البطولة... اتحاد طنجة يرتقي إلى المركز العاشر عقب الانتصار على الفتح الرياضي    الوزير نزار بركة يطلق مشاريع تنموية استراتيجية بإقليم العرائش    استئناف بطولة الهواة مطلع فبراير المقبل    الدرهم المغربي يستمر في الارتفاع أمام الأورو    شرطة الفنيدق تُطيح بعصابة متخصصة في سرقة ممتلكات المواطنين    إسبانيا تُعلن الافتتاح الرسمي للجمارك التجارية في سبتة ومليلية مع المغرب    حزب "العدالة والتنمية" يجدد مطالبه بالإفراج عن النقيب زيان ونشطاء حراك الريف    انقلاب شاحنة يكشف عن مخطط تهريب 15 طناً من الحشيش    السجن المحلي بسلا : 21 محكوما بالإرهاب يستفيدون من برنامج مصالحة    اغتيال قاضيين بالمحكمة العليا الإيرانية    "الجهاد الإسلامي": إن الغارات الإسرائيلية قبل وقف إطلاق النار قد تؤدي لمقتل الرهائن    السياقة المتهورة تورط شخصين أحدهما مبحوث عنه وطنيا بالبيضاء    زاكورة.. مؤسسة محمد الخامس للتضامن تمنح الأمل من جديد لمرضى المياه البيضاء "الجلالة"    المنصوري: طموحنا في " الأصالة والمعاصرة" تصدر الانتخابات المقبلة وقيادة الحكومة    بنكيران يعيد ملف الصحراء الشرقية المغربية إلى الواجهة.. ومؤرخ: معطيات تاريخية موثقة    المغرب يشيد باتفاق وقف إطلاق النار في غزة ويدعو الطرفين لإحلال السلام    نقابة "البيجيدي" تطالب بمراجعة المقتضيات الزجرية الواردة بمشروع قانون الإضراب    نقابة الصحافيين بتطوان تنظم بشفشاون "الملتقى الأول للإعلام والقضايا الوطنية"    باعتراف المنتدى الاقتصادي العالمي.. مصنع صيني بطنجة يصنف الأول بإفريقيا يحقق إنجازًا صناعيًا رائدًا في إنتاج قطع غيار السيارات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    إسبانيا تُخصص 2.6 مليون أورو لترميم المستشفى الإسباني في طنجة    إقليم صفرو يشجع إقبال الاستثمار    كيف تصل التمور الجزائرية الممنوعة إلى الأسواق المغربية؟ ولماذا لا يتم حظرها رغم الخطر الصحي؟    بركة: مقترحات حزب الاستقلال تسعى لتقوية الأسرة وحماية الأطفال    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون موضوع غلاء المعيشة وأزمة الجفاف    الرئيس اللبناني يطالب بانسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب بحلول 26 يناير    المغرب يُعزز ريادته الأمنية في إفريقيا .. ومبادرة الدرون تفضح تخبط الجزائر    ابن كيران: شعورنا بأن الحكومة لا تبالي بالشعب وكأنها جاءت بالمشروعية من جهة أخرى    صحيفة "غلوبال تايمز": 80% من المشاركين في استطلاع عالمي يشعرون بتفاؤل كبير حيال مستقبل الصين الاقتصادي    المغرب-فلسطين.. بحث سبل تعزيز التعاون الثنائي في المجال الفلاحي    وفاة لاعب مانشستر يونايتد السابق دينيس لو عن 84 عاما    فريق المغرب التطواني يواصل سقوطه في البطولة الاحترافية    غياب المدرب و3 لاعبين عن الجيش الملكي قبل مواجهة صن داونز    شياومي المغرب تطلق سلسلة هواتف Redmi Note 14 الجديدة    "إف بي أي" يثمن ويشيد بتعاون المخابرات المغربية في قضية اعتقال "سليمان الأمريكي"    يهم حكيمي.. سان جيرمان يزاحم ريال مدريد على صفقة كبرى    بطولة ألمانيا: البرتغالي بالينيا يعود لتدريبات بايرن ميونيخ    مجلس الوزراء الإسرائيلي يوافق على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    نهضة بركان يطرح تذاكر مواجهة ستيلينبوش الجنوب إفريقي    الدار البيضاء.. سفير الصين بالمغرب يدشن الاحتفالات بعيد الربيع الصيني    حملة تفتيشية بالمدينة العتيقة لطنجة تغلق محلات لبيع المواد الغذائية والتجميل لعدم الالتزام بالضوابط الصحية    هل يفتح اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس" أفقا للسلام الدائم؟    