سلوك غالبا ما يصادف مجالسنا بالمناسبات الإجتماعية أو المقاهي، أو أي طاولة يحوم من حولها مقاعد تجمع أفرادا ليتجاذبوا أطراف الحديث. حتى تتخللها نقاشات حادة تقتحم ألسنة و حناجر المتجادلين. تكون المواضيع المطروحة عبارة عن أعراض، أسرار، عيوب أو مصائب حالت على الهدف حتى يستغلها الجالسون شماتة فيه لربما تشفي غليلا من المرض المعدي الذي ينتقل جوا آنذاك. هذا السلوك يصادفنا جميعا، لا شك. يحدث أمامنا مرة أو مرتين بالأسبوع سواء كنا جزءا من النميمة الواقعة أحداثها على ميدان الطاولة أو مجرد مشاهدين ننظر بغضب إلى آكلي اللحوم أو "الزومبي" و هناك من يطلق عليهم مصاصي الدماء، و إن كان هذا التعبير الأخير هو الأصح لشدة بشاعة المشهد. من صادف المجالس من هاته النوعية، تأكد أن هناك طاقة سلبية تسقط على الوافد الجديد فور جلوسه على مائدة الطعام حيث تكون الوجبة طبقا دسما من الرذائل. لا يستطيع حبس أنفاسه إذا كان ضعيف العزيمة، حتى ينهال على الضحية بما أوتي من حوله سواء يعرفه أم لا. الأهم أن يكون له دورا هاما في إنهاء الطبق. ما بالنا ؟ لما نتابع عيوب الناس و أسرارهم ؟ لما لا نهتم بشؤوننا و نكتفي ؟ ماذا لو كنا نشجع الناس بدل تحطيمهم ؟ كلها تساؤلات تجول بخاطري، و يجيب عنها مجتمعي الجميل بالنفي. لاحظت أن مجتمعنا يساعد الفاشل حتى ينجح، و حينما ينجح.. يحاربه حتى يفشل. فلما لا نتوقف عند السلوك الحسن الأول الذي ينّم على قيمنا كمجتمع راقٍ. لهذا، الفاشل يجب أن يعمل لكي لا يبقى هدفا سهلا لتلك المجالس، و الشخص العملي يجب أن لا يضيع وقته في النميمة و الكلام الذي لا يسمن و لا يغني، أما الناجح ينبغي أن يستمتع بنجاحه لا أن يكون الأول في تهشيم عظام المحيطين به. ما العيب أن نحمل ألسنتنا على الصمت، و أن لا نأكل لحم إخواننا، و أقربائنا و أصدقائنا خاصة. فكما قال الشاعر : " ومهما تكن لذى امرئ من خليقة... و إن خالها تخفى عن الناس تعلم". و حينما تعلم، يجد المرء نفسه فعلا.. في موقف حرج.