حددت مصادر "الصباح" عدد الذين سيتم عزلهم من جديد، وإحالة ملفات بعضهم على محاكم جرائم الأموال، في 10 رؤساء، ضمنهم رئيسان من العدالة والتنمية، ومثلهما من الحركة الشعبية، وآخران من الأصالة والمعاصرة، ورئيس جماعة من الاتحاد الاشتراكي، وآخر من حزب البيئة والتنمية، وواحد من التجمع الوطني للأحرار، ومثله من حزب الاستقلال. وتثير قرارات العزل والمحاكمات المتواصلة لعشرات المنتخبين الجماعيين، الكثير من الجدل، حول دور سلطات الداخلية ومسؤوليتها في تتبع ومراقبة عمل المجالس، انطلاقا من مهمتها الرقابية في الوصاية. وإذا كان الجميع مع تفعيل القانون، وتعزيز آليات المحاسبة، في إطار مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، فإن ما يثير تساؤلات العديد من الفاعلين السياسيين والمتتبعين للشأن المحلي، هو دور سلطة الوصاية في المراقبة القبلية والبعدية لعمل المجالس المنتخبة، من خلال التأشير على الميزانيات وجدول أعمال الدورات والمشاريع المبرمجة. وتحولت تقارير الوالي، زينب العدوي، المفتشة العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية، وإدريس جطو، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، وقضاة المجالس الجهوية، إلى سلاح فتاك يخيف 32 ألف منتخب، وآلاف الموظفين الذين رفضوا تطبيق القانون بحماية المال العام من النهب، وحولوا المشاريع التنموية، إلى مشاريع ذاتية لمراكمة الأموال والاغتناء غير المشروع. وقريبا، ستشهر تقارير المفتشية العامة للإدارة الترابية والمجلس الأعلى للحسابات، الأوراق الحمراء في وجوه كبار المنتخبين، من خلال إحالة ملفاتهم على القضاء، خصوصا بعدما ثبت للمحققين، أن رؤساء مجالس غارقون في بحر من الخروقات الإدارية والمالية. والخطير في الأمر، أن العديد من الأحزاب، بلع زعماؤها ألسنتهم، وتركوا المنتمين إليها، يواجهون مصيرهم بمفردهم، خصوصا إذا علمنا، وفق بعض التصريحات، أن تقارير جطو أو العدوي "ليست قرآنا منزلا"، كما جاء على لسان نبيل بن عبد الله، في وقت سابق. وغابت احتجاجات قيادات الأحزاب التي ظل البعض منها، يدافع بقوة عن مناضليه، ويناصرهم، خصوصا أن حديثا قويا يجري في الكواليس، يفيد أن مراقبي صرف المال العام، يتعاملون بانتقائية في إحالة الملفات على القضاء. وباستثناء ارتفاع أصوات خافتة من داخل بعض الأحزاب، التي قالت إن أمر إحالة ملفات رؤساء جماعات على القضاء، يعتبر بمثابة "تصفية حسابات"، فإن الجميع يلوذ بالصمت، خوفا من ضربات قاسية.