1-1 أهمية الروح في الإسلام ينقسم التكوبن الإنساني إلى جزئين: 1) يتكون الجسم المادي الذي أصله من من مكونات صلبة وسائلة وغازية. ويسمى هذا الجزء جسم الإنسان، وهو قابل للكشف عنه بواسطة الحواس. 2) والجزء الثاني هو الروح الذي هو عالم غير مرئي، وغير مادي والداخلي للإنسان. العقل البشري لا يدرك ماهية الروح بل هو مفروض ومجبول عليه ذلك ، فوقث وجود الإنسان بدأ انطلاقا من نفخ الروح في... ه من قبل الله سبحانه وتعالى: ويَسئَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُل الرُّوحُ من أمرِ ربِّي وما أُوتيْتُم من العلمِ إلاَّ قليلاً} الإسراء آية 85 وقال عز وجل " " فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ" سورة الحجر29 فشكل الإنسان اكتمل عند تكوين جسمه من أطراف علوية وسفلية وبنفخ الروح فيه تحول من جسم جامد بدون حركة إلى إنسان حي يرزق حسب نصوص القرآن فإن الروح تبقى خالدة. وأكد الله عز وجل على ذلك في الآية التالية ببقاء الروح وعدم موتها في سورة الزمر: آية 42: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. البشر لديهم ميل طبيعي (الفطرة) خلال الحياة الأرضية إلى الاعتقاد بالله. فالإنسان عنده فطرة بين الإختيار ما هو جيد وسيئ بالنسبة له قال الله عز وجل: " وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ" سورة البلد آية 10 بشأن أهمية النفس البشرية هناك خلافات بين العلماء، بعض العلماء يعتقدون أن النفس جوهر روحاني يختلف عن العالم المادي. على سبيل المثال، وفقا للفيلسوف الإسلامي إبراهيم النظام ليس هناك فرق بين الروح والنفس. انه يعتبر الروح القوة الناعمة (جوهر لطيف) الذي يسيطرعلى الجسم ويقوده. بعض العلماء من المعتزلة يعتبرون النفس بمثابة نواة لا تقبل التجزئة (جوهر فرد). ويعتقد بعض العلماء أن النفس روحا وجسدا على حد سواء. رأي آخر ينظر إلى النفس على أساس أنها مجرد عضورمزي من أعضاء جسم الإنسان إذا لم يهتم بها بشكل صحيح واعتيادي ويغذيها بالطاقة الروحية بانتظام فسيسقط مريضا بأنواع شتى من الأمراض الروحية. ديكارت قال أن النفس ذكية وهي غير مرئية طاقة محركة من الداخل (جوهر مفكر) ، وفقا له يجد الإنسان وجوده عندما يفكر: أنا أفكر إذا أنا موجود. ونيتشه الفيلسوف الألماني يقول أن الحياة الداخلية للإنسان لا يمكن لمسها بل هي مجردة، إلا أنه اعتبر إمكانية الشعور بأفعال النفس وقد تكون على شكل من الأشكال التالية على سبيل المثال: الإحساس بالغضب والسعادة إلى آخره، المفكرين الماديين لديهم فكرة عن النفس: فالأفكار تنشأ بناء على الظاهر وعلى ما هو ملموس، ولذلك فهي موجودة في الجهاز العصبي. معارضون ينتقدون وجهة النظر هاته، فهم يعتبرون أن تأثير القوة غير الملموسة على الطبيعة له تأثير جد فعال وبالتالي على حياة الكائنات الحية. ابن سينا ضد رأي ديكارت: فهو يقول أن النفس تعي نفسها، قبل أفعالها. وهذا بطبيعة الحال على النقيض من فكرة ديكارت استقلال النفس تسبق على ما يأتي من تصرفاتها. فخر الدين الرازي يجد أن للنفس قوة داخلية لذلك فهو يعتبرها ( جوهرروحاني) . الله سبحانه وتعالى وضع جسما مناسبا للروح. ويمكن أن يكونا أي النفس والجسم مستقلان عن بعضهما البعض، استقلالية الجانب الصحي للنفس متوقف على استقلالية الجانب النفسي. اذا كان الإنسان مريضا جسميا أي