تم افتتاح دار الثقافة بمدينة القصر الكبير يوم السبت 16 شتمبر 2013 بتنظيم نشاط ثقافي في مستوى الحدث، من طرف فرع اتحاد كتاب المغرب بالقصر الكبير، وقد كان الافتتاح احتفالا واحتفاء، احتفالا بإنجاز معلمة ثقافية، لترميم شروخ وعلاج الذاكرة الثقافية القصرية من جراء تدمير أو مسخ أخطبوط البناء والحجر لمنشئات الفكر ومعالم الفن والأدب، بتزكية من المجالس السابقة، ومؤامرة الصمت من طرف ممثلي وزارة الثقافة، (كما هو الشأن بمسرح الطبيعة الذي حول إلى مقاهي ومتاجر ودور للسكن، ومسرح بريس كالدوس الذي هدم وبني على أنقاضه مقهى لاستهلاك الفراغ، وسينما اسطوريا التي صدمتها عربة سوء التدبير، وأعاقتها عن نشاطها الثقافي، وحولتها إلى مرأب للسيارات، وسينما المنصور التي حاصرتها عناكب الإهمال، وحنطتها في مقبرة النسيان. واحتفاء بالشاعر الكبير عبد الكريم الطبال، والناقد والقاص حسن اليملاحي، ومن خلالهما تكريم الإبداع الأدبي والفكري، ورجاله ونسائه، شارك فيه نخبة من أبناء مدينة القصر الكبير العالمة، من شعراء وروائيين وقصاصين ونقاد وتشكيليين وإعلاميين، ومهتمين من مختلف مشارب الفن والمعرفة. كما كان الاحتفال احتفاء وامتنانا للمجلس البلدي التنموي على هذا الإنجاز الجميل تصميما وفضاء وتجهيزا، الذي يتيح لأبناء المدينة ومفكريها وأدبائها ممارسة الفعل الثقافي والجمعوي في ظروف مناسبة جيدة، والمساهمة الفعالة في التنمية المحلية بمفهومها الشامل. كما كان الاحتفال شهادة اعتراف بأن المجلس البلدي دشن مرحلة جديدة في التعامل مع الشأن المحلي، قوامها أن الإنسان محور للتنمية، وهو يحظى بالأسبقية وحسن الاهتمام، وأن الثقافة هي الطاقة الخلاقة والمحركة لدواليب عجلة التنمية المحلية، والعدالة الاجتماعية. وقد كان للحضور الشخصي للسيد سعيد خيرون - رئيس المجلس البلدي لمدينة القصر الكبير وممثل إقليمالعرائش في البرلمان - دلالات واضحة ومشجعة، وأثرا طيبا في نفوس الحاضرين، خلف انطباعات حسنة، وتفاعلا إيجابيا مرضيا، وكأني أسمع رئيس المجلس يهمس في وجدان المثقفين قائلا: إننا اليوم ندشن عهدا جديدا، واهتماما بليغا بالثقافة، وبناء فكر الإنسان، من خلال بناء دار الثقافة، ووضعها رهن إشارة الجمعيات الفاعلة، والبرامج الثقافية الجادة، فمنا الدعم، ومنكم الاجتهاد، عليكم بالعمل والسعي، وعلينا المواكبة والتشجيع، فكلنا شركاء في تحريك عجلة التنمية المحلية، ولكم ولنا اختيار ركوب قطار الأمل والإبداع والعدالة الاجتماعية، وكلنا مسؤولون عن الارتقاء بمدينتنا إلى المكانة التي تليق بها، وبتاريخها وأمجادها، فالقصر قصران: قصر قي الواقع، وقصر في الوجدان، قصر قي المكان، وقصر في الزمان. نحن الآن فعلا في دار الثقافة، هي إنجاز ومفخرة لكل رواد عالم الفكر، هي معلمة وجوهرة في عقد منجزات المجلس البلدي التنموي، أعجب بها الجميع وانبهر، وصفق لها الجمع وشكر، واستحسنها الكل فضاء وتجهيزا. لن تنسينا روعة الاحتفال، وبهاء التكريم، وثراء المداخلات، التي أضفت على الاحتفاء قيمة مضافة واجب الترحاب بضيوف المهرجان، مرحبا بعميد شعر التفعيلة