بقلم: عبد الغاني العجان دعيت لحضور مهرجان عين أسردون للمديح والسماع بمدينة بني ملال بدار الثقافة في دورته الثانية الذي تنظمه جمعية "فاعل خير"، ومما استرعى الانتباه مجموعة فنية في الغناء والمديح والسماع، لم تكن الفرصة الأولى التي تشرفت بإعارتها سمعي، بل سبق لي أن جلست إلى بديع لحنها وجميل لفظها مرات عديدة. ولكم راودتني فكرة تدبيج بعض الكلام عنها، سيما أن الكتابة تعريفا ونقدا غالبا ما تنصرف إلى المشاهير و"النجوم" الذين حظوا في مسارهم الفني بنصيب من الضجيج الإعلامي وبحظ وافر من الدعم المالي، ما لا يتاح لغيرهم من الفنانين والمبدعين الطارقين أبواب المجد بعيدا عن الأضواء. إن الحديث عن "مجموعة الفتح الغنائية" الملالية هو حديث عن فنانين ومبدعين ومجموعات فنية عديدة أخرى ذات منزع فني قِيمِي يَشْرُف بلدنا حقيقة بوجودها. لكن دعونا نُذكِّر في هذا السياق بواقع لا تخطئه عين اللبيب في مجال الفن في سائر المعمور، والمغرب لا يشذ عن ذلك، وهو ما تتعرض له القيم من حملات تعيث هدما في مقومات الهوية والذوق والمفاهيم والجمال، في مقابل التثبيت لما يستجيب للغرائز الهابطة، ودواعي الفوضى الفنية العابثة بالقيم العليا دينا ودنيا. في هذه الأجواء المستهجنة تشق "مجموعة الفتح الغنائية" الدرب الصعب في فتق الأسماع على ثقافة القيم بهدوء وازن، واختيار واع للمقول من كريم اللفظ وعذب اللحن وجميله، بغايات عالية، من رؤوس أقلامها السمو بحس الجمهور وذوقه عن السقوط في الابتذال. ومن عناوينها الكبرى إعادة الاعتبار للرصيد المعنوي الإنساني الذي يتعرض للسرقة الموصوفة، والتخريب المباشر من قِبل رواد التربية المضادة للفضيلة والحكمة والتذكير الحسن. ومن بنودها الثابتة لفت الأنظار لسبل البحث عن المعالي. غايات تَشرُف بأصحابها، من الواجب أن نبادلها بجميلِ أَنْ نجد لهذه المجموعة الغنائية وأمثالها أجواء تتنفس فيها في زمن الإقصاء، بل من الجميل الذي يرقى إلى الضروري أن تجد أمثال هذه المجموعات الفنية من التشجيع والدعم المادي والاعتباري من القريب قبل البعيد. بل من الجميل الواجب أيضا أن تعكف هذه المجموعة الفنية الشبابية على المزيد من التجديد في أدائها من بوابة الصنعة الفنية دون السقوط في النمطية والاستنساخ، مع الحفاظ على الخصوصية التي لا تمنع من الاقتباس الحكيم رجاءَ الوصول إلى القِمم برفع القيم.