الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    حقائق وشهادات حول قضية توفيق بوعشرين مع البيجيدي: بين تصريحات الصحافي وتوضيحات المحامي عبد المولى المروري    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة .. السيد الراشيدي يبرز الخطوط العريضة لورش الدولة الاجتماعية التي يقودها جلالة الملك    حصيلة سنة 2024.. تفكيك 123 شبكة لتنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر    الدكتور هشام البوديحي .. من أحياء مدينة العروي إلى دكتوراه بالعاصمة الرباط في التخصص البيئي الدولي    التجمع الوطني للأحرار يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة    فرض غرامات تصل إلى 20 ألف درهم للمتورطين في صيد طائر الحسون بالمغرب    الدفاع الحسني يهزم الرجاء ويعمق جراحه في البطولة الاحترافية    38 قتيلا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان (حصيلة جديدة)    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    انقلاب سيارة على الطريق الوطنية رقم 2 بين الحسيمة وشفشاون    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    أخبار الساحة    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مولاي عيسى ابن إدريس دفين آيت عتاب
نشر في أزيلال أون لاين يوم 28 - 11 - 2011


من هو مولاي عيسى ابن إدريس دفين آيت عتاب؟
ارتبط ذكر قبيلة آيت عتاب مند أوائل القرن الثالث الهجري بذكرى مولاي عيسى ابن إدريس ، أي قبل أن تحمل هذه القبيلة اسم آيت عتاب حيث كانت تشكل جزءا من قبيلة صنهاجة أو ازناكة التي كانت تستوطن المنطقة مع جارتها هسكورة.
فمن هو مولاي عيسى ابن إدريس هذا وما هي علاقته بقبيلة آيت عتاب ؟
للإجابة عن هذين السؤالين سنتناول الموضوع من خلال النقط التالية:نسب مولاي عيسى ابن إدريس، حياته، ذريته،علاقته بآيت عتاب و الاحتفال بموسم مولاي عيسى ابن إدريس بعد مماته.
أ- نسب مولاي عيسى ابن إدريس:
هو مولاي عيسى ابن إدريس الثاني بن إدريس الأول بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن الإمام علي كرم الله وجهه ومولاتنا فاطمة الزهراء بنت الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، أي أنه أحد أبناء إدريس الثاني دفين فاس والمؤسس الحقيقي للدولة الإدريسية ، علما أن إدريس الثاني هذا قد خلف 12 ولدا هم كما رتبهم أبو عبيد البكري : محمد وأحمد وعبيد الله وعيسى وإدريس وجعفر وحمزة ويحي وعبد الله والقاسم وداود وعمر. وهي نفس الأسماء التي ذكرها ابن عدارى المراكشي وابن حزم وإن كان ابن حزم قد أضاف إليها ولدين آخرين هما الحسن والحسين ، في حين أن علي بن أبي زرع الفاسي وخالد الناصري ذكرا اسم علي عوض عبيد الله . وهناك من النسابة من أضاف اسمي عمران وإبراهيم إلى قائمة أسماء أبناء إدريس الثاني، وبعبارة أخرى فإن هناك إجماع المؤرخين الدين تناولوا الدولة الإدريسية على أن عيسى هو أحد أبناء إدريس الثاني.
ب - حياة مولاي عيسى ابن إدريس:
ولد مولاي عيسى ابن إدريس في مدينة فاس عاصمة ملك والده ،وبها نشأ وترعرع وتعلم ، غير أن المصادر التاريخية التي تم الوقوف عليها لم تشر إلى تاريخ ولادته، ومع ذلك فإنه يرجح أنه من مواليد أواخر القرن الثاني الهجري، لأن والده إدريس الثاني ازداد سنة 177هجرية وتوفي سنة 213 هجرية. وعند وفاته كان عيسى ابن إدريس من بين إخوته الذين عينهم أخوهم الأكبر محمد بن إدريس الذي خلف والده ، بإشارة من جدته كنزة على أقاليم البلاد ، أي أنه كان عند وفاة والده في سن تسمح له بتقلد المسؤولية.أكثر من دلك أنه ثار ضد أخيه بعد سنتين أو ثلاث سنوات على تعيينه،ولو كان صغير السن لبقي بدوره كباقي إخوته الصغار تحت كفالة أخيه محمد بفاس.