به علة من العلل فإننا نتحدث فقط عن الجانب الظاهري الملموس المتمثل في المرض الجسدي، إلا أن مدى هذه الاستقلالية فهي في الحقيقة مجهولة ولا أحد يعرفها إلا الله سبحانه وتعالى يقول الله عز وجل:وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴿91/1﴾ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ﴿91/2﴾ وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا ﴿91/3﴾ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ﴿91/4﴾ وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا ﴿91/5﴾ وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ﴿91/6﴾ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴿91/7﴾ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴿91/8﴾ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴿91/9﴾ وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ﴿91/10﴾. العالم الإسلامي يوسف القرضاوي يعتبر أن النفس في القرآن الكريم لها معاني عدة: فمثلا تستخدم كلمة النفس للدلالة على جسم الإنسان. الآية الكريمة التالية تقول:"لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" سورة البقرة آية 286 القواعد الإلزامية التي شرعها الله للخلق تتطابق وتنسجم مع قدرة العبد الإحتمالية، النفس لها معاني عدة ومن بين هاته المعاني المذكورة في القرآن الكريم معنى يشير إلى الفرد كفرد، وذلك في قوله الله تعالى: سنريهِم آياتِنا في الآفاق وفي أنْفُسِهم حتى يتبيَّن لهم أنه الحقُّ [فصلت:53].ولذلك قيل: "من يعرف نفسه يعرف سيده". معنى آخر من النفس هي الروح إذ يمكن للإنسان أن يعيش ما دامت الروح في الجسد ولكن بدون روحه لا يستطيع الإنسان أن يستمر في العيش. عندما تغادرالروح الجسم، تتم إنهاء عملية الحياة فيه قال الله تعالى: "فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ" (55) فهم سيفقدون أرواحهم والنفس ككلمة في هذه الآية لها معنى الروح كما قال الله تعالى في آية أخرى: [سورة الزمر: آية 42]: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. كيف تعمل الروح الإنسان لا يعرف إلا القليل حول هذا الموضوع. ولذلك فإن علماء دين مسلمين قاموا بتطويرمعنى للروح اعتمادا على التعريفات المرتبطة الصلة بالقرآن الكريم. واحد من النماذج الأكثر شهرة هو نموذج الغزالي. في نموذجه يعمل الروح جنبا إلى جنب مع مراكز داخلية أخرى مثل الضمير والقلب والعقل الخ. 1-2الفرق بين القلب الفسيولوجي والقلب الداخلي (الأخلاقي) في التقاليد الإسلامية كلمة القلب ليست تعني فقط الجهاز العضلي الذي يضخ الدم والدورة الدموية، ولكن أيضا ينسب إليه مركز القوة الداخلية. وهناك من يعتبر خطأ القلب الرمزي الداخلي للدلالة عليه بالضمير، في الغرب يعرف بوصفه مجازا للصوت الطيب المنبعث من الداخل أي من الروح والذي يعطي إشارات للعقل البشري بفعل الخير. في البداية كان... العلماء بعتبرون أن القلب جهاز الجسم الحيوي (الجانب الفسيولوجي) دراستهم أثبتت أن القلب عبارة عن آلة تضخ الدم بشكل عادي لا أكثر ولا أقل. إذا كانت هناك علاقة بين وظيفة الجسم والجانب الداخلي (الأخلاقي) في القلب فحسبهم ذلك غير معروف. بعض الباحثين يعتقدون أنه لا يوجد تأثير مباشر يمكن ملاحظته على الصحة الروحية للمريض من قبيل مثلا