استقبل الشعب البريطاني الألعاب الأولمبية في بلده بالفرح و السعادة العارمة و عبارات الترحاب في كل اتجاه و كأنها عرس حقيقي في كل بيت بريطاني. فقامت الدولة و معها الشعب برمته بما يلزم لاستغلال هذه المناسبة الغالية لتكون صورة بريطانيا أكثر نصاعة و جمالا في أعين العالم. و أكدوا لنا أن الإنجازات لن تتحقق أبدا إلا بانخراط المواطن و مشاركته الفعلية في إنجاح الحدث. فمن منا لم يقف مشدوها أمام حرص المواطن البريطاني على النظام و اللياقة و النظافة و الأدب في الملاعب و اشتعال المدرجات بالصياح و كل أشكال التشجيعات الحضارية كل ما كان متنافسا ابريطانيا على حلبة السباق. أي شعب هذا؟ أية أخلاق و أية مواطنة صادقة هذه؟ لقد حصدت الصين و الولاياتالمتحدة أغلب الميداليات و حصدت بريطانيا أغلى و أسمى من هذا كله ألا و هو احترام العالم لهذا الشعب الخلوق الذي لقننا درسا لا ينسى أبدا في الوطنية الحقة التي لا مناص منها لرفعة البلد. أين نحن من هذا كله؟ ففي الوقت الذي تجني فيه الأمم ثمرة ما عملته أيديها و أيدي أبطالها و ما استطاع البلد المنظم أن يبهر به العالم، تتلطخ رياضتنا بثبوث تعاطي المنشطات من طرف بعض العناصر بعلم و مباركة مسؤولين عن القطاع حسب شهادات أطر رياضية نزيهة . لأن ما لا يُحَقق بالعمل الدؤوب و المستمر و الكدّ و الجدّ و التخطيط الملائم وتكوين الأبطال و تسخير الطاقات لحصد الميداليات و الألقاب، يمكن أن يُحَقق باختصار شديد لكل هذا و بجرعة من منشط يجُرّ علينا الويل و الويلات و يفقد بلادنا مصداقية الإنجازات الخرافية التي ححققها أبطالنا كالكروج و نوال و عويطة و بولامي و بوطيب و بيدوان و السكاح و غيرهم و يلصق بنا صفة الغش و التدليس إلى الأبد. أي شعب هذا الذي يعود له الفضل في إنجاح الألعاب الأولمبية؟ شعب عزم موظفوه أن يستفيدوا من عطلتهم السنوية أثناء فترة الألعاب من أجل تخفيف الإكتضاض التي تعرفه لندن. شعب مُنِحتْ لأطره أمكانية القيام بمهامهم الإدارية و هُم في بيوتهم بدل التنقل للإدارات. شعب تُمنَح لكل شخص منه اقتنى بطاقة دخول الملعب بطاقةً مجانيةُ لركوب الحافلة للإلتحاق بالملاعب دون أن يزيد طين المواصلات في لندن بلة. تحية إجلال لشعب يعرف كيف يصنع الأحداث. و في النهاية، كل هذا ما هو إلا درس للتلقين و الوقوف عنده بقوة من طرف أصحاب القرار لمجابهة التخلف المخيف الذي تعرفه الأمة العربية و الإسلامية على كل المستويات. لأن انتصارات الشعوب غدت تتحقق الآن بمدى نظامها و انتظامها و وطنيتها و انخراطها المباشر في أمور حياتها و ليس بعدد مدافعها و طائراتها و بوارجها الحربية. المصطفى دريد – سطات-