أنجبت القصر الكبير رجالا وأعلاما عظاما ومجانين هذه المدينة كانوا عظاما وذوي قدرات خارقة. الفلاقي الذي اشتهر بقدرته على شرب قارورة كبيرة كاملة من الكوكا كولا (كوكا القديمة) من غير أن يتنفس ، حتى أنه كان موضوعا للرهان بين سكان القصر الكبير عن عدد القارورات التي يمكن له شربها. الفلاقي لازال على قيد الحياة؛ إلا أن شهرته تراجعت بقدر تراجع قوة الكوكا كولا ؛ التي نذكر ونحن صغار أننا لم نكن نقدر على شرب كأس واحدة منها؛ وإذا جازفنا انهمرت دموعنا من قوة الغازات. الفلاقي هذا؛ كان يجب أن يسجل إنجازه في معيار "غينيس" للأرقام القياسية، كان ولا زال يتسم بهدوء غامض وبمشيته القاصدة يتجول بين الدكاكين والحارات من غير أن يؤذي أحدا أو يؤذيه أحد، لا أحد منا يعرف قصته الحقيقية غير ما كنا نسمع عنه أنه متزوج من جنية تسكن بوادي اللوكوس. شلايضة المنحدر من دوار السواكن؛ لم يخلق مجنونا بل كان بطلا معروفا في ركوب الراجات، وكان يتوفر على أسرة ويعمل سائق شاحنة ؛ ومتزوج من امرأة قيل أنها من سببت له في الجنون. احتفظ بكامل ذكائه حتى أن الناس كانوا يتمتعون بمهارته في ركوب الدراجات قبل أن يصيبه الهرم، يعرف أقرباؤه ويتواصل معهم باستمرار، أذكر أنه كان يتواصل مع أبي (رحمهما الله ) الذي هو ابن لخالته، كنت أستغل الفرصة كلما لقيته لأختبر معرفته بأقربائه فيعددهم لي إلا من يسقط عنه سهوا،نيقول لي مرارا كيف هو ابن خالتي فأجيبه بما يسره ، وكان أبي عطوفا عليه وكذلك أعمامي وأبناؤهم. وعرف الرجل بكثرة تدخينه لعشبة "الكيف"، حتى أنه كان يحصل عليها مهما كانت الصعوبات الأمنية ، ولهذا كان مقصدا للمدمنين يشاركون مأدبته!. تذكرت هذا في سياق تذكري لجمالية المدينة التي اختلفت علي بعض الشيء، افتقدنا فيها معالم كانت تعطيها جمالية فطرية آنستنا ونحن صغار وأمتعت مخيلاتنا، جمالية حكاية بطل الكوكا كولا المتزوج من جنية، وجمالية الرجل صاحب "السبسي" الذي كان بطلا في فلكلور الدراجات، وأسماء أخرى برعت لم تكن مجنونة لكنها جننتنا من الضحك ، منها ولد حليمة العويرة وبريكيدم بمسرحياتهما المضحكة والبارعين في فن الحلقة، رحمهما الله أيضا ورحم الله حوسا جحا المدينة الذي ترك لنا تراثا من نوادره لو جمع لنافس جحا التركي.