الدار البيضاء.. سفير الصين بالمغرب يدشن الاحتفالات بعيد الربيع الصيني    "بوحمرون" يجلب قلق ساكنة طنجة.. مسؤولون: الوضع تحت السيطرة    أوريد يوقع بمرتيل كتابه "الإغراء الأخير للغرب: تداعيات الحرب على غزة"    وفاة جوان بلورايت نجمة المسرح والسينما البريطانية عن 95 عامًا    قصة حب ومليون دولار.. تعليق من براد بيت على قصة الفرنسية التي خدعت بغرامه    حمودان يقدم لوحات فنية في طنجة    مزاد يثمن الفن التشكيلي بالبيضاء    «نحو مغرب خال من السيدا بحلول 2030»: اليوم الدراسي للفريق الاشتراكي يسائل السياسات العمومية والمبادرات المدنية    تناول المضادات الحيوية بدون استشارة الطبيب..مختص يفرد التداعيات ل" رسالة 24 "    خبيرة توضح كيف يرتبط داء السيدا بأمراض الجهاز الهضمي..    HomePure Zayn من QNET يحدد معيارًا جديدًا للعيش الصحي    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إمعان نظر -15- آفة الدين


بقلم عبد الغني العمري
آفة الدين، التي أصابته منذ قرون، هي أن يتكلم فيه عوام الناس. ولسنا نعني بالعوام هنا، إلا الفقهاء من مرتبة الإسلام، الذين أرادوا أن يكونوا مرجعا في كل مراتب الدين، وهم يجهلون جلّها. وحتى نتبيّن حقيقة ما جرى، لا بد أن نذكّر أولا، بأن مراتب الدين ثلاث، هي: الإسلام، والإيمان، والإحسان. وهذه المراتب، أطوار، يختلف بعضها عن بعض، من حيث الشروط والنتائج.
والذي حدث في الغالب، هو أن الفقهاء من مرتبة الإسلام، نسبوا لأنفسهم -جهلا وزورا- العلم بكل الدين؛ وتوهموا أن علمهم بالأحكام الفقهية لأعمال الإسلام، ليس بعده علم. بل إن فريقا منهم، اشتغل بأركان مرتبة الإيمان، بطريقة عقلية، ليُثبت لنفسه ولغيره أنه من أهلها؛ فنشأ علم الكلام، الذي لم يكن للرعيل الأول من المؤمنين صلة به. وهكذا صار لدينا انحراف عن الشريعة (بالمعنى العام)، لا يعلمه عوام المسلمين، الذين لا يعقلون منها إلا ما يناسب مرتبتهم. وستبقى مرتبة الإيمان -نتيجة لهذا الانحراف- مؤصدة في وجه جل هؤلاء "العلماء"، رغم مزاعمهم؛ بينما سيتمكن من التحقق بأطوارها كثير من الأميين، الذين صدقوا في معاملة الله، من دون أن يكون لهم نصيب في العلم الكسبي؛ وهذا هو الأصل في الدين، من غير أدنى شك؛ وإلا عاد الدين كسائر فروع العلم الكسبية، من لغة وتاريخ وطب وغير ذلك... ومن يمعن النظر في العلوم الدينية، يجدها قد انقلبت كلها كسبية (بالمعنى الأكاديمي)؛ وهذا مخالف لما تربى عليه الصحابة، بلا ريب. وقد يتوهم بعض الناس أن لهذا صلة بالتطور العام في شؤون الناس كلها، والذي يحدث مع تعاقب الأزمان. والحقيقة هي أن هذا الكلام، قد يصدق على كل شيء، إلا على الدين؛ لكونه ربانيا، بالاعتبار الأول. ولكن العادة، والتلقي بالقبول والتسليم، قد جعلا الدين ينقلب أمام أعين الناس، وهم لا يشعرون. وإذا كان الفقهاء بهذا البعد عن مرتبة الإيمان، التي هي التالية لمرتبتهم، فما الظن بمرتبة الإحسان، التي لا يعلمون منها إلا الاسم!.. ولو كان الدين كله بالدراسة -كما زعم أصحاب أصول الدين فيما يتعلق بمرتبة الإيمان مثلا- فما العلم الذي سيكون مناسبا لمرتبة الإحسان عندئذ؟!.. ولعل القارئ سينخدع بمن يقول ردا على مثل هذا السؤال: الإحسان هو علم الأخلاق!.. فنقول له: وهل يكون أهل مرتبة الإيمان على غير أخلاق؟!.. كل هذا الاضطراب يدل على أن الأمر يكتنفه جهل، يأنف أصحابه من الإقرار به؛ من دون أن يراعوا الله في انعكاساته الوخيمة، على الأمة بأسرها.
