من كل حدب وصوب ،معاقين ومعافين ، أتوا من حي البيوت ، الزيتونة ، بولنوار ، حطان و المفاسيس ، كل له مطلبه و حاجته ، منهم من يريد التشغيل بالمجمع الشريف للفوسفاط بعد ان طاله التهميش والاقصاء ومنهم من يريدون التشغيل ولما لا و"البراني" اخذ مكانهم حسب ما يبررون به احتجاجهم. ومنهم من يطالب بحقه في السكن، بينما اخرون يحتجون على نزع اراضيهم بثمن بخس ، جمعهم هم واحد ، الحكرة وقلة اليد من اخرجهم من منازلهم ، تحت اشعة الشمس يرفعون صور عاهل البلاد ، لافتاتهم تلخص معاناتهم ومطالبهم ،كلهم يناشدون جلالة الملك لانصافهم ولما لا و جيرانهم بالفردوس نالوا مبتغاهم و نالوا حقهم بعد تدخل ملك البلاد. بعد طول انتظار وترقب ، لعل المسؤولين يستوعبون الدرس ويأخذون العبرة من الثلاثاء الأسود من السنة الماضية ، حين اندلعت اكبر مواجهة عرفتها مدينة خريبكة ، إذ لولا الالطاف الالهية لتطورت الامور لما لا يحمد عقباه ، لكن من يسهر على تسيير امور المواطنين (عامل الاقليم ، إدارة المجمع و الاجهزة الامنية) ظلوا يتعاملون مع الاحتجاجات بمقاربة امنية صرفة ، فاعتقل من اعتقل ، أكان مذنبا او غير ذلك ، شارك في الاحداث او جرفته موجة الاعتقالات ، حيث تناسى المسؤولون بأن هذه المقاربة لن تجدي نفعا ، إذ عوض سن مقاربة الحوار والوضوع تمادوا في غيهم و و زغت الاحكام على المعتقلين ليثنوا الشباب عن الاحتجاج ، دون ان يضعوا في الحسبا بان سياستهم ستجر عليهم الويلات و الاحتجاجات. وهكذا و نتيجة السياسات الفاشلة للمسؤولين على تسيير شؤون الاقليم، ظهرت نتائج ذلك في الاحتجاجات والاضطرابات التي طفت على السطح و أخذت تتصاعد وثيرتها يوما بعد يوم لتصل لذروتها يوم امس تزامنا مع الزيارة الملكية للاقليم ، حيث خرج الجميع عن صمته بعد ان ملوا من الوهم والوعود الكاذبة ، فكانت مسيرات ابناء متقاعدي المكتب الشريف للفوسفاط وجمعية المعطلين بداية مسلسل الاحتجاجات ردا على التماطل والتسويف. لكن اجتجاجات اليوم وصلت القمة واربكت كل المسؤولين الذين راهنوا على سيلسة بيع الوهم ،إلا أن الجميع تيقظ للامر فقرر الجميع ايصال الرسالة لجلالة الملك و الاعتصام ب"ميدان التشغيل" حتى تلبى مطالبهم و يحاسب من خربوا مدينة خريبكة وهبوا خيراتها. قدر العدد بالمئات من المحتجين الذين يرابطون امام إدارة المجمه بخريبكة ، فكان يومهم حافلا ، مسيرات بالتناوب طل حزب بما يحملونه من شعارات يصدحون، كل فريق بمطالبهم ينادون ، توحدوا في الوجهة ومطالبهم واحدة انتزاع حق من مجمع باع الوهم ، تنكر لابناء رجال حملوا ارواحهم لسنين عديدة وهم يحفرون الارض لاستخراج الفوسفاط، مجمع شرد اسرا وعائلات بعدما انتزع اراضيهم ورمى لهم فتاتا. فهل ستضع الحرب اوزارها وتخمد ثورة في بدايتها؟ ام اننا سنعيش ثلاثاء اسودا آخر بخريبكة ؟