ويعقد ندوة دولية حول الهوية تتواصل بمدينة خريبكة العاصمة العالمية للفوسفاط وهوليود السينما الإفريقية بامتياز فعاليات الدورة العشرين لمهرجان السينما الإفريقية خلال الفترة الممتدة من 09 إلى 16 شتنبر 2017، والتي تصادف الذكرى الأربعين لتأسيس المهرجان (1977 – 2017).حيث والى اليوم لازال المهرجان يحافظ على استمراريته وعلى توهجه وعلى دفاعه عن السينما الإفريقية التي كانت ولا تزال تجد مكانا لعرضه والتعريف به عبر شاشات مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة ،هذه الدورة المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده،تم خلال فقرة التكريم الخاصة بالمهرجان، تكريم الناقد السينمائي المصري الفقيد سمير فريد( 1943 / 2017 ) وذلك بالمركب الثقافي بحضور وفد مهم ترأسه السيد والي جهة بني ملالخنيفرة محمد دردوري والسيد ابراهيم مجاهيد رئيس الجهة والسيد عبد اللطيف شدالي عامل إقليمخريبكة وشخصيات مدنية،وقد تم عرض شريط سينمائي عرف بمساره من انجاز الثنائي عزيز اعليلوش وعبد اللطيف الركاني ثم قدم كلمة في حقه زميله المصري على ابوشادي وقدم درع التأبين لأرملة الفقيد السيدة منى غوبية من طرف رئيس مؤسسة المهرجان الأستاذ نور الدين الصايل.وقد تميز الحفل كذالك بالمعزفات الشعبية التي قدمتها فرقة حسن زينون لموسيقى وإيقاعات الحصبة. و يذكر أن الناقد السينمائي المصري الفقيد سمير فريد ولد في القاهرة عام 1943، وتخرج في قسم النقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية 1965، وعمل صحافياً وناقداً سينمائياً بجريدة الجمهورية 1964، ثم عميداً للنقاد السينمائيين العرب، وحصل على جائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام 2002، وميدالية مهرجان "كان" الذهبية بمناسبة الدورة الأخيرة في القرن العشرين عام 2000.كما اشترك في إصدار ثلاث مجلات سينمائية منذ 1969، كما صدر له 50 كتاباً مؤلفاً ومترجماً. كما أن الراحل الناقد كان ذا قامة ثقافية كبيرة، فقد كان أحد رواد النقدالسينمائي، وعميدا للنقاد العرب، واستطاع أن يكون نموذجاً مشرفاً لمصر والدول العربية في كل المهرجانات التي شارك فيها باعتباره ناقداً مصرياً وعربياً، والراحل كان صاحب رأي ورؤية، أثرى بها الحياة الثقافية طوال 50 عاماً، من خلال مقالاته اليومية وعشرات الكتب، لافتاً إلى أنه حصل على تقدير واحترام القارئ العربي والدولي. هذا وتم تقديم أعضاء لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للدورة 20 لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة التي يرأسها الأديب المغربي (باللغة الفرنسية) عبد اللطيف اللعبي و تتكون اللجنة الرسمية للتحكيم بالإضافة إلى الأديب المغربي عبد اللطيف اللعبي، كل من الممثلة رقية نيانك من (السينغال)، والفنانة التشكيلية زوليخة بو عبد الله من (الجزائر)، والممثلة صونية عكاشة من (المغرب)، و المؤلف والموسيقي راي ليما من (الكونغو)، والمنتج والمخرج بيدرو بيمانتا من ( الموزمبيق)، و نيكو سيمون رئيس “أروبا سينما” باللوكسمبورغ. وبما أن مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة بحكم اهتمامه بقضايا السينما الإفريقية منذ دورته الأولى سنة 1977 ليس فقط بعرض الانتاجات السينمائية الإفريقية وإنما كذلك بمعالجة ومناقشة القضايا المتعلقة بهذه السينما إبداعا ومعالجة لمواضيعها، وعلى نفس النهج يقارب المهرجان في دورته العشرون قضية الهوية الإفريقية في السينما باعتبار "السينمائي عينا على مجتمعه" قادرا على رصد نبض مجتمعه برؤى فنية – إبداعية وباعتباره المؤهل الوحيد لهذه المهمة قبل غيره هذا دون انتظار الآخر ليتحدث بالنيابة عنه سلبا آو إيجابا .