لبست أغلى ما عندي، بعدما استحممت، وحلقت ذقني ونتفت زغب أنفي وتركت الشارب ينعم برجولتي، فاليوم عيد "الفالنتاين" وأول موعد سيكون لي مع الحبيبة التي دام حواري معها على "الفايس بوك" عدة أسابيع ليتأكد لي - بعدها - أنها التي تناسبني زوجة وأما لأبنائي إن رزقنا الله بهم؛ فأفكارنا منسجمة حد التطابق، وكأن حبيبة القلب ومنى الروح عاشت معي منذ الأزل؛ باختصار شديد جدا تنبذ ما أكره وبالمقابل أعشق أنا ما تحبٌ. وإن كنت من النوع الذي يكره السفر لمسافات طويلة، وبالرغم من بعد مراكش عن مدينتي (القصر الكبير)؛ ها أنا ذا أركب القطار المتوجه حيث الحبيبة، فقد ضربت لي موعدا كما جاء على صفحة حوارنا ب "الفايس بوك " هذا اليوم على الساعة السادسة مساء في ساحة "جامع الفنا " قرب القرداتي، ولما نبهتها أن الساحة -كما قيل لي- مليئة بالقرداتية! قالت أنها سترتدي بذلة رمادية و ستعتمر قبعة سوداء، وستمسك بيدها وردة حمراء، فقلت في سري: - رغم أني لم أر صورتها من ذي قبل فلا شك أنها حداثية وجميلة جدا، وإلا لما ارتدت لباسا لن يخفي عيوبها، كما أنها لا يمكن أن تكون بدينة بل بقوام عارضات الأزياء وإن لم تكن جميلة لما وضعت صورة المغنية هيفاء على "بروفايلها"، فلابد أن يكون بينها وبين المغنية الحسناء شبه. في الطريق إليها قمت بترتيب أفكاري عن الحب والجمل التي يمكنني أن أوشوش لها بها من قبيل " توحشتك بزاف" "أنا كنموت عليك " " أنا ناوي معك المعقول "وغيرها من الكلام الذي قد "يسقط الزرزور من فوق السور"، كما أني قمت بالتمرن على طبقات صوت الناس المحترمة، وإيقاعه الذي ينبغي ألا يكون نشازا أو مقززا، وعلى مرآة المقصورة تدربت على نظرات العاشق الولهان، إذ كنت وحدي في تلك الأثناء، وعزمت أن أأكد لها قراري القاطع في مسألة الزواج بها في أسرع وقت. وصلت مراكش، وفي لمح البصر استأجرت سيارة أقلتني إلى مكان الموعد بسرعة لأن كل طرقات المدينة تؤدي إلى "جامع لفنا". بحث كثيرا بين الحلقات على القرداتي الذي تقف قربه صاحبة البذلة الرمادية والقبعة السوداء، إلى أن لاح لي طيفها من الخلف وتأكدت بأنها هي المحبوبة بعدما رأيت بيدها وردتي الحمراء. أسرعت نحوها ربت بلطف على كتفها وفتحت عيوني وشفتاي للتعبير على قوة المفاجأة التي سأحدثها، فإذا بي أجدني وجها لوجه مع صديقي عمر. قهقه عاليا، مد لي وردتي الحمراء وقال: - مرحبا؛ أقسمت أن أحضرك لزيارتي، رغما عن كرهك للسفر. 02-3-2013