بلغت من السنون ما قد لا أعيشه والله أعلم . كلما يزداد عمري عمرا, كلما يزداد تعلقي بهذه المدينة , رغم قسوة العيش , واضطراب الأوضاع , وصعوبة الوصول الى المبتغى . أريجها القادم في ليلة عروسها القمر , يتسرب الى داخل جسمك , كتلك الدماء الحمراء التي تزرع الحياة داخل هذا الجسم , وجرحي أسفا على ما فعله الخونة بها , أكابده عند كل شروق للشمس على هذه المدينة , واعتزازي بالمناضلين , وفخري بهؤلاء الأحباء باقة من الورد أهديها لكل العاشقين . كلما أرى مالا يعجبني حتى أضجر مما لا يعجبني , كلما يزداد عشقي لها . إنني أخاف عليها كما تخاف الأم على طفلها , إنني أحبها كما يحب الفلاح حقله , إنني أعشقها كعشق المقدسيين لتلك الأرض المقدسة. كل ليلة يمتزج لدي احساسان , أولهما إحساس بالدفء , وثانيهما إحساس بالخوف . إحساس الدفء حينما تصلني رائحة تلك النسيم الفائحة على هذه المدينة . وإحساس الخوف حينما أعلم ان هناك بها أناس يزرعون الشوك , فنحصد نحن تلك الأشواك . أناس لايرون فيها إلا فريسة ملئ بكل ما يجلب لهم السعادة , لا يعلمون أنها التعاسة في أبشع صورها . أناس لا يعيرون قيمة لدمعة طفل متسكع بين أزقتها , ولا صرخة شاب خر كيانه الجلوس في مقاهي المدينة , بعدما اخذ العلم والتعلم منه جهدا كبيرا , أناسا يدوسون بأحذيتهم الثقيلة على كل الأشياء الجميلة التي توجد بهذه المدينة , أناس لا يعرفون ما معنى ان تكون عاشقا للأوبيدوم. أن ترى في عشقك للاوبيدوم ماضي الأجداد , وحاضر الصبايا, ومستقبل الأطفال. أيام نضال إخواننا , وبيوتا شيدت بعرق الشرف . مدينة عاشقوها تراهم كل يوم بعد صلاة الفجر يتجولون بين أزقتها , يستنشقون رائحة العز والكبرياء حينما كانت حدائق الهسبريس. الأوبيدوم , عشق جميل , من صبية جميلة , ليس جمال الصورة وإنما جمال الروح , فلا يعشق الأوبيدوم إلا جميل الروح. عشق الاوبيدوم سوف يأخذنا قي كل مرة إلى الألم أو السعادة , إلى الحزن أو الفرحة , على حسب ماذا زرع وماذا سوف نحصد . عشق الاوبيدوم , لحضات دافئة سوف نحياها معا , في نسيج كحائي مرة, ونقدي مرة أخرى , ومرات كثيرة سوف نلبس فستانا زهريا حتى لايتوقف هذا العشق وان انفرطت حبات العقد المزين للفستان الزهري.