يتسبب باعة الفواكه و الخبز و الحلويات المتجولين في تكدس و شلل مروري عند باب المحطة الطرقية، بسبب تزايد عددهم يوما بعد يوم بشكل كبير، و بالضبط عند مخرج الحافلات، و يزيد الطين بلّة، ركن سيارات الساكنة القاطنين بالمنطقة المحيطة، و لا ننسى أصحاب الأثاث المستعمل و النقانق و حتى باعة السجائر الذي لهم دور كبير في ديناميكية الجو. تقوم شرطة المرور بمحاولة تسيير الحركة المرورية، وتنظيم الشارع لفض هذا التكدس، لأن المد يبلغ حتى الشارع الرئيسي أو الطريق الوطنية لكن دون جدوي. فلهم أن يصفروا و يزمّروا أو يطبّلوا، فلا مستجيب. قد شهدت مدينة القصر الكبير غارات كثيرة شنّها باشا المدينة على الباعة بعد أن احتلوا ساحات وشوارع المدينة، كي يتقلص العدد أو على الأقل أن يلتزموا بالأسواق المخصصة للبيع، إذ ركزت الحملات على الفوضى التي تشهدها الشوارع والأزقة الرئيسية بالمدينة. لكن المصيبة، حتى باعة السمك رغم أن سوقهم يبعد بعشرة أمثار أو أقل يخرجون إلى الأرصفة فيتسببون بتلويث جوانب كثيرة من الشارع بأكوام من مخلفات الأسماك و روائحها الكريهة. قد عبر عدد من التجار و السكان المجاورين للميادين المستعمرة عن ارتياحهم لخطوة القوات العمومية في تِرحال الباعة معبرين في نفس الوقت عن خوفهم من عودة الأمور إلى حالها بعد توقف الحملة مركزين على ضرورة محاربة مظاهر الفوضى و التلوث الذي يسببه بعض الباعة المتجولين. و لا أنسى أن أشير إلى أن الباعة المتجولين والمفترشين للأرصفة يشكلون قلقا عميقا لراحة السكان ويعكسون بذلك صورة غير حضارية بتاتا للمدينة، كما أنهم لم يعد يراعون حرمات المساجد ولا مشاعر المصلين حيث ترتفع نداءات الباعة لبيع سلعهم وتمتزج بنهيق الحمير المتواصل بغض النظر عن العبارات النائية التي ألفها السكان. إذا كنت ألتمس الكثير من الأعذار للباعة المتجولين، و أدعو إلى أسلوب المصادرة، فلا أنسى أن أستحضر ظروف فقرهم عدم توفرهم على محلات تجارية وعدم امتلاك أي شبر من الملك الخاص. فإنني أدعو على العكس من ذلك تطبيق القانون على المؤسسات و أصحاب المقاهي والمطاعم و المحلات التجارية الذين يحتلون الملك العمومي ويجعلونه بأملاكهم الخاصة بدون وجه حق وضرورة إفراغ الرصيف في وجه حركة السير والجولان. فأنا، و أنتم و كل الساكنة، لنا الحق أن نتجول على أرصفة الشوارع بكل حرية، لا أن نتزاحم و المشترين عند كل شبر من الملك العمومي، و من حقي أيضا أن أستقل الحافلة فتخرج برحلتي في دقائق، لا أن ننتظر لنصف ساعة حتى تفرغ الطريق، هذا و إن فرغت دون شتائم و سبّ.