لقد سبق لنا في صفحة الأحياء المهمشة بمدينة القصر الكبير أن قمنا بنشر موضوع حول الصناعة التقليدية خاصة الفخار، ومن خلال جولتنا بتاريخ 12/03/2017 للأزقة العتيقة بالمدينة كالشطاوطيين والنيارين والديوان والقطانين وطريق الكشاشرة (الفخارين) والسلالين (صناعة المنتوجات القصبية) طريق الرباط (دار الدباغة) … استوقفنا واقع الصناعة التقليدية فآثرنا فتح موضوع هذا القطاع الحيوي لنقل معاناة الصانع التقليدي بغية رفع إكراه التهميش والإقصاء وإدخاله في سيرورة التنمية الحقيقية. إن المتتبع لتاريخ حاضرة القصر الكبير يدرك بما لا مجال للشك أنها أغنت الثراث الحضاري للجهة وللمغرب عموما بوجود مجموعة من الحرف والصناعات التقليدية لا تزال محفورة في الذاكرة الثقافية والحضارية والمعمارية للمدينة، وتشهد عليها المعالم التاريخية و الأثرية والمنجزات العمرانية في المدينة. فالصناعات الحرفية من حيث هي تساعد على الحد من البطالة و الاستفادة من كافة الموارد البشرية سواء الذكور أو الإناث الذين يستطيعون أداء بعض الأعمال في بيوتهم أو محيطهم، كما يمكن لكبار السن و ذوي الاحتياجات الخاصة و غيرهم المشاركة في العملية الإنتاجية في داخل سكنهم مما يوفر مصدراً للدخل، ويعتبر الأفراد العاملون بها أهم مقوم في الإنتاج كما أنها مجال للتصدير و لها مردود سياحي و تتركز الأهمية الاقتصادية في إمكانية خلق فرص عمل أكبر عن طريق تخصيص موارد أقل مقارنة بمتطلبات الصناعات الأخرى ، و قابليتها للاستيعاب و تشغيل أعداد كبيرة من القوى العاملة بمؤهلات تعليمية منخفضة و الاستفادة من الموارد الأولية المحلية و على وجه الخصوص المتوافرة في المناطق المجاورة. إن الفرضية التي ننطلق منها في معالجة ملف الصناعة التقليدية تتجلى في حمايتها وإعطائها طابع الإستمرارية من جيل لآخر للحفاظ عليها من الإندثار كبعض الحرف التقليدية التي اندثرت ونكاد نجزم بنسبة 99,99% أنها إندثرت من المدينة كحرفة الحدادين مثال حي على ذلك في صناعة الشبابيك الحديدية ذات الطابع التقليدي والمعماري المغربي الفريد. فقطاع الصناعة التقليدية باعتباره يشكل إرثا حضاريا ضاربا في التاريخ، وفي إعتماد المؤرخين عليه في تأريخ المراحل من اللقى الأثرية كالخزف وغيره من المنتجات التقليدية المعتمدة في المجال. وسنحاول من هذا المنطلق تسليط الضوء عل مجموعة من الصناعات والحرف التقليدية لبناء تصور عام للنهوض بهذا القطاع الحيوي بالمدينة ومن بينها : الفخارين، الحدادين (صناعة الشبابيك الحديدية او "الشواطة")، الخرازين، الطرافين، الغرابليين او ما يصطلح عليه في عرف المدينة بالشطاوطيين، الدباغة، صياغة الذهب والنقرة او الصفارين، الحياكة، الخياطة والطرز وصناعة "السفيفة" و"المرمى" و "الضفيرة" و "المضمة"، النجارة الخشبية، صناعة الجبص او الگباصين، والزليجيين، وغيرها من الصناعات والحرف التقليدية … التي يتفرع عنها عدة صناعات وحرف فصناعة الجلد لوحدها تتفرع إلى : صناعة الأحدية، الطبول، الشربيل، "البزاطم"، الإكسسوارات النسائية من الحقائب وغيرها، سروج الخيول، تجليد الكتب، تجليد الكراسي … وكل ما له علاقة بصناعة الجلد. وبكل آمانة قمنا بطرح بعض الأسئلة على عينة من الصناع والحرفيين في شتى الفروع حيث أجمعوا على أن الصناعة التقليدية ستندثر بمرور الزمن كون القائمين على هذا القطاع لا يعيرونه إهتماما، وأن هذه الحرف تموت بموت أصحابها في إشارة قوية لعدم وجود من يخلفونهم مستقبلا. ووعيا منا بالدور المحوري للصناعة التقليدية في السياحة التاريخية والثقافية والحفاظ على الهوية الجامعة لمكونات المجتمع، يتعين على الجهات المسؤولة والقائمين على هذا القطاع الحيوي المبادرة إلى تنميته وتطويره والرقي به بدل تهميشه وإقصائه أو بالأحرى إهماله إلى غاية زواله وإندثاره، ومساهمة منا عن طريق المقاربة التشاركية سنحاول الإدلاء ببعض المقترحات التي نراها تساهم في الحفاظ على هذا القطاع وإستمراريته و رد الإعتبار للصانع التقليدي وتشجيعه عن طريق : 1~إنشاء مراكز التكوين المستمر للصانع والمتعلم. 2~إحداث قرية سياحية للصانع التقليدي تساهم في تسويق المنتوج المحلي. 3~إعفائهم من الضرائب. 4~إقامة معارض بشكل دوري لا يتجاوز ثلاثة أشهر. 5~إقامة مسابقات بين الصناع لتشجيعهم على مواصلة العطاء. 6~إحداث علامة تجارية محلية خاصة بالمدينة دات رمز تاريخي. 7~تمكين كل الحرفيين والصناع من أدوات الإنتاج وخصوصا المواد الأولية الضرورية. 8~تعميم برنامج التدرج المهني وبدون إستثناء لفائدة الصناع والحرفيين التقليديين. 9~ترميم المعالم التاريخية والعمرانية وخصوصا دار الدباغة و الدرازة وقيسرية الحايك وتجميع باقي الصناع التقليديين في أماكن مشابهة. 10~تعزيز كفاءات الصناع التقليديين من أجل الارتقاء بمعيشهم. 11~اعتماد تدبير مستدام للنهوض بالصناعة التقليدية في المدينة. 12~انجاز مشاريع وأعمال مستدامة تتلاءم وخصوصيات المجال الترابي للمدينة. 13~تعزيز المقاربة التشاركية وآليات التشاور والبناء المشترك. 14~الاستفادة من الامكانات الكبرى التي يتيحها الاقتصاد الاجتماعي والتضامني . 15~العمل على تحقيق المساواة بين جميع الصناع التقليديين ومقاربة النوع الإجتماعي. 16~تشجيع مقاربة الابتكار الترابي والمشاركة في كسب الرهانات الاجتماعية الأساسية. وفي الأخير ولا آخر بيننا نحمل المسؤولية للجهات الوصية عن تدهور هذا القطاع الحيوي وخطر إندثار مجموعة من الحرف والصناعات التقليدية، كما أننا نعلن تضامننا المبدئي واللامشروط مع كل الحرفيين والصناع التقليدين، ونحيي فيهم تشبتهم بهذا الإرث الحضاري والثقافي. كل الصور ملتقطة بعدسة صفحة الأحياء المهمشة بمدينة القصر الكبير.