الورقة الأولى كان صوت السيدة جوليا يحيي فينا الأمل بالغد المشرق رغم ضيق الحال . حال يصعب أن تتعايش معه إلا إذا كنت عاشقا للحياة , حياة تقتلع فيها الفرحة من رحم الألم. ومع ضيق الحال تكبر أمانينا وأحلامنا , تكبر بدواخلنا قصص الحب حتى وان احترقت قلوبنا لأجل قصة حب من قصص الحب للحياة. تتعالى صيحاتنا في عز الألم حينما نحس بالقهر والظلم من الطغاة المتجبرين الذين يقودون هذا الوطن إلى الجحيم . نصرخ ملئ الحناجر نحن شعب لايحيا إلا حرا , نهتف كم نعشقك أيتها الحياة . ومع كل عام يمر من الكد والتحصيل العلمي تكبر في دواخلنا أحلام الطفولة , التي لاتتعدى عملا مستقرا وأسرة دافئة , وبعض من المال يتبقى من الراتب الشهري للاصطياف في فصل الصيف رفقة الأهل . وتمضي سنوات من العمر , سنة بعد سنة نعيش تفاصيل الحياة فيها عند كل فصل من الفصول الأربعة وكأنه الورد في حدائق الأندلس. أجمل مافيها اعتزازنا بأبيدوميتنا . وهكذا مرت السنوات وكأنه الياسمين حينما يعطر الأوبيدوم في ليلة صيف دافئة. وعدنا وكلنا أمل في تحقيق ماكنا نحلم به . وبدأنا نضع ملفاتنا في مراكز العمل , يوما بعد يوما , شهرا بعد شهر , سنة بعد سنة , لنكتشف بعد مضي زمن من العمر أننا صرنا نسجل في خانة المعطلين المهمشين المقصيين داخل هذا الوطن الجريح وطن تكالبت عليه أفواه ملئ بالحنظل , لاتعير قيمة لمبادئ الإنسانية . أفواه تحيا بقاعدة وحيدة هي نفسي نفسي. وهكذا تبخرت الأحلام , كيف لا وواقعها صبار برية . وفي ظل هذا الواقع لابد من التحدي وتخطي هذه المرحلة الحرجة من الحياة , مرحلة ليست مفروضة بقدر الاهي, وإنما واقع فرضه الإنسان على أخيه الانسان , حينما طغت الأنانية في النفس البشرية وصارت القيم والمبادئ من المستحيل أن تكون من قيادات الحياة البشرية داخل هذا الوطن. وعليه كان لابد لنا من التكيف مع هذا الوضع على جميع المستويات , النفسية والاجتماعية والاقتصادية , كيف ذلك هذا ماستجدونه على هذا العمود في يوميات معطل.