ليس من الصعب على أي شخص أن يستنتج أن الخطوات الأولى لمنتخب البرازيل في كأس القارات FIFA كانت أفضل مما كان متوقعا. فقبل أن تبدأ المنافسات، كان كل حديث حول فريق لويز فيليبي سكولاري لا يخلو من ذكر الصعوبة التي يجدها في تسجيل الأهداف، والقلق الذي يرجع إلى مرور وقت طويل دون أن يقدم السيليساو أداء يقنع الجماهير ويمتعها، بل ودون أن يفوز على أي فريق من الفرق الكبيرة، باستثناء الفوز على فرنسا في لقاء ودي قبل بدء البطولة. والآن، بعد انتهاء الدور الأول، لا يكاد أحد يتذكر شيئا من هذه الأحاديث والشكوك. فالحصيلة النهائية تشمل تسعة أهداف في ثلاث مباريات، وثلاثة انتصارات رائعة، هذا بالإضافة إلى تألق النجم نيمار بشكل لم يسبق له مثيل وهو يرتدي القميص الأصفر الشهير. كانت البداية مثالية، ومع ذلك، فقد كان البعض قبل أمسية هذا السبت في أرينا فونتي نوفا يشعرون بأن الفرحة لم تكتمل بعد. لذلك كان التغلب على المنتخب الإيطالي بأربعة أهداف مقابل هدفين له أهمية خاصة. فمن ناحية، نال المدافع دانتي، الذي لم يكن قد شارك في اللعب حتى الآن، فرصة المشاركة في ملعب مدينته سلفادور، الذي اعتاد أن يقصده فيما مضى كمشجع لفريق باهيا، وسجل أيضا الهدف الأول. ومن ناحية أخرى، أنهى الهداف فريد صومه عن هز الشباك. وقد يكون من الغريب أن نقول صوما إذا كنا نتحدث عن ثلاث مباريات فقط، إلا أن معدل تهديف لاعب السيليساو رقم 9 كان مرتفعا لدرجة أن كل من كانت له صلة بالفريق أو يتابع أخباره كان يتعجب من أن مهاجم نادي فلومينينسي الخطير لم يحرز حتى الآن أية أهداف مثل هذين اللذين وضعهما في مرمى إيطاليا. دانتي لكن حتى لو كان الشك قد ساور الجميع بشأن إمكانيات فريد، فإن فيليبي سكولاري لم يفقد ثقته بمهاجمه، وهو ما أكده عقب المباراة بقوله: "لعب فريد معي حوالي ست أو سبع مرات، وأحرز ستة أو سبعة أهداف. إنني لا أعرف ما الذي يريدونه منه أكثر من ذلك. البعض لا يحبون فريد، لا يتعاطفون معه ويقولون إنه ليس لاعبا مثاليا، ولكنه في نظري حاضر دائما." وهي تصريحات يؤكد بها ما ذكره فريد نفسه لموقع FIFA.com: "إن فيليبي، كما قلت في مناسبات أخرى، يثق في المجموعة ويعمل على رفع الروح المعنوية للجميع أيا كان الوضع. فكل لاعب سيتمتع بالثقة أيا كان اسمه. وذلك هو ما يجعلنا نعمل جيدا." إن الثقة لها مفعول كبير، وعندما يتعلق الأمر بمهاجم كهذا، يتجلى مفعولها بكل وضوح في شكل أهداف، كما صرح هرنانيس لموقع FIFA.com بعد المباراة: "يعرف الجميع كيف يشعر لاعب قلب الهجوم عندما لا يسجل أهدافا، أليس كذلك؟ وفريد لاعب قلب هجوم مثالي. ويكفي أن نرى الهدف الذي سجله اليوم: فقد استحوذ على الكرة بإصرار، وتفوق على المدافع في الالتحام البدني، وسبقه إلى التسديد. إنه هدف لا يسجله إلا من يعرف كيف يجب العمل في المنطقة." ثم أضاف لاعب خط وسط نادي لاتسيو، الذي شارك ضمن التشكيل الأساسي في مكان باولينيو المصاب: "باعتباره لاعب قلب هجوم، فإنه إذا لم يحرز أهدافا ينتابه شعور بأن به خطبا ما. لذلك كان شيئا جميلا أن يحرز هدفين." أما دانتي، فقد ابتسمت الساحرة المستديرة له بعد أن عبست في وجه دافيد لويز الذي أصيب أثناء اللقاء. فحتى إذا كان مدافع بايرن ميونيخ الألماني قد قال لموقعFIFA.com منذ أسابيع قليلة خلت إنه لا يستطيع أن يكف عن التفكير في هذه المباراة – التي دعا لحضورها ما لا يقل عن 60 من أقاربه – فإنه ما كان ليتخيل أن الأمور ستسير على هذا النحو الرائع وغير المتوقع. فهو لم يحصل فقط على فرصة النزول إلى أرض الملعب، بل إنه بعد مرور ست دقائق فقط فعل ما لم يفعله إلا مرة واحدة في 45 مباراة لعبها للفريق البافاري خلال موسم 2012/2013: لقد سجل هدفا، وكان ذلك في الدقائق الأخيرة من الشوط الأول. وبأسلوبه البعيد عن التكلف، راح ابن ولاية باهيا البالغ من العمر 29 عاما يشارك في احتفالات السيليساو وهو يقول لموقع FIFA.com: "يمكنك أن تقول قبل أي شيء أن هذا يوم من أسعد أيام حياتي. لقد حدث ذلك بمنتهى السهولة. لا يوجد شيء يؤثر في المرء أكثر من أن يرى أناسا كثيرين يحبهم يشجعونه، بل ويسجل هدفا أيضا في حضورهم. هذا أجمل من أي حلم كان يمكن أن أتصوره عن هذه اللحظة." لقد كان يتحدث عن نفسه فحسب، ولكن كلماته يمكن أن تصلح للتعبير عن المنتخب البرازيلي كله. فالوضع الطبيعي هو أن يكون الضغط الواقع على كاهل أبطال العالم خمس مرات ضغطا رهيبا وهم يلعبون على أرضهم، ولكن خوض منافسات كأس القارات FIFA بين جماهيرهم حتى الآن لا يمكن وصفه بأفضل من هذا: أجمل من أي حلم.