التدخل الطبي عندما يتم استبدال القلب المريض بواسطة قلب آخرلشخص آخر، هناك فعلا تغيير طفيف على نفسية المريض بسبب تأثيرالعملية. ولذلك فإن معظم العلماء المسلمين يقولون إن القلب الذي يسمى في القرآن هو القلب الداخلي (الأخلاقي) القلب الذي هو غير مرئي مثله مثل النفس والروح. فهل هذه حقيقة لا أحد يعرف ذلك. استنتاجا يتضح أن الأطباء الغربيين الذين لديهم الكثير من المعارف العلمية المكتسبة في هذا المجال، يبدو أن العديد منهم اعترف انه خلال الأبحاث التي قاموا بها أنه لم يتم التحقق من القلب مع إرتباطه بالجانب الصحة النفسية وأنهم أهملواهذا الجانب من زاوية اهتماماتهم وهاته تعتبر ملاحظة هامة حول هذا الموضوع. في العصور القديمة وفي وقت مبكر اعتبر الإنسان القلب كمركز للقوة الأخلاقية الداخلية ومنشط الدماغ. أيضا آيات كثيرة من القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرنا حاول المسلمون أن يفهموا أسرار القلب المذكور فيها وتحليل علاقته بالعواطف والعقل والذاكرة، فقط منذ 30 عاما بدأ الباحثون قليلا التحقيق في العلاقة بين أنشطة القلب والدماغ. ...فلقد لاحظوا أن القلب يلعب دورا بل يتفاعل تجاه ما يحيط به من أشياء وخاصة البيئة الطبيعية، ولقد ابتدأ هذا عندما اكتشفوا أن هناك علاقة وارتباط بين ما يفهمه الناس ويشعرون به ومعدل ضربات القلب وضغط الدم و التنفس في الرئتين. في وقت لاحق وجدوا أن القلب يؤثر على نشاط الدماغ. وقد قرر الباحثون أن القلب يتصل مع العقل من خلال شبكة معقدة من الأعصاب هناك نوع من التواصل المشترك بين القلب والعقل في شكل إشارات كهربائية. قال الإمام الغزالي إن كلمة القلب لها معنيان: الأول هو أنها قطعة من اللحم على شكل الصنوبر في الجانب الأيسر من الصدر، والآخر هو الإلهي الروحي (لطيفة ربانية) التي تتصل بجسم القلب وهاته الأخيرة هي الحقيقة الإنسانية ... " وقال أيضا إن أدمغتنا لديها مهمتين، وهما معرفة الحقائق العلمية واستيعاب العلوم ( المدرك للعلوم)، والمهمة الأخيرة تناط لوظيفة القلب. الإمام القرطبي في تفسيره للآية: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرض فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ[سورة الحج: آية 46] قال: " العقل ألحق بالقلب لأنه محله فنقول مثلا السمع يلحق بالأذن لأنها محله مكان الاستماع يقع في الآذان ...". وقال أبو قتادة: "البصيرة تقع في القلب". ابن القيم وأحد أهم الفقهاء المسلمين قال ان هناك نوعين من الأمراض: مرض يصيب القلب المعنوي ومرض يصيب الجسد. بخصوص التخصص الطبي لأمراض القلوب، الله سبحانه وتعالى فقط منحه الى الانبياء، أنبياء الله لديهم المهارات التي تم الحصول عليها من الله عز وجل من أجل تغذية وشفاء روح الإنسان وإرشاده إلى الطريق الصحيح، صحة القلب وسلامته الروحية لا يمكن أن تتحقق ذلك إلا في حالة معرفة أسماء الله وصفاته وتحريكها وتفعيلها 1-3 العلاقة بين العقل والقلب على حد سواء القرآن والسنة أعطيا اهتماما خاصا للقلب من حيث المعنى: القلب سواء المادي أو القلب المعنوي. وفي كلتا المعنين يعتبر القلب واحد من أكثرأعضاء الجسم حساسية ونبلا فهو يؤثر على كثير من الوظائف الجسدية مثل العقل ونشاطاته المتمثلة في الإدراك والوعي والبصيرة والتي تعزى معظمها وتنسب إليه. كأمثلة على ذلك ما تشيره الآيات التالية: 1 - القلب هو الجهاز الذي ... يتلقى الوحي: ̈ ...نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ ̈ سورة الشعراء آية 94 2 - القلب هو موضوع الإيمان والكفر: (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم) سورة النحل - الآية: 106 3 - القلب هوموقع تختزن فيه العواطف والمشاعر المختلفة مثل: (ألذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) سورة الرعد الآية: 28 4 - القلب السليم هو القلب الذي يقدم الدعم لصاحبه يوم القيامة: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ {89} [الشعراء: 88-89] 5- القلب كعضو يمكن أن يكون رطبا ورخوا أو صلبا ومتحجرا:(اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيْثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُوْدُ الَّذِيْنَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِيْنُ جُلُوْدُهُمْ وَقُلُوْبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِيْ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) سورة الزمر آية 22-23 6 - القلب يتحمل المسؤولية كباقي الحواس:(ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً) سورة الإسراء الآية: 36 7- لا يعاقب الله القلب الواع والمدرك:قال صلى الله عليه وآله وسلم (لا يعذب الله قلباً وعى القرآن) 8 - القلب له حساسية التمييز بين الأشياء الجيدة والسيئة كما يتضح من اسمه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [الأنفال : 24] وقد وصفه صلي الله عليه وسلم كالتالي :(مامن قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن رب العالمين إذا شاء أن يقيمه أقامه وإذا شاء أن يزيغه أزاغه وكان يقول يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قال والميزان بيد الرحمن يخفضه ويرفعه ) رواه النسائي وابن ماجة . وهناك أيضا آيات أخرى كثيرة في القرآن الكريم التي تتحدث عن قلب الإنسان وإليه ينسب العديد من المهام المتعلقة بالوعي والإدراك والضمير والبصيرة. وعادة ما تنسب هذه الوظائف إلى العقول. أدلة طبية عدة من البحوثات العلمية خصوصا في السنوات الأخيرة ظهرت إلي حيز الوجود لتأكد وجهة النظر هاته: "... كل خلية في الجسم والعقل تتبادل فيما بينها رسائل قصيرة من سلسلة حامض الأميني . سابقا ك...ان يعتقد أن هذه العملية لا تحدث إلا في الأدمغة ولكن ثبت أنه بإمكان حدوثها في أجهزة أخرى مثل القلب. الذاكرة لا يتم تخزينها فقط في أدمغتنا ولكن أيضا في خلايا أعضائنا الداخلية وفوق سطوحنا الجلدية. تحدث العلماء لفترة طويلة عن تفاعل القلب مع الإشارات الواردة من المخ. لكنهم يدركون الآن ان هذه العلاقة هي دينامية من كلتا الجانبين على حد سواء أي الإشارات الواردة من القلب أو من العقل كل يؤثر في الآخر. الباحثون ذكروا بعض الآليات التي يؤثر فيها القلب على العقل ومنها على سبيل الذكر: آليات الأعصاب الصادرة من النبضات العصبية، وآلية الكيميائية بواسطة الهرمونات والناقلات العصبية، وآلية فيزيائية من خلال موجات الضغط الطاقية بسب المجال الكهرومغناطيسي للقلب. القلب هو مركز القوة الذي يحافظ على صحة إحساساتنا الداخلية لا يمكن أن يتم التأكد تجريبيا من ذلك. بصيرة القلب والقلب الأخلاقي، يرى وجودنا من خلال هاته اللطيفة القلبية وليس من العين