أمطار غزيرة بللت قميصه الصوفي المعفن ، الوحل مزق حذائه الصندلي ، وحرارة الشوق للفوز بالخروف تدفئ جسمه النحيل. لقد قربت شمس العيد على الشروق والحسن لازال ينتظر أمام باب وداية الحي دوره في الظفر بكبش العيد ، ساعات وساعات من الإنتظار ، صلبت فيها قدماه الصغيرة ، وازدادت سمرة وجهه القمحي ، وتجحظت عيناه السوداويتين . كلما مر كبش أحدهم من أمامه إلى وزدادت عزيمته في الظفر بالكبش المليح ، صاحب القرون الكبرى ، والصوف الخشن . الحسن منذ أن توفي والده وودادية الحي تتكلف بمنحه كبش العيد كل عام. وعلى نهج كل عام يقف أمام باب الوداية ينتظر دوره ....... داهم النوم حسن ، فتكوم أمام باب الودادية ، غاصا في نوم عميق ، متلذذا بحلم الظفر بكبش العيد ، وسعيدا بنشوة البراءة الخجولة أمام أصدقائه وهو يقوده إلى المنزل . في صباح يوم الغد فتح الحسن عيناه فلم يجد غير باب ودادية مقفل وحبلا خاليا من الكبش بين يديه.