لثلاثة عقود والمكتب اللاشريف للفوسفاط يهمش أبناء إقليمخريبكة،ويقصّر في تنمية الإقليم،وظل بعض مسؤوليه يشغلون أبناء المناطق الأخرى مقابل بضعة ملايين من السنتيمات،وتركوا لأبناء الإقليم في هذه السنوات الأخيرة مهام بستنة وتنظيف وحراسة منشآت وممتلكات المكتب بأجور زهيدة وعقود عمل محددة في بضعة أشهر قابلة للتجديد أو الفسخ مع شركات ابتدعوها تدعى شركات المناولة. وجرّاء عقود الظلم التنموي والإجتماعي الذي مارسه المكتب اللاشريف للفوسفاط والدولة على إقليمخريبكة وسكانه ناهيك عن غياب فعالية الجماعات الحضرية والقروية بالإقليم وتسيّبها، وبالخصوص جماعة خريبكة التي تتوفر على مصادر وموارد مالية مهمة، ومع ذلك لم تحقق أي فائض في الميزانية طوال هذا العقد الأخير الحافل بملفات الفساد والصفقات المشبوهة، ويهدّئنا ويرقّدنا دائما مجلسها اللامحترم بالباقي استخلاصه، وبحماسة أعضائها ودفاعهم عن المصلحة العامة أثناء انعقاد الدورة؛ وحال المدينة يغنينا عن التعليق أكثر... ، وانعدام فرص الشغل، صعوبة الهجرة الخارجية في هذا العقد الأخير،وارتفاع نسبة الفقر والبطالة بالإقليم. كان لابد أن يأتي يوم ينتفض فيه السكان ضد الظلم الإجتماعي. ومع حلول الربيع العربي بدأت إحتجاجات الشباب المهمش(أبناء متقاعدين،معطلو المدينة،عمال شركات المناولة...) أمام إدارة المكتب اللاشريف للفوسفاط بخريبكة حاملين لافتات وهاتفين بشعارات تطالب مدراء المكتب بالتشغيل والإدماج،لكن لا أحد منهم أعار لهذه الإحتجاجات اهتماما،فتحولت هذه الأخيرة إلى اعتصام مفتوح قبالة الإدارة.وذات صباح باكر أرادت السلطات فك الإعتصام بالقوة وإنهاء الأمر،لكنها أخطأت،فتطورت الأمور،ثم اندلعت أحداث 15 مارس2011 التي أرغمت مسؤولي المكتب،ولأول مرة،على التواضع والجلوس إلى طاولة الحوار مع الفئات المحتجة.وبعد تشاور وتخطيط اضطر المكتب لا شرفا منه أو اهتماما بشباب الإقليم؛ أين كان طيلة هذه العقود؟؟؟ آ الآن وقد همشت قبل وكنت من اللامبالين؟! إلى إنشاء برنامج يدعى "ocp skills" أو بالعربية مهارات م.ش.ف وهو مخطط ثلاثي مليء بالعيوب يَعِد بالتشغيل المباشر ل 5800 فرد،وبالتكوين لفائدة 15000 شخص وبالمساعدة على خلق المشاريع. ففيما يخص التشغيل المباشر،وحسب تصريحات المسؤولين،سيُوفّر المكتب 5800 منصب شغل موزعة على المناطق التي تتواجد بها منشآته،وسيخصص منها فقط 2800 منصب لإقليمخريبكة برمته؛وشابت عملية انتقاء المترشحين للإستفادة من التشغيل المباشر مجموعة من المعايب تمثلت في الإنتقاءات العشوائية، حيث ثبت انتقاء موظفين ومهاجرين وفردين إلى ثلاثة أفراد من الأسرة الواحدة وأبناء رجال الأمن وأعوان السلطة... وإقصاء المعطلين والعديد من أبناء المتقاعدين. وللإشارة فمسؤولو المكتب كانوا دائما يؤكدون في تصريحاتهم وبياناتهم على إعطاء الأولوية لأبناء المتقاعدين وأبناء القرى المجاورة لمنشآته. كما أن المكتب لم ينشر أية لائحة تحدد لنا عدد وهوية المستفيدين من التشغيل على مستوى إقليمخريبكة،أهُم من أبناء الإقليم ومدنه وقُراه،أم من الأقاليم الأخرى؟؟؟ وغلبت الإرتجالية على عملية توزيع الإستدعاءات على المستفدين من التشغيل والتكوين، حيث تم استيقاف ساعي البريد وسط حلقة من الناس في حي البيوت. وبدأ بعض الشباب ينادي على أسماء المستفيدين، فعمت الفوضى، ورُبّما لم تصل العديد من الإستدعاءات إلى أصحابها. بالإضافة إلى هذا كله لازالت عملية التشغيل المباشر تشهد تماطلا وتأخرا غير مطمئن. فمؤخرا رأينا المئات من الفوج الأخير المستفيد من التشغيل المباشر يحتجون أمام الإدارة العامة للفوسفاط بالدار البيضاء على محاولة إقصائهم من التشغيل، وسمعنا أن المكتب اللاشريف يبرر إقصاءهم بعدم كفاءتهم أو نقص في ملفاتهم أو...،وينوي إحالتهم على التكوين. أما فيما يتعلق بعملية التكوين، فقد صرح المكتب بأنه سينظم،وبشراكة مع فاعلين وطنيين ودوليين في الميدان، دورات تكوينية مؤهِلة لفائدة 15000 شاب وشابة ينحدرون بالخصوص من المناطق التي تتواجد بها منشآته. وإلى حد الآن، فالشباب يُكوَّنون تكوينا عاديا في المؤسسات الوطنية للتكوين المهني بمنحة تتراوح ما بين 1200 إلى 2000 درهم للذي يكوَّن خارج إقليمه ، ونتساءل عن مصيرهم بعد التكوين، هل سيتم تشغيلهم بالمكتب أو بشركات المناولة بعد تعديلها بعقود عمل مديدة أو دائمة وبأجور تضاهي أجور عمال المكتب أم أنه سيقول لهم اذهبوا وابحثوا عن عمل في سوق الشغل؟؟؟ وكأن سوق الشغل بالمغرب عامر بفرص الشغل وخالٍ من المحسوبية والزبونية والرشوة !!! أما الشِق الثالث من البرنامج والمرتبط بخلق المشاريع، فالمكتب سيكتفي بتقديم دعم مالي للمستفيدين لا يتجاوز مليوني سنتيم وبشراكة مع مؤسسات مالية، وإلى حد الآن لم نر أي مشروع رأى النور. على أي،لا ندري هل المكتب اللا شريف للفوسفاط تعمد هذه العيوب التي شابت برنامجه أو مخططه الثلاثي، أم أنه كان آنذاك تحت ضغط الإحتجاجات؟ وعليه الآن أن يبين للجميع أنه شريف، ويبدأ بتصحيح أخطاء الماضي،ويعمل على إنصاف شباب إقليمخريبكة وتعويضهم عن عقود من المعاناة من العطالة، وذلك بتشغيلهم بالمكتب أو بشركات المناولة بعد تعديلها،أو يساهم مع الدولة في خلق استثمارات ومناطق صناعية بالإقليم توفر فرص الشغل للشباب. كما أن الإقليم في حاجة إلى الإهتمام بجمالية مدنه ونظافتها، والعناية بمساحاتها الخضراء وإقامة منتزهات حديثة ومؤمّنة يُروّح فيها السكان عن أنفسهم في أوقات فراغهم. فالأجنبي الذي يسمع بأن خريبكة عاصمة الفوسفاط في العالم يتوقع أن تكون مثل دبي.