المجردة العادية. قلب معنوي يحس ثم يعترف بالحقيقة من الداخل وليس من الخارج. والحقيقة هي معقدة ومتشعبة. أيضا بنية الإنسان ووظيفته معقدة. يمكن أن نصل إلى الحقيقة بطريقتين انطلاقا من الجهاز الحسي أي حواسنا أو عن طريق الإيمان. العلم الحديث يمكن أن يساعدنا من خلال الملاحظة على فهم جزء من الحقيقة. للحصول على صورة كاملة للحقيقة على العلم الحديث أن يأخد رؤيته الإدراكية والتي هي مركبة ومعقدة في نفس الوقث من كلا العالمين الميتافيزيقي والمادي. ملاحظة العالم الغير المادي تتم من خلال الملاحظة التي يصورها القلب. القرآن والسنة يعززان هذا التعاون الجيد والتواصل المتين بين القلب (البصيرة) والعقل ( الفكر العقلاني المتزن والرشيد ) في مجال أداء الوظيفة البشرية في الوجود. ويمكن لعدم وجود تعاون وتناغم وتواصل بين العقل والقلب قد يؤدي ذلك إلى خلل وظيفي وربما إلى مرض يصيب الإنسان. السؤال هو: هل هناك نظرية مأخوذة من القرآن والسنة درست العلاقة بين القلب (البصيرة) والعقل (الفكر) بطريقة علمية؟ يعتقد أنه من الممكن تحقيق ذلك، ولكن كيفية تفعيله على أرض الواقع يتمثل بقيام العلوم الحديثة بإجراء دراسة جادة لتقييم تأثير القلب على الأنشطة الفكرية والعاطفية والنفسية للبشر.وهذا يدفعنا إلى التساؤل عن نوع هذا النفوذ الذي يمارسه القلب وعن مقياسه وحجمه على نشاط... الدماغ وماذا يعني تأثير ذلك على الصحة البدنية والعقلية للفرد على حد سواء؟ ما يتعلق بموضوع التعاون والتناغم بين القلب والعقل موجود بالفعل في القرآن والسنة على حد سواء وقد ركزا بشكل خاص على النقاط والجوانب التالية : العقل يفسح إمكانية للمخلوق بأن يفكر في الخالق والحياة والطبيعة والإنسان. ومن خلال إستنتاجاته العقلية يتم العثور على أدلة تثبت وجود الخالق، وعلى أساس هذه الأدلة يحاول الإنسان أن يبني علاقته النسقية مع الله والبيئة والمحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه دون أن ينسى نفسه ويقودها نحوحياة صحية. والقوة الكامنة وراء توجيه الحقيقة هي قوة تجد معناها في المعنى الديني أو الروحي للفرد الذي تعطيه أجوبة على الأسئلة الأساسية المحيطة به من حيث وجوده وطريقة عيشه ولائحة الأخلاق الواجب اتباعها. القلب يقوم أساسا بنفس العمل ولكن بطريقة أخرى: يقوم عمله على استعمال الضمير والبصيرة. هناك فرق بين دور كل من العقل والقلب: الأول بجمع وينظم المعلومات، يحلل البيانات، يمنح الإختيارات(بفضل الإرادة الحرة). والثاني أي القلب يصل إلى هذه المعلومات على أساس الغرائز والمشاعر العميقة والتي يلعب العقل أيضا دورا فيها. وهناك دور خاص للقلب يكمن في تقييم وتحليل البيانات واتخاذ اختيارات بناء على الرغبات،المشاعروالضميرالعميق. يكون النشاطين الأخيرين القناعات والاعتقادات الإنسانية. وباختصار فإن دور العقل هو الفهم أما دور القلب هو التأكيد(الإيمان) حول هاته الملاحظات المتعلقة بالوجود المادي والفوقي الغير المادي. النشاطين يقودان الإنسان من درجة عدم اليقين إلى اليقين. ولذا فمن المهم للإنسان أن يحافظ على سلامته سواء منه الجانب المادي أو المعنوي على حد سواء، وهذا يعني أن على الفرد أن يعتني بالصحة البدنية والروحية معا. الاستنتاج هو أن القلب هو جهاز مهم لجميع الملاحظات فإذا كان القلب سليما فإن صاحبه يتمتع بصحة جيدة.