وحتى نبسط الأمر لمن لم يكن له علم بما نخوض فيه، فإننا نقول:
1. إن كل ما يعلمه الناس (بمن فيهم العلماء) من الدين، لا يخرج عن علوم مرتبة الإسلام؛ نقصد علم الفقه والتفسير، على الخصوص. وأما علم أصول الدين، فهو من العلوم العقلية، التي تُلحق بالفلسفة في الحقيقة، لا بالدين.
2. إن علوم مرتبة الإيمان، لا تدخل ضمن ما يُمكن دراسته في المعاهد؛ وإنما هي نتيجة معاملة الله، على المقامات الإيمانية المعروفة؛ والتي هي: التوكل، والزهد، والصبر، والشكر، والخوف والرجاء، والتسليم والرضى. وهذه كلها، لا ينفع فيها، أن يحفظ المرء تعريفاتها، ولا أن يتدارس سِيَر أقطابها، ممن عُرفوا في الزمان الأول. ولهذا السبب ألحق أصحاب السلوك علوم هذه المرتبة بالذوق. فذوق التوكل -مثلا- هو تجربة المرء لحال التوكل في نفسه، ولو من دون سماع شيء عنه البتة. وبعد التجربة يحصل العلم، الذي قد لا يتمكن صاحبه من التعبير عنه لسبب من الأسباب. وهذا يعني أن علوم أصحاب هذه المرتبة تتعلق بالصحة القلبية المعنوية. وهي علوم باطنية، إذا قورنت بعلوم الفقهاء المتعلقة بظاهر الإنسان، وبظاهر المعاملات.
3. إن علوم مرتبة الإحسان، تتعلق بدرجتين، لا يعلمهما إلا قليل من الناس، وهما: المراقبة، والمشاهدة. وفي هذه المرتبة، يبدأ المرء بالانخراط في سلك الخواص. وأغلب العلوم هنا، من صنف الكشف، الذي هو من خارج دائرة العقل. ولو علم الفلاسفة شيئا مما ينكشف لأصحاب هذه المرتبة، لزهدوا في كل ما لديهم، ورغبوا في سلوك طريق المؤمنين. ولكن الله حجب بعضا، عما لدى البعض الآخر، لحِكم هو يعلمها سبحانه.
فعندما ننظر إلى هذه الأصناف من العلوم، في هذه العجالة، ونجد الفقهاء، لا يعلمون منها إلا الجزء الأصغر وحده؛ ونجدهم بعد ذلك يُفتون في كل شيء، ويحكمون على كل أحد، وكأنهم لا يعزب عن علمهم شيء؛ فإننا سنعلم مقدار الجهل الذي سيدخل على كثير مما هو مظنون علما، عند أصحابه؛ وسنعلم مقدار التحريف الذي لحق الدين، من حيث هو "كُلٌّ"، يصب بعضه في بعض، ويفضي بعضه إلى بعض.
والسبب في انحجاب جل الفقهاء عما ذكرنا، هو انحصار إدراكهم في المحسوسات، التي تناسب عقل العبد في مرتبة الإسلام. وأما القلوب والأرواح (المعاني)، فإنهم لا قدم لهم في مجالها. لذلك هي عندهم في حكم العدم، أو ما يقرب منه!..
(كُتب هذا المقال بعد مضي أكثر من خمسة أشهر من السنة الثالثة من الاعتصام المفتوح للشيخ وأسرته؛ بسبب اضطهاد الحكومة وأجهزتها الذي ما زال مستمرا إلى الآن).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.