عبد الكريم الطبال، تحية تقدير من الحضور الكريم إلى الشاعرة الدكتورة فاطمة الميموني، تحية إعجاب إلى الطود الشامخ الروائي بهاء، إلى الناقد المحبوب لدى مثقفي القصر الكبير نجيب العوفي، مرحبا بعشاق الكلمة والإبداع، تحية إعجاب وتقدير لحماة وتسيير الشأن العام. وقد شكلت مداخلات وارتسامات وشهادات المتعاقبين على منبر الخطابة إكليل إعجاب وتقدير وشح بها فارس اللقاء الشاعر الكبير عبد الكريم الطبال، وفي لحظة مشرقة تم توقيع شراكة بين فرع اتحاد كتاب المغرب بالقصر الكبير ونيابة وزارة التربية والتكوين بإقليمالعرائش، وكم كانت متعة الحضور كبيرة بمداخلات السادة: عبد الإله المويسي – النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية – الشاعرة أمل الأخضر – الشاعر عبد الرزاق الصمدي – الشاعر محمد بن قدور الوهراني – الناقد والقاص حسن اليملاحي – الناقد والأستاذ الباحث الدكتور مصطفى الغرافي – الروائي رشيد الجلولي – والطالبة حماس المويسي، التي كانت قبل رد وتعقيب المحتفى به ملح الطعام، ومسك الختام. أما في اليوم الموالي (17-11-2013) وحسب برنامج المهرجان فقد عاش مثقفو المدينة وأدباؤها أمسية حالمة، ولحظات ممتعة، في لقاء حميمي مع الناقد والقاص الأستاذ حسن اليملاحي، لتوقيع إصداره الثاني " مرايا صغيرة" الذي يحتوي على خمسين قصة قصيرة جدا. كما تجدر الإشارة إلى أن مديرة الجلسة الشاعرة فاطمة الميموني كانت موفقة جدا في تسييرها المحكم السلس لهذا اللقاء، ونغمة متميزة في سنفونية هذا الاحتفال، أما الدكتور عبد الإله المويسي فكان محللا ماهرا لنصوص المجموعة القصصية "مرايا صغيرة"، تجاوز صفحة المرآة العاكسة لمظاهر الصور والأمكنة والشخوص، ليبحر في أعماق الأزمنة، والأحداث وأغوار النفوس، وقد أجاد في شرح الغامض، وكشف المكنون والمستور. وبعد قراءة المؤلف بعضا من قصصه القصيرة جدا فتح باب المناقشة الرحب، المنفتح على مساحات شاسعة من حرية الرأي والنقد، الذي لم تسيج مداه موانع المجاملة، أو حواجز الرقابة والمواربة، ساهم في إغنائه الأديب عبد القادر بن قدور، والأستاذ محمد الموذن، والروائي رشيد الجلولي، والسينمائي هشام الخياطي، والشاعر محمد بن قدور الوهراني، والطفل يونس نجل الأستاذة نسيبة الطود، فكانت المكاشفة، وتحقق الإثراء. وبعدما تولى المحتفى به الأستاذ حسن اليملاحي الرد والتعقيب بأريحية متميزة على جميع المتدخلين تم توقيعه على شهادة الحياة والتداول "لمرايا صغيرة"، بحضور نخبة من المبدعين والمثقفين، وبمصادقة من فرع اتحاد كتاب المغرب بالقصر الكبير، وتوثيق اللحظة عبر الأثير من طرف إذاعتي طنجة وتطوان، والبث المباشر الحي بالصورة والصوت عبر الموقع الإلكتروني " قصر " قصر فروم"، وتغطية الحفل الأدبي البهيج من طرف موقع العرائش 24 ، وقصر فروم، وفعاليات من الإعلام الجاد، في مقدماتهم الأستاذ محمد كماشين، وزكرياء الساحلي، وإدريس المريني، وفؤاد الباهي، والأستاذ محمد الموذن، وقد تابع فقرات هذا المهرجان الأدبي الرفيع جمهور عريض، على امتداد جغرافية الوطن، وباقي أمصار المعمور.