كشف تقرير متعلق بتدبير الصفقات العمومية بالمجلس الجماعي لمدينة القصر الكبير، عن عدة اختلالات قانونية يقع فيها المسيرون، على رأسها إسناد الصفقات لنفس المساهمين في ظل غياب المنافسة الشريفة، في اختيار المقاولات التي ستتسلم العروض، زد على ذلك خرق العديد من القوانين المتعلقة بالصفقات العمومية، في عينات من المشاريع التي استطاع التقرير الوصول إلى معلومات تخصها. وأورد التقرير الصادر عن فريق مستشاري حزب العدالة والتنمية بالمجلس الجماعي لمدينة القصر الكبير، أن الجماعة الحضرية لمدينة القصر الكبير لاتحترم المادة 14 من مرسوم الصفقات العمومية، التي تلزم صاحب المشروع (بلدية القصر الكبير) في بداية كل سنة مالية وقبل متم الثلاثة أشهر الأولى منها على ابعد تقدير، نشر البرنامج التوقعي للصفقات التي تعتزم إبرامها برسم السنة المالية المعنية، في جريدة ذات توزيع وطني على الأقل وفي بوابة الصفقات العمومية. وأضاف التقرير أن بلدية القصر الكبير تتجنب تطبيق المادة 43 من مرسوم الصفقات العمومية، التي تنص فقرتها الخامسة على ضرورة نشر مستخرج من محضر جلسة فحص العروض المقدمة في إطار الصفقات العمومية، حيث أورد التقرير أن رئيس المجلس الجماعي في الجلسة المخصصة لتقديم الأسئلة الكتابية بدورة ماي 2016، وصف المعطيات المتعلقة بلجنة فحص العروض، من قبيل عدد المتنافسين وقيمة عروضهم وعدد المقاولات المقصية بالمعطيات السرية، معبرا بشكل صريح ومباشر عن رفضه الالتزام بهذا المقتضى القانوني، وذلك خلال جواب على سؤال كتابي في الموضوع تقدم به فريق العدالة والتنمية. وأكد التقرير، الذي حصل موقع "لكم" على نسخة منه، أن بلدية القصر الكبير لا تلتزم بمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 44 من مرسوم الصفقات العمومية، والتي تشدد على إخبار المتنافسين الذين تم إقصاؤهم برفض عروضهم مع ذكر أسباب إبعادهم وذلك بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل، مشيرا إلى أن هذا الامر يمس حقوق المتنافسين ويعرضهم للإقصاء التعسفي. وأبرز التقرير أن الجماعة عمدت إلى إقصاء من 5 إلى أربع متنافسين سنة 2016 في كل عرض قبل مرحلة فتح العروض المالية، وذلك لتترك المجال أمام عرض واحد فقط في كثير من الحالات تسند إليه الصفقات مهما كانت قيمة عرضه المالي، الأمر الذي انعكس على كلفة الصفقات المبرمة وحرم الجماعة من ثمار المنافسة على المستوى المالي. وأشار التقرير إلى أن الإجابات التي تلقها أعضاء المجلس عن الأسئلة الكتابية الموجهة في هذا الإطار تكشف، عن افتقاد هذا الإقصاء لأي مسوغ قانوني في الحالات التي أثارها الفريق. وأكد التقرير أن إبقاء الجماعة على عرض واحد في أغلب الحالات (أو عرضان أحدهما عالي القيمة) يعد إخلالا واضحا بمبدأ المنافسة ويمس بشفافية إبرام الصفقات خصوصا وأن المتنافسين المقصيين لا يتوصلون بمبررات الإقصاء، كما يمكن أن يعد هذا السلوك تبديدا للمال العام بسبب حرمانه للجماعة من فرصة الحصول على عروض مالية مثلى. وفي ذات السياق أورد التقرير أن الجماعة ومنذ 4 شتنبر 2015، بدأت تتحايل، عبر إسناد صفقات إلى مقاولات تعود إلى نفس المساهمين في ظروف مشوبة دائما بإقصاء كل أو جل بقية المتنافسين. ويتعلق الأمر على سبيل المثال بشركة (A.W ) المسجلة تحت رقم السجل التجاري 1309 بالمحكمة الابتدائية بمدينة القصر الكبير، المؤسسة سنة 2012 كشركة محدودة المسؤولية برأسمال يبلغ 10.000 درهم وشركة (A.S) المسجلة تحت رقم السجل التجاري 353569 بمحكمة الدارالبيضاء، التي تأسست في 16 يونيو 2016 كشركة محدودة المسؤولية برأسمال يبلغ 2.500.000 درهم، وحازت