يحتاج الإنسان بصفة عامة، والمرأة بشكل خاص إلى الدعم والمؤازرة أحيانًا، ولكن النضج الحقيقي الذي يكتسب مع العمر ومع زيادة الوعي وقوة الشخصية هو الاستقلالية التي تقلل من دائرة الاحتياج على الآخرين، ليس في الأمور المادية أو التصرفات الحياتية فحسب، بل الأهم هو الاستقلال النفسي والعاطفي، والقدرة على التعامل مع المشاعر المختلفة بالاستعانة الله تعالى. كوني يقظة لمحاولات الاستغلال ومن أجل أن تكتسبي الشخصية المستقلة يجب عليك بدايةً ألا تدعي أي شخص يمارس عملية استغلال بحقك أو أن يستنزف مشاعرك وعواطفك الخاصة، وتذكري أن بعض الناس يمكنهم أن يكونوا مناورين وراغبين في الاستخفاف بعقلك من أجل استغلالك سواء كانوا رؤسائك في العمل أو زميلاتك أو الشخصيات التي تتعاملين معها بانتظام، وليس معنى ذلك أن تفترضي سوء النية في الناس حولك، ولكن في الوقت نفسه يجب ألا تستبعدي احتمالات أن يحاول البعض استغلالك. قدري مواهبك أدركي أنه ومع كون دور المرأة الحقيقي والأهم والأسمى هو دورها في البيت لمراعاة الزوج وتربية الأبناء والاعتناء بالمنزل وجماله، إلا أن حصر المرأة في هذا الدور فقط يهدر طاقات وإمكانيات ومواهب كثيرة كان يمكن أن تفيدها على المستوى الشخصي وتفيد مجتمعها المحيط بوجه عام، وكما أنك يمكنك أن تبحثي عن قدراتك الخاصة التي وهبها الله لك كإنسانة وتحاولي أن تشكري هذه النعمة بأن تستفيدي من هذه القدرات والمواهب في ترجمتها إلى واقع ملموس يعود بالنفع عليك وعلى أسرتك ومجتمعك، يجب كذلك أن تتذكري أنك كإنسانة من حقك أن تبحثي عن أوقات للترويح عن نفسك والاستمتاع ببعض الوقت لكي تستطيعي أن تواصلي أداء رسالتك بطاقة متجددة. التعامل مع الخلاف ولكي تكوني شخصية مستقلة يجب أن تتحلي بروح تسامح عالية وواضحة مع وجهات نظر الآخرين وبالتوازي مع ذلك يجب أن تكوني حازمة في التعامل مع الشخصيات التي ترفض قبول الآراء التي تختلف مع ما تراه وتقنتع به، فكما أنك تحترمين طرح الآخرين وآراءهم يجب عليك ألا تتقبلي أي استخفاف أو إهانة لوجهات نظرك وآرائك ولو استلزم ذلك منك قدرًا كبيرًا من الشجاعة والثبات في حماية حقك في التعبير عن الرأي. التعامل مع الاستفزاز لا تنشغلي كثيرًا بتعليقات الشخصيات التي تتسم بالوقاحة أو الجرأة في الحديث، لأن هذه الشخصيات التي قد تصادفينها في حياتك لا تجد راحتها إلا في كبت الآخرين خاصة لو كانت في مواجهتهم امرأة، ومن ثم فعليكِ ألا تقلقي كثيرًا بسبب ردود فعل هذه النوعية من الشخصيات بل ازدادي ثقة في نفسك عندما تضطرك ظروف الحياة لمواجهتهم أو الاحتكاك بهم. بدون زوج في بعض الأحيان تضطر المرأة لتقبل وضع اجتماعي تمضي فيه في حياتها دون زوج، فكما أن الزواج هو نصيب وقدر من أقدار الله تعالى فإن عدم حدوث الزواج هو أيضًا نصيب وقدر من عند الله، لذا فيجب أن تتأكدي أن عدم وجود الرجل في حياتك لا يقلل من قيمتك كإنسانة بل يمكن أن يدفعك إلى مزيد من النجاح والنضج الشخصي والقدرة على اجتياز العقبات والتحديات اعتمادًا على ما أنعم الله عليك به من مواهب