نتذكر من خلال خمسة أو ستة من المجالس المختلفة التي تعاقبت على تسيير بلدية القصر الكبير، عددا من الأشخاص الذي مروا من هناك وتركوا ذكريات بصولاتهم وجولاتهم في ذلك التاريخ الماضي والغير بعيد، وكيف كان لكل مجلس طريقته في العمل وعلاقاته مع ناخبيهم، وأستحضر مجموعة من المقاولين الذين تعاملت مع هذه المجالس، أسماء عدة فيهم من قضى نحبه وفيهم من ينتظر، وبين مجلس وآخر كانت تتبدل الأشخاص والوجوه، ويدور في فيلم مخيلتي الآن كيف كان جانب بناية البلدية يتزاحم بهؤلاء المتعاملين الطماعين بسياراتهم المختلفة، وكيف كانوا يشدوا الرحال إلى هذه البناية التي يعتقدون أنها تلد ذهبا، منهم من جن، وفيهم من انتهى وراء القضبان، ومن تعسرت به الأيام فبينما كان يلعب بالملايين أصبح طريدا يتهرب من أصحاب الديون. ومن ذلك الزمان إلى اليوم لم يكن أكبر المتشائمين بخمن بأن يجلس على الكرسي الرآسي شخص من قيمة هذا الذي هو الآن.. ولا هو نفسه، ومع إطلالة اليوم الموالي من هذا الحدث الغير متوقع، بدأنا نرى أسماء جديدة تتودد بالرئيس "الدمية" الجديد واصبحت من شلته، وأخذ يختار منهم من سيقود بهم مرحلته البئيسة، ومن سخرية القدر أو الأقدار كلها أن وجد هؤلاء المقاولين أنفسهم مجبرين على الوقوف بباب الصنم الجديد، وذلك حتى يقع اختياره على من يلائم مزاجه، ويخضع لأوامره وينصاع، خصوصا والمرحلة تصادف بناء عمارته بالقرب من المحطة الطرقية. والآن يسطع نجم المقاولان اللذان رست عليهما رغبة السيمو قبل أن يرسي لهما المغانم، بلغ إلى علمنا انه فوت لأحدهنا صفقة ب 450 مليون سنتيم، لا أدري كيف "تشركت" أو تفركع هذا الحظ السعيد على هذا المحظوظ الذي وعده السيمو أن لا يحظى أحد غيرهما بهذه الأموال القصرية، طالما ثبتا على موقف، يوم لنا نحن جميعا سكان المدينة كلنا، ويوم آخر لهما، ومن خلال هذه الغنائم يتم سكب بعض منها بالعمارة المحظوظ أصحابها، حيث تم ردم الأساسات بتفنة "بيليكي" على حساب أمة القصريين، ومن خلال جنح الظلام يتم تنزيل الإسمنت والياجور لصالح البناية بدأت تشق الطريق نحو السماء محتلة الرصيف وعموم الطريق. والحين اليسير من هذا الدهر الماضي نستذكر لهؤلاء المتهافتين سيرة السابقين، حتى لا ينعموا، فلم أر قط خبز حار يقف في الحناجر مثل خبز القصريين، إياكم أن تسرفوا.. فقد نسيت أن أذكركم أن بعض أسلافكم انتهوا مقطعي الأوصال تحت العجلات، فاستعيظوا بالتاريخ، فلا يزال الوقت كاف لوقفة تأمل لكي تتراجعوا.