في غشت 2016 على عدد من عقود الصفقات مع الجماعة بعد إقصاء بقية المتنافسين. حيث بلغت قيمة العقود المبرمة مع هاتين المقاولتين خلال الفترة ما بين يونيو 2016 وغشت 2016، إلى 33.969.292,00، درهم. وأورد التقرير وجود علاقات خاصة بين رئيس الجماعة والأشخاص المساهمين في هذه الشركات تجلت في انخراطهم المباشر في الحملة الانتخابية الخاصة به خلال انتخابات 07 أكتوبر 2016، مشيرا إلى أن مرسوم الصفقات العمومية لا يمنع بشكل صريح استحواذ مقاولة واحدة أو مقاولات بنفس المساهمين على صفقات جماعة ترابية أو مؤسسة عمومية، إلا أن إقصاء أعداد كبيرة من المتنافسين، يفوت على الجماعة فرصة الحصول على عروض مالية مثلى. وهو الأمر الذي يستدعي تقصي معمق من قبل سلطات الوصاية والجهات الرقابية المختصة. ونظرا لغياب المنافسة، يورد ذات التقرير، أبرمت أغلب عقود الصفقات التي حصل الفريق على معطيات بشأنها، بمبالغ مرتفعة، مشيرا إلى تجاهل المجلس الجماعي للمقتضيات القانونية المتعلقة بمحاربة الغش والرشوة وتضارب المصالح، ضاربا ما تنص عليه المادة 168 من مرسوم الصفقات العمومية، عرض الحائط، مؤكدا على أن المقاولات التي يتخذ فيها المساهمون مواقف سياسية داعمة لرئاسة المجلس الجماعي بالقصر الكبير تحظى بمعاملة تفضيلية عبر إسناد عدد معتبر من الصفقات إليها في غياب المنافسة بعد إقصاء بقية المشاركين. وسجل التقرير محاولة رئيس المجلس الجماعي لمدينة القصر الكبير تعطيل العمل بالصفقات المبرمة خلال الفترة الأخيرة من مدة انتداب المجلس الجماعي السابق للمدينة. عكس ما يقتضيه المبدأ القانوني المتعلق باستمرارية المرفق العام، وفي غياب أي أساس قانوني أو إداري، ويتعلق الامر بالصفقة رقم 12/2015 الخاصة بأشغال تقوية وتهيئة المدخل الشمالي لمدينة القصر الكبير عبر الطريق الجهوية 415 والتي تبلغ قيمتها 12.3 مليون درهم. لافتا الانتباه إلى أن رئيس المجلس يرفض إلى حدود تاريخ إعداد هذا التقرير، التوقيع على أداء مستحقات بعض المقاولات المتعاقدة مع المجلس منذ الولاية المنقضية، في غياب أي تبرير قانوني، ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بالمقاولة النائلة لأشغال تهيئة مقبرة الضريسية، والمقاولة النائلة لاشغال بناء مركز الاستقبال بالقصر الكبير الشطر 2 واللتان بلغت مستحقاتهما 3.434.61,00 درهم و 815.022,00 درهم، على التوالي. ونتيجة للاختلالات القانونية المتكررة التي تعرفها مسطرة إبرام الصفقات، وفق ذات التقرير، بجماعة القصر الكبير، تم إلغاء عدد معتبر من طلبات العروض، لاسيما تلك المتعلق بالاستشارات المعمارية والهندسية حيث أعيدت بعض طلبات العروض ثلاث مرات. والامر يتعلق على سبيل المثال بالدراسة الهندسية وتتبع أشغال تأهيل سوق الجملة وسوق الحبوب بالقصر الكبير، والدراسة المعمارية وتتبع أشغال تهيئة مدخل المدينة من اتجاه الرباط، والدراسة المعمارية وتتبع أشغال مشروع تهيئة مدخل المدينة من اتجاه تطفت… وأشار التقرير إلى إطلاق طلبات عروض لإنجاز دراسات سبق إنجازها خلال فترة المجلس الجامعي السابق، والتي تهم مدخل المدينة من جهة العرائش والمدخل الشمالي عبر الطريق الوطنية رقم 415، وتم إنجاز هذه الدرسات من خلال صفقات ممولة من طرف صندوق التجهيز الجماعي أو من خلال الاعتمادات المخصصة في إطار برنامج التأهيل الحضري. وطالب فريق "البيجيدي" من السلطات الوصية والرقابية الممثلة في عامل إقليمالعرائش والمجلس الجهوي للحسابات بطنجة، والمفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية بإجراء تحقيق في الصفقات المبرمة بالمجلس الجماعي لمدينة القصر الكبير.