وكانت ولاية عيسى ابن إدريس تشمل حسب بعض المصادر شالة وسلا وأزمور وتامسنا وما إلى دلك من القبائل ، في حين أن أبا عبيد اله البكري حدد مجال هذه الولاية في وازقور وسلا . أما دانييل أوسطاش فقد رسم حدود هذا المجال كالتالي :"وادي بهت والمجرى الأسفل لنهر سبو في الشرق وفي الشمال ووادي كرو والمجرى الأسفل لوادي سلا(أبي رقراق) في الجنوب مع امتداده إلى مشارف الجانب الشمالي لتامسنا حول شالة . ويكتمل هذا المجال بالشرق في الحدود الشمالية لتادلا وفازار الغربي ،وهناك من نصيب عيسى بن إدريس آيت عتاب وما جاورها وضم إلى حكمه شالة وجبال تادلة" . أما صاحب الدرر البهية فقد أكد أن عيسى ابن إدريس كان خليفة أخيه الإمام محمد بشالة وجبال تادلة . وإذا كانت معظم المصادر السالفة الذكر تتفق في تحديدها لمجال ولاية عيسى ابن إدريس على شالة وسلا وتامسنا ، فإن الاختلاف الذي يستدعي التوقف عنده يتمثل في إشارة البعض إلى أزمور والبعض الآخر إلى وازقور ، ذلك أن أزمور تقع في بلاد دكالة على شاطئ المحيط الأطلسي عند مصب نهر أم الربيع ، في حين أن وازقور كما نقل دلك دانييل اوسطاش عن كولان، تقع على وادي زقور أحد روافد أم الربيع على بعد حوالي ثلاث كيلومترات جنوب شرق مدينة خنيفرة . والمرجح أن المكان الذي يدخل ضمن ولاية عيسى ابن إدريس هو وازقور وليس أزمور لأن معظم النقود المضروبة باسم عيسى ابن إدريس قد ضربت في وازقور التي كان نشاط معاملها يوازي تقريبا ما كانت تسكه معامل دار العالية بفاس.
كما أن المؤرخين والنسابة اختلفوا في تعيين عاصمة ولاية عيسى ابن إدريس، فدانييل أوسطاش جعل مقر ولايته أزقور التي كان يقيم فيها ، في حين أن إشارة علي ابن أبي زرع الفاسي إلى أن عيسى ابن إدريس طرد من "شالة وسائر أعمالها" يفهم منها أن مقر تلك الولاية هو شالة . أما صاحب كتاب " مصابيح البشرية في أبناء خير البرية" أشار في سياق حديثه عن الشرفاء الدباغيين الحسنيين إلى "أنهم كانوا قديما بقبيلة آيت عتاب مركز إدارة جدهم عيسى".
وإذا كان عيسى ابن إدريس سار كباقي إخوته في أول الأمر سيرة حسنة في تدبير شؤون ولايته تحت إمرة أخيه محمد، إلا أن تلك الطاعة لم تدم طويلا، إذ سرعان ما ثار على أخيه واستقل بولايته، وكان دلك حسب دانييل أوسطاش في سنة 215 هجرية أو 216 هجرية ، إلا أن المصادر التاريخية لم تشر إلى أسباب هذا التمرد الذي يبدو بأنه كان بكيفية انفرادية ، وإن كان محمد ابن إدريس قد اعتبر امتناع القاسم ابن إدريس عن الدخول في حرب ضد أخيه عيسى لمعاقبته تواطؤا معه ومساندة له . وقد احتفظت لنا بهذا الامتناع الأبيات التي بعث بها القاسم إلى أخيه محمد جوابا عن طلبه الداعي إلى الدخول في حرب ضد أخيهما عيسى ، وهي من نظمه على النحو التالي :
سأترك للراغب الغرب نهبا = وإن كنت في الغرب قيلا وندبا
وأسمو إلى الشرق في همة = يعز بها رتبا من أحبا
