مدينة القصر الكبير أو أوبيدوم نوفوم ( OPPIDUM NOUVUM) أو قصر كتامة أو قصر عبد الكريم، كما كانت تسمى تاريخيا، وتعرف قديما، وكما ورد ذكرها في المصادر التاريخية، ومعاجم المدن، تقع شمال المغرب الأقصى، تابعة لإقليم العرائش، وهي من المدن المغربية القديمة العتيقة، و(تعتبر أول حاضرة في المغرب ما زالت قائمة … وقد كانت مهبط رجالات العلم والفكر والتصوف في إفريقيا الشمالية في مختلف العصور) . وهي مدينة الأولياء والصلحاء، والمفكرين والعلماء، والكتاب والأدباء، والفنانين والشعراء. وقد أنجبت على مر العصور العديد من الأعلام، كانت لهم مكانة كبيرة وشأو عظيم في مختلف المجالات والميادين الثقافية والفكرية، تشهد على ذلك إسهاماتهم العديدة، وإنتاجا تهم الكثيرة في الحياة الأدبية والعلمية. منها ما نشر ومنها ما ينتظر نفض غبار النسيان والإهمال عنها . بالقرب منها على وادي المخازن، وقعت معركة وادي المخازن الشهيرة، والتي تعد من الأحداث البارزة في تاريخ المغرب المجيد، بل في تاريخ العالم ، وتعرف كذلك بمعركة القصر الكبير، وبمعركة الملوك الثلاثة ، حيث مات فيها ثلاثة ملوك ، وهم ملك المغرب أبو مروان عبد الملك المعتصم السعدي الذي توفى وفاة طبيعية نتيجة مرض أصيب به ، ويقال أنه مات نتيجة سم دس إليه . والملك المخلوع أبو عبد الله محمد المتوكل ، الذي توفي غرقا في الوادي ، والمعروف بالمسلوخ عند المغاربة ويسميه الأوربيون الأسود ، لأنه بعد العثور علي جثته تم سلخ جلده وحشوه تبنا ، والذي كان يحارب إلى جانب الجيش البرتغالي . لما عرف الجميع خيانته ، فر والتجأ إلى البرتغاليين يستغيث بملكهم دون سيباستيان ضد المغرب والمغاربة ، قصد استرداد حكمه على المغرب ، عارضا عليه التنازل له عن بعض المدن والثغور المغربية ، وتبقى المدن والمناطق الداخلية تحت حكمه . وكذلك ملك البرتغال دون سيباستيان (1554- 1578م) الذي توفي في أثناء المعركة نتيجة الجروح التي أصيب بها . فهذه الأسماء إن تعددت فالهدف واحد ، وأنها جميعا تؤدي إلى المعركة التي وقعت بين السعديين والبرتغاليين يوم 04 غشت سنة 1578م ، حيث انهزمت الجيوش الصليبية ، وكان النصر حليف الجيوش المغربية. وقد خلدت هذه المعركة المغرب بصفة عامة، ومدينة القصر الكبير بصفة خاصة في صفحات كتب التاريخ والحروب الإسلامية. وتم ذكر هذه المعركة في عدة مصادر ومراجع تاريخية عربية وأجنبية. إلا أن الموقع الذي كان ميدان هذه الواقعة، والذي كان ميدان القتال، الذي التقى فيه الجمعان، لم يتم الاهتمام به، ولم يتم تحديده بصفة دقيقة، حيث بقي هذا الموقع في طي الإهمال والنسيان، رغم أن المكان الذي ينتمي إلى جماعة السواكن يتوفر على مناطق سياحية، ومعالم تاريخية، نظرا لاحتوائه موقع تلك المعركة الشهيرة، وخاصة القنطرة أو الجسر الروماني القديم، الذي كان يستعمله الرومان في تنقلاتهم من طنجيس إلى وليلي، وهي من أهم الآثار الباقية، التي تقوم على نهر وادي المخازن، وأن هذا الموقع بالرغم مما أصابه من ضروب الإهمال والنسيان، فلا زال يقاوم الزمن والاندثار، حيث يجب الاهتمام به وإعطاؤه حقه من العناية والترميم والإصلاح، ليتم استغلاله من الناحية التاريخية والسياحية والترفيهية، فيصبح قبلة الزوار ورواد الأماكن السياحية والتاريخية، ليقضوا لحظات تأمل وراحة في ذلك المكان، ناهيك عما يمكن أن يقدمه للمنطقة وأبنائها من نشاط ثقافي وسياحي، ويغدو مصدرا ماديا ينتفع منه الجميع، وتنتعش الحركة السياحية والاقتصادية والاجتماعية . والذي يدعو إلى الاستغراب والحيرة والتساؤل، هو أن هذه المعركة رغم ما أحرزته من شهرة واسعة، وحظوة مرموقة، فإنها لم تأخذ حظها من الدعاية والإشهار قط ، باستثناء الاحتفال الذي يقام سنويا، للاحتفال بذكرى معركة وادي المخازن، حيث لا يجد السائح والباحث عن موقعها للوصول إليه وزيارته ، أية لوحة تشويرية أو علامة إشهارية تدل على طريق ومكان وجوده، سواء بمدينة القصر الكبير أو الطريق السيار أو الطرق الرئيسية والثانوية، رغم أن مجموعة من الأماكن الأثرية والمواقع السياحية بمختلف المناطق المغربية تتوفر على هذه العناية الدعائية. فعلى من يهمه الأمر والجهة المختصة أن يبادروا بالاعتناء بهذا الموقع ، وأن يستجيبوا لهذه الصيحة الصادرة عن الغيرة القوية على الرمزية التاريخية لهذا المكان ، والرغبة الكبيرة في رد الاعتبار له ، وأن لا تكون صيحة في واد ، أو كما يقول الشاعر الفارس عمرو بن معد يكرب (525 643م ) : لقد أسمعتَ لو ناديتَ ×× ولكن لا حياةَ لمن تُنادي ولو نارٌ نفختَ بها أضاءت ×× ×× ولكن أنت تنفخ في رماد .