لوظيفة الولي عند الصوفية، كما تنتسب الفرق الشيعية جميعا إلى الإمام على بن أبي طالب وآل البيت وهو نفس موقف الطرق الصوفية، ويرى الصوفية والشيعة أن الأولياء والأئمة يعلمون الغيب (أي مكشوف عنهم الحجاب)، كما أن الإمام الشيعي والولي الصوفي لهما كرامات وخوارق يؤمن بها مريدوهما، كما أنهم يسمون المسلمين من غير فرقهم بالعامة ويسمون أنفسهم بالخاصة وهو أمر مشترك بين الصوفية والشيعة. بالإضافة إلى تقديس الشيعة والصوفية لقبور الأئمة والأولياء، وهذه القضية هي سبب الاختلاف الكبير بين الصوفية والسلفية حول زيارة القبور والتبرك بالأولياء والتوسل بهم لله. هذه التهم التي يكثر شيوخ السلفية من ترديدها ضد الطرق الصوفية على الطرف الآخر لا يقف أهل التصوف حيالها موقف الصمت؛ بل يردون هذه التهم جميعا، مؤكدين أن التصوف ظاهرة سنية أصيلة، وهو ما اعترف به الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر عندما قال إن «التصوف الحقيقي ليس امتدادا للتشيع، وإن ظاهرة التصوف قديمة في السنة منذ حلقات الحسن البصري في البصرة». * من كلمة شيخ الأزهر على هامش المؤتمر العالمي الأول للصوفية * «الكثير من سلوكيات الصوفية مخالفة للكتاب والسنة، ويجب إصلاحها بالعلم، وتنقية الساحات الصوفية من البدع والخرافات المخالفة للكتاب والسنة». * «إن التصوف لا يعني غيبوبة بشرية؛ لكنه ضرورة إنسانية ويقظة دائمة تدعو إلى العمل والبناء في كل وقت»، مشيرا إلى أنه «مستوى من التدين يقترب من الإحسان ويدعو إلى بناء حضارة ربانية وحمايتها بالوسائل الشرعية». * «على المتصوف ألا ينعزل عن الحياة اليومية، وإنما يعرف كل واجباته، ويشارك في بناء الحاضر وصولا إلى مستقبل أفضل وأمة واحدة تهدي العالم إلى الحق». * «إن التصوف الحقيقي ليس امتدادا للتشيع، وإن ظاهرة التصوف قديمة في السنية منذ حلقات الحسن البصري في البصرة».