تحمل عدة مؤسسات وطنية اسم أبي القاسم الزياني، ولكن الكثير يجهل من هذهىالشخصية التاريخية. لا مجال للشك في تعرض التراث الثقافي الأمازيغي للاهمال والإقصاء، ونفس الشيء لأعلامه و مؤلفيه، فبعد الاستقلال ورث المغرب منهجين دراسيين، الأول عن ما يسمى بالحركة الوطنية التي أسست مدارس حرة كانت مقرارتها مستمدة من المشرق العربي، باعتباره في نظرهم مصدر ومنبع الثقافة، والثاني عن الاستعمار الذي كرس أصحابه العناية بما هو غربي، وأقصي كل ما هو وطني أصيل، فجعل فيما بعد التلميذ والطالب المغربي يعرفان حضارة وتاريخ وآداب وأعلام ومثقفي المشرق العربي والغرب الأوروبي، وأقصي كل ما هو مغربي باستثناء بعض الكتابات المونوغرافية، لبعض الباحثين المغاربة. في هذا الإطار طُمست بعض الأعلام والشخصيات التاريخية والعلمية أمثال أبي القاسم الزياني، الذي يجهل عنه أنه كان مؤرخا وكاتبا وسياسيا في إحدى فترات الدولة العلوية. أبو القاسم الزياني الذي ينسب أصله في كتابه الترجمانة الكبرى إلى أمازيغ بلاد زيان، وأسقط تلك الأكاديب التي يروجها أصحاب وهواة الانتماء إلى النسب الشريف أو إلى مولاي ادريس أو للوالي سيدي علي ابن ابراهيم، الذي قال عنه المؤرخ أبو القاسم الزياني أن بعد الحركة التي قام بها المولى اسماعيل لبلاد فزاز وخاصة ببلاد زيان أدخسان، توفي له الإمام، وأمر أن يدلوه على إمام آخر ، ولم يجد إلا الفقيه والأستاذ سيدي علي ابن إبراهيم، أي جد المؤرخ الذي زاد في قوله عنه أنه حينما عاد إلى مكناسة أخذ معه جده وأباه، الذي كان صغيرا في تلك الحقبة، واسمه أحمد، وقد ترك أولاده الكبار ببلاد زيان، وهذا ما يؤكد صدق الرواية الشفوية التي تقول أن سيدي علي ابن ابراهيم ذهب مع المولى اسماعيل ليكون أمامه، وترك أبناءه الكبار، وأخد معه الابن الصغير المسمى أحمد، وقد سجن في أواخر حياته بعد خلافه مع السلطان المولى اسماعيل. وفي كتاب البستان الظريف لأبي القاسم الزياني، الذي تحدث فيه عن زواج أبيه بمكناس، وانتقلت إلى فاس تزامنا مع وفاة المولى اسماعيل، وتغيير العاصمة من مكناس إليها، وبها ولد سنة 1147ه و1734م. وقد كتب أن ممات جده سيدي علي ابن ابراهيم كان بعد أسبوع بعد وفاة المولى اسماعيل أي سنة 1727م. المؤلفات والإنتاجات الفكرية والتاريخية لم تستحق الدراسة، كما كتب الأستاذ رشيد الزاوية محقق كتاب البستان الظريف، ويرجع ذلك إلى تأثر أهم المهتمين بتاريخ المغرب بمواقف معاصريه، وأثر ذلك على سمعته، وخاصة خصومه من أهل فاس، ويظهر ذلك في دراسة هولاء لتراث أبي القاسم الزياني. وقد خصص مؤرخنا حيزا كبير عن مواصفات أهل فاس، من خبث وقدح وحسد وعنصرية، وقد نال كل ذلك من هؤلاء أثناء دراسته بفاس، والسبب نبوغه وتفوقه عليهم، ولأنه أمازيغي كذلك. وأبو القاسم الزياني المؤرخ والكاتب تقلد مناصب سامية في حكم العلوين، ولكن كان دائما يتعرض للدسائس والمكائد من طرف أهل فاس. وقد سجن وعذب لمرات عديدة بسبب وشايات كاذبة، مفادها أن ابا القاسم يتأمر مع أهله أيت أمالو زيان على السلاطين العلويين. وقد خلف أبو القاسم الزياني إنتاجا زاخرا ووافرا من المؤلفات، كالتاج والإكليل، تحفة النبهاء، شرح الحال والشكوى… وفي أواخر حياة المؤرخ تعرض لعدة نكبات أهمها وفاة ابنه الوحيد، نتيجة تسمم جعل المؤرخ يشك في أهل فاس، وتعرضه للإهانة والتعذيب والسجن…. وقد توفي سنة 1833عن سن يناهز 99 سنة، ودفن بداخل الزاوية الناصرية بحي السياج بفاسالمدينة. المؤرخ الزياني شخصية علمية بارزة، ولهذا نرى ضرورة إحياء ذكرى اسمه بتسمية مؤسسة علمية، في بلاد زيان، تهتم بالفكر والتراث والثقافة والتاريخ، لرد الاعتبار لهذه الشخصية العلمية التي تتحدر من قبائل زيان.