ومميزات شخصية وإنسانية وحياتية. الإشباع العاطفي لو وجدتي أن سنك تقدم ولم يقدر الله عز وجل لك الزواج، فاعلمي أن استقلالية شخصيتك يجب ألا تحرمك من العاطفة والمشاعر التي تميزك كأنثى، ورغم صعوبة تحقيق هذه المعادلة إلا أنها من الأهمية بمكان نظرًا لما تمثله من توازن نفسي ضروري لسلامة شخصيتك، فإشباع الجانب العاطفي في داخلك قلبك من خلال الاهتمام بالمحيطين، والعمل الخيري والمجتمعي، ومساندة الآخرين، وتقديم فيض من الرحمة والحنان إلى المحرومين يجب أن يتزامن مع أية نجاحات وإنجازات تحققينها في حياتك على المستوى العملي، وبتكامل هذين الجانبين العاطفي والعملي تكونين بحق شخصية تتمتع بالاستقلال الصحيح. اعتزي بأنوثتك قد تجدين من المحيطين بك درجة من التقليل من شأنك كامرأة بسبب بعض الثقافات السائدة في المجتمع ويجب عليك أن تعوضي ذلك بأن تزيد من درجة احترامك لذاتك وكذلك احترامك للنساء القريبات منك في محيط علاقاتك الاجتماعية، لأن هذا التقدير المتبادل يشعرك كما يشعر القريبات منك بأن المرأة كائن يتسم بالجمال والذكاء والقدرة على إثبات الذات. محاسبة النفس في كثير من الأحيان تحتاجين إلى مصارحة نفسك ولو من خلال كتابة قائمة واضحة ووافية بالعيوب والمميزات التي ترينها في شخصيتك، واستعيني بالشخصيات القريبة منك المحببة إلى قلبك لكي تعرفي كيف يرون شخصيتك وتستفيدي من حكمهم الصحيح على مختلف جوانب شخصيتك، وتذكري أن هذه المصارحة والمكاشفة هي خطوة متجددة يجب عليك أن تقومي بها كل فترة لكي تكون شخصيتك مستقلة عن التأثيرات التي تلحق بها بشكل لا إرادي من التعامل مع الآخرين بغض النظر عن طبيعة هذه التأثيرات وما إذا كانت إيجابية أو سلبية. تعلمي كيف تتقبلين عيوب الآخرين ونقاط الضعف فيهم، واحرصي على تعليم النساء اللاتي تتعاملين معهن على التعايش مع عيوب وسلبيات الشخصيات الأخرى لأن المرأة بطبيعتها أكثر قدرة على الاحتواء والتعايش والتكيف، وستجدين بمرور الوقت أن هذه القدرة على احتواء عيوب الآخرين وتفهم الجوانب السلبية في شخصياتهم يكسبك درجة عالية من الاستقلالية والتميز في شخصيتك. الدفاع عن النفس احرصي على ألا تخضعي للتهديد أو الابتزاز من أي جهة وتعلمي كيفية الدفاع عن نفسك لتتمكني من حماية نفسك وأحبائك من مخاطر الاعتداءات الخارجية ولو تعرضتي لأي نوع من الضرر أو الأذى لا تترددي في التوجه إلى الجهة الصحيحة الكفيلة بالتعامل مع شكواك لتحصلي على حقك، لأن تفريطك في حقك وتنازلك عن الرد على أي اعتداء يلحق بك ينال من استقلالية شخصيتك. صدق المشاعر من الجميل أن تتحكمي في إظهار مشاعرك، فلا تظهري لحظات ضعفك لكل أحد، ولكن في الوقت نفسه لا تعتمدي الإخفاء والتصنع طريقة لحياتك، بأن تخفي مشاعرك وانفعالاتك باستمرار، وتتعمدي أن تظهري وجهك بحالة من السعادة إذا كان قلبك لا يشعر بالسعادة فعلاً، وكذلك لا تترددي أن تعبري عن فرحتك لو كان هناك بالفعل ما يشعرك بالفرحة، وانظري في داخل نفسك دائمًا وقولي إنك إنسانة جديرة بأن يلتفت الآخرون ليدركوا ما تقولين وما تفعلين.