وأترك عيسى على رأيه = يعالج في الغرب هما وكربا
ولو كان قلبي على قلبه = لكنت له في القرابة قلبا
وإن أحدث الدهر من ريبة = شقاقا علينا وأحدث حربا
فإني أرى البعد سترا لنا = يجدد شوقا لنا وحبا
ولم نجن قطعا لأرحامنا = نلاقي به آخر الدهر عتبا
وتبقى العداوة في عقبنا = وأكرم به حين نعقب عقبا
وأوفق من دلك جوب الفلا = وقطع المخارم نقبا فنقبا
فتوجه محمد إلى أخيه عمر بما أمر به القاسم فامتثل لأمره وقاد جيشا عظيما من غمارة وأوربة وصنهاجة ومن غيرها من القبائل مدعما بألف فارس من قبائل زناتة ضد أخيه عيسى ،وأوقع بهذا الأخير هزيمة عظيمة وطرده من شالة وسائر أعمالها .وذكر ابن عدارى المراكشي بأنه تقدم هناك تنازع بين عمر وعيسى دون أن يشير إلى سبب ذلك التنازع . وروى صاحب "زهرة الأخبار" أن جيوش عمر بن إدريس كانت تتكون من ستين ألف فارس من لمطة وأربعين ألفا من هوارة ومائة من زناتة ،في حين أ ن عيسى ابن إدريس استعان بستين ألفا من العسكر الشديد من تادلة ، وكانت الواقعة بينهما في وادي العبيد حيث انهزم عيسى ابن إدريس، كما أمر محمد بن إدريس أخاه عمر بالسير إلى قتال القاسم الذي رفض محاربة عيسى ، فدارت بينهما حروب طاحنة انقشع غبارها عن انهزام القاسم بدوره، وبذلك تولى عمر على ولايتي عيسى والقاسم. وقد التجأ هذا الأخير إلى تاهذارت بالقرب من أصيلا حيث تزهد في الدنيا ولا زم العبادة إلى أ ن توفي. وعن عيسى بن إدريس اكتفى المؤرخ أبو القاسم الزياني بالقول " ولم أدر ما فعل الله بعيسى بعد الهزيمة ، إلا أن قبره بآيت عتاب.
ويري دانييل أوسطاش أن عيسى ابن إدريس فر بعد انهزامه إلى سلا ، في حين أن صاحب زهرة الأخبار الذي روى بأن الواقعة التي دارت بين عمر وعيسى كانت بوادي العبيد أشار إلى أن عيسى بعد انهزامه فر إلى جبال آيت عتاب.
وبالرغم من هذه الروايات عن انهزام عيسى ابن إدريس فإن هناك بعض المصادر التي تتحدث عن استمراره في ممارسة نشاطه السياسي الشئ الذي تؤكده أيضا النقود التي ضربت باسمه في فترات لاحقة للمواجهة التي تمت بينه وبين أخيه عمر، وهكذا فقد افترض دانييل أوسطاش اعتمادا على المسكوكات الإدريسية بأن عيسى ابن إدريس قد استعاد ولايته ولاسيما في عهد علي بن محمد بن إدريس الذي خلف والده بعد وفاته في سنة 221 هجرية مستدلا على ذلك بكون عيسى ظهر من جديد في سنة 225 للهجرة، حيث ضرب السكة باسمه في وازقور، بل لقد دهب إلى أن ولاية عيسى عرفت نوعا من التوسع ، كما يستنتج من كونه ضرب النقود باسمه في سنة 229 هجرية في زيز التي قد تكون دخلت في ولايته أو على الأقل اعترفت بنفوذه. ومما يؤكد كون عيسى ابن إدريس استرجع تلك الولاية واستقل بنفسه أن النقود المضروبة باسمه أصبحت ابتداء من عام 226 هجرية وإلى أن توفي تصفه ب "المنتصر بالله " الذي كان يلقب به عادة محمد ابن إدريس.