لهذا الغرض نظمت الندوة الرئيسية تحت عنوان "قضية الهوية في السينما الإفريقية ". بالخزانة الوسائطية للمجمع الشريف للفوسفاط. وقد ترأس أشغال الندوة العلمية الأستاذ نور الدين الصايل رئيس مؤسسة مهرجان السينما الإفريقية و شارك فيها كل من المخرج البوركينابي كاستون كابوري والمخرج التونسي فريد بوغدير والشاعر السنيغالي أمادو لامين صال، وبعد الكلمة التقديمية لرئيس الندوة التي سلطت الضوء على أهمية الهوية كمكون رئيسي للرقي بالسينما الإفريقية ولو أن واقع السينما الإفريقية لايبشر بخير نظرا لضعف الانتاجات السينمائية تدخل المخرج كاستون كابوري منطلقامن خلال كلمته في تحديده للهوية بنفي الطابع الماضوي، والثابت لها، أي أنها ليست برنامجا إلكترونيا بمعايير قارة، يسمح لنا بالتعرف على الأنا والأخر الذي يشبهنا. وبخصوص تناول موضوع الهوية في أفلامه أكد كابوري أنها مرتبطة بسؤال الهوية باعتبارها سؤالا للبناء دائم التحول والدينامية، ومرتبطة كذلك بالمستقبل. كما أشار إلى مشكل اللغة باعتبارها جزءا لايتجزأ من الهوية الإفريقية وأنها أحد أدوات تطوير الإنتاج السينمائي بإفريقيا وجعله في متناول شعوب القارة السمراء التي تعرف رزمة من اللغات واللهجات معتبرا كون السينما تشكل الجسر المتين لربط الشعوب وإيصال صوت إفريقية نحو العالمية في ظل العولمة. وفي نقطة أخرى، توقف البوركينابي كاستون كابوري عند أهمية سؤال الهوية في البحث والحركة والتعرف على الآخرين باستمرار، وفي نهاية مداخلته أشار إلى التحولات التي تعرفها الدبلوماسية المغربية في الانفتاح مؤخرا على العمق الإفريقي من الزاوية الحضارية، وهو ما يعطي لسؤال الهوية والانتماء راهنيته. أما المداخلة الثانية للمخرج فريد بوغدير، فقد أبرز أهمية الانطلاق من الذات في السينما، لأن هذه الأخيرة يجب أن تكون مرآة لعكس الواقع، وفي هذا الصدد أوضح أن السينما الإفريقية عرفت تطورا ملحوضا انطلقت من سينما المحاكاة وسينما الحركة والخيال إلى أن استقلت بذاتها وجاءت السينما الإفريقية بالتالي لتعرية الواقع ومواجهة الكثير من الأكاذيب التي نشرتها الدول الاستعمارية حول الشعوب الأفريقية. وفي ارتباط بموضوع الهوية بالنسبة للسينمائيين الأفارقة باعتبارهم من النخبة المثقفة أشار بوغدير، أنهم مطالبين بالحفاظ على العناصر التراثية التي تؤدي وظائف معينة في المجتمع، مع ضرورة الانفتاح على الآخر للاستفادة من تجاربه في كل المجالات. مؤكدا أن التيمات الحديثة للإنتاج السينمائي الإفريقي تعتد كثيرا على الحفاض على الهوية الإفريقية في محتوى الأفلام المعروضة. وفي المداخلة الأخيرة، بين أمادو لامين صال، دور السينما في تحقيق التواصل والعيش المشترك للشعوب الإفريقية، ضاربا المثل بالتظاهرة السينمائية التي تعرفها مدينة خريبكة، في إطار مهرجانها السنوي للسينما الإفريقية، الذي يعتبر أقدم تظاهرة سينمائية بالمغرب. وفي زاوية أخرى توقف أمادو لامين صال عند رهانات السينما الإفريقية التي ينتظر منها تشكيل هويتها، بتجاوز السينما الإفريقية الإثنوغرافية التي أسسها الاستعمار، وفي نفس الوقت شق الطريق نحو العالمية. وأضاف أن الأفارقة ليست لديهم عقدة مع الآخر وأنه كلما تقوت العولمة كلما تقوى الارتباط بالهويات الصغيرة. وختم مداخلته، بالدعوة إلى ضرورة الحفاظ على الهويات مع ضرورة الانفتاح على الأخر. قبل نهاية الندوة التي امتدت لأكثر من ساعتين، أعطى الأستاذ نور الدين الصايل، الكلمة للحضور في إطار فتح النقاش مع المتدخلين وعرف ردود أفعال السادة المتدخلين في الندوة العلمية التي عرفت نجاحا باهرا بكل المقاييس. خريبكة:سعيد العيدي