وكما هو الشأن بالنسبة لتاريخ الولاة فإن معظم المصادر التاريخية التي اهتمت بالدولة الإدريسية لم تشر إلى تاريخ وفاة مولاي عيسى ابن إدريس.ويحدد دانييل أوسطا ش اعتمادا دائما على المسكوكات المتبقية في عهد الأدارسة، تاريخ تلك الوفاة في عام 233 هجرية . وعن هذا الجانب أشارت جمعية تاريخ المغرب في إشارتها في نشرتها إلى أن عيسى ابن إدريس مات في سنة 233 هجرية ودفن بتادلة في آيت عتاب، فخلفه ابنه أحمد ،وقبره مشهور بآيت عتاب بالمكان المعروف بالسدات . وتفيد شجرة الولي الصالح مولاي عبد الله بن عبد السلام بن مشيش دفين رفالة بدير آيت عتاب بأن السلطان أبا الحسن المريني المعروف بالسلطان الأكحل كان قد بنى على الولي الصالح مولاي عيسى ابن إدريس قبة فاخرة في نطاق العناية التي كانت توليها هذه الدولة للشرفاء. وعلى هذا الأساس يكون مولاي عيسى ابن إدريس عاش من بعد والده المتوفى عام 213 هجرية 20 سنة ، في حين تأخر عن أخيه محمد حوالي إثنى عشر سنة.
ج- درية مولاي عيسى ابن إدريس :
هناك إجماع المؤرخين والباحثين على أن مولاي عيسى ابن إدريس قد خلف درية بعد وفاته خلافا للرواية الشفوية التي يتداولها بعض العتابيين من أنه توفي وهو أعزب.ويؤكد دلك كون احد أبنائه وهو احمد بن عيسى بن إدريس قد خلف والده كما توصل إلى ذلك دانييل أوسطاش على وازقور وامتدت ولايته من عام 233 هجرية إلى 270 هجرية . ويبدو حسب نفس المصدر أن ولايته اتسعت شمالا لتضم معملين لسك النقود أحدهما في بهت والأخر في ورديغة . وهناك درهم ضرب باسم أحمد بن عيسى ابن إدريس يعد قرينة على أن بني عيسى ابن إدريس قد استمروا في الحكم إلى ما بعد سنة 276 هجرية وهو التاريخ الذي عادوا فيه إلى وازقور.
وفي هذا الصدد اكتفى صاحب الاستقصا في تاريخ المغرب الأقصى بالإشارة إلى أن عيسى ابن إدريس توفي بآيت عتاب وله بها درية دون إعطاء أية تفاصيل عن هذه الدرية التي وردت إشارات كثيرة إليها من عدد من المؤرخين والنسابة أمثال:
♦ذكر صاحب" زهرة الأخبار" أن مولاي عيسى ابن إدريس خلف خمسة أولاد وهم موسى وأحمد وسهل وهارون وسليمان من زوجته بنت جابر التدلاوي القيسي. ولا نعلم عن بنت جابر القيسي هذه شيئا والتي يدل نسبها إلى جابر القيسي على أنها ترجع إلى أصول عربية إي إلى آل جابر من قيس غيلان الشئ الذي يمكن التساؤل معه عن مدى صحة مصاهرة مولاي عيسى ابن إدريس لبني جابر الدين تأخر استيطانهم بمنطقة تادلا إلى عهد الموحدين ما لم يكن أحد أسلاف بني جابر قد عرف طريقه إلى المنطقة مند عهودها الأولى بالإسلام.
♦ جاء في الشجرة الموجودة في حوزة حفدة مولاي عيسى بن إدريس في آيت عتاب أن هذا الأخير خلف خمسة أولاد نذكر من بينهم محمد وأحمد صاحب تادلا وجبال فازاز وموسى صاحب مدينة داي له عقب كثير وهارون.
♦ جاء ضمن شجرة مولاي عبد الله بن عبد السلام بن مشيش أن مولاي عيسى بن إدريس خلف ثلاثة أولاد هم موسى وأحمد وسليمان، إلا أن هذه الشجرة تشير في مكانين آخرين منها إلى"سهل بن عيسى بن إدريس" و"يحيى بن عيسى بن إدريس".
فهل هذا يعني أن أولاد صاحب الترجمة حسب هذه الشجرة نفسها يصل إلى خمس أم أن بعض الأسماء سقطت بين عيسى وسهل ويحيى.
♦ ذكر ابن حزم في كتابه " الجمهرة " بأن الرئاسة كانت لدى الأدارسة في ولد القاسم بن إدريس وولد عيسى بن ادرس وصاحب درعة حفيد يحيى بن إدريس.
والملاحظ أن هذه الروايات قد اتفقت على معظم الأسماء وكلهم من الذكور مثل أحمد بن عيسى بن إدريس، كما اتفقت على أن درية مولاي عيسى بن إدريس قد تفرقت في الأوطان داخل المغرب وخارجه ومن الأمثلة عن دلك:
▪ذكرت شجرة مولاي عبد الله بن عبد السلام دفين ارفالة بأن أولاد عيسى بن إدريس يتواجدون في آيت عتاب نفسها وفي تادلة وفم الجمعة والوادي الأخضر في السراغنة وإشقيرن بزايان وسلا ومراكش ومغراوة وفيجيج وقصر الواد وتلمسان.
▪ذكر صاحب كتاب "الدرر البهية والجواهر النبوية" بأن عقب مولاي عيسى بن إدريس هم الشرفاء المناليون والبوزيديون واليعقوبيون والسنويون والعرهبيون والدباغيون، وفي تفصيله لهذه الشعب أوضح نفس المؤلف أي إدريس بن مولاي احمد العلوي بأن المناليين نسبة إلى منالة بالسوس الأقصى يدعون كذلك بالزباديين، كانوا بفاس والسوس الأقصى والصحراء، وبأن البوزيديين قدموا من تلمسان، ومنهم جماعة وافرة بقلعة صفرو، أما اليعقوبيون نسبة إلى سيدي يعقوب الشريف بالقرب من وادي شلف ، فكانوا بفاس، ثم انتقل بعضهم إلى رباط الفتح، والسنويون سموا بدلك لأن جدهم أخد عن السنوي بمصر ويعرفون في فاس بالعمراويين، أصلهم من تادلا، ثم انتقلوا لزمور الشلح وبني حسن ثم لبلاد الحياينة، أما العرهبيون فينسبون إلى جدهم العربي المدعو عرهب دفين تادلا، وهم من حفدة موسى بن عيسى بن إدريس، ويعد الدباغيون من بيوت النسب المذكورين وكبراء الحسب المشهورين، سكنوا أولا آيت عتاب، ثم انتقلوا إلى سلا ومنها لعدوة الأندلس حيث نزلوا بغرناطة، وكان أول من نزل بها جدهم علي بن عبد الرحمان بن عيسى بن احمد بن محمد بن عيسى بن إدريس في سنة 456 هجرية، ثم قدموا إلى فاس فاشتهروا بالسلويين والدباغيين، وبعضهم في مراكش.
▪في إشارة لصاحب كتاب "إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس" أن شرفاء آيت عتاب الأدارسة انتقلوا إلى غرناطة بعدوة الأندلس، وكان لهم بها الصيت الشهير، بولاية الحكم في الأمر الخطير، ناهيك أن منهم الشريف الغرناطي شارح مقصورتي حازم والخزرجي، كانوا يدعون بالسلويين لما قدموا من عدوة فاس، وبعضهم بمراكش، وبعضهم بسوس الأقصى.
▪ذكر عبد العزيز بنعبد الله وهو يحدث عن الدباغيين بأنهم قد سكنوا أولا آيت عتاب بتادلا، ثم مدينة سلا، ومنها انتقلوا إلى غرناطة الحمراء... ونزل سلا أواخر المائة السابعة جدهم أحمد بن ابراهيم بن عمر حيث أجرى عليهم بنو مرين ريع دار دباغة سلا، وكان سببا لتسميتهم بالدباغيين.
▪وحسب صاحب زهرة الأخبار فإن الشرفاء الأدارسة بآيت عتاب يرجع أصل البعض منهم إلى صفوان بن موسى بن سليمان بن يحيى بن موسى بن عيسى بن إدريس، وخلف صفوان هذا من زوجته عائشة بنت عبد الله بن يوسف بن عمر بن شجدال بن عزيز العميري التدلاوي ثلاثة من الذكور، محمد بن صفوان الذي خرج إلى ملوية، وأبا القاسم بن صفوان الذي انتقل إلى الأندلس، وأبا عمران موسى بن صفوان الذي استقر في تادلا، في حين أن أصل البعض الآخر يعود إلى يحيى بن أبي يعقوب يوسف بن محمد بن علي بن عبد الله الخالق بن عبد الجبار بن أحمد بن عيسى بن إدريس.
▪ والجدير بالملاحظة أنه توجد إلى جوار قبر مولاي عيسى بن إدريس إلى يومنا هذا مجموعة من الأسر من حفدته يحمل عدد منهم اسم"الأزهري" نسبة إلى جدهم الأعلى مولاي إدريس الأزهر، وفي حوزتهم مجموعة من ظهائر الاحترام والتوقير المنعم بها عليهم من لدن عدد من ملوك الدولة السعدية وخاصة من طرف ملوك الدولة العلوية الشريفة، ومن بين هذه الظهائر على سبيل المثال ظهير للسلطان مولاي أحمد يحيى السعدي يجدد فيه لحملته الشريفين سيدي الحسين وسيدي لحسن ما بأيديهم من ظهائر والده المنعمة عليهم بالتعظيم والتوقير والمسقط للكلف المخزنية عليهم وهو مؤرخ في ربيع الأول عام 985 للهجرة، وظهيران شريفان للسلطان المولي إسماعيل مؤرخان على التوالي في 1087 هجرية و1106 هجرية، وظهير شريف للسلطان عبد الله بن إسماعيل مؤرخ في عام 1138 للهجرة، وكلها لتجديد ما بأيديهم من ظهائر الاحترام والتوقير.
▪ابن إدريس إلا وبالرجوع إلى مؤلفات المعاصرين يلاحظ بأنها لم تعد ترفع نسب حفدة مولاي عيسى نادرا إلى جدهم الأعلى، بل تقتصر على نسبتهم إلى الجد الذي اشتهروا به في المواطن التي يتواجدون فيها كما لاحظنا عند صاحب الدرر البهية وعند المؤرخ عبد الرحمان بن زيدان صاحب إتحاف أعلام الناس.
ومن المؤلفات الحديثة التي تناولت مختلف شعب بني عيسى بن إدريس ومواقع تواجدهم في أيامنا هذه كتاب"مصابيح البشرية في أنباء خير البرية" للسيد أحمد الشباني الإدريسي، وكانت من بين درية مولاي عيسى بن إدريس شخصيات كثيرة لها باع طويل في مجالات العلم والتصوف والوطنية أمثال عبد المجيد الزبادي وإدريس الفضيلي وعبد العزيز الدباغ وعبد العزيز بن إدريس، ومن أشهر متصوفة هذه الدرية سيدي علي بن إبراهيم دفين بني اعياط المتوفى في سنة 956 أو 957 للهجرة، قال عنه ابن عسكر صاحب دوحة الناشر"من مشاهير مشايخ الصوفية، اشتهر بالخير والصلاح، وظهرت عليه مخايل الولاية وشواهد الكرامة، وشهد له بالدراية والفضل بالتقدم في طريق الديانة الخاصة، وله مناقب مأثورة".
د- علاقة مولاي عيسى بن إدريس بآيت عتاب:
من المؤكد أن مولاي عيسى بن إدريس لجأ في آخر أيام حياته إلى آيت عتاب لأنه توفي فيها ودفن فوق ترابها غير أن ذلك لا ينفي أن تكون آيت عتاب مقرا لولايته خلال تقلده للمسؤولية أو أن تكون له علاقة وثيقة بهذه القبيلة حتى قبل توليه للمسؤولية ولم لا خلال عهد والده إدريس الثاني. ولعل كل هذه الفرضيات تجد قي المصادر والوثائق المكتوبة وفي الرواية الشفوية ما يدعمها كما يتضح من الأمثلة التالية:
♪ فحسب الشجرة الموجودة في حوزة الشرفاء حفدة مولاي عيسى بن إدريس بآيت عتاب فإن مولاي عيسى بن إدريس انتقل من مدينة سلا إلى بلاد البربر حيث نزل بمكان يسمى "أوربيع" عند زعيم المنطقة المدعو"بن وعزان" الذي فرح به وأجمع البرابر والعرب وما تحت يديه فأمر بتعظيمه، فأخبرهم بأنه شريف، وقدم معه إلى بلاد صنهاجة وهي تيرت، واستقر رضي الله عنه بموضع يقولون له السدات وبنى قصبة في دلك المكان فأجمع عليه آيت بوكرام بآيت عتاب، آيت عياض، آيت يعزم، آيت مكسولي، آيت وكتلاسن، آيت حميد، آيت هرفالة، آيت سليمان وآيت كسلت.
♪ وفي رواية أخرى فإن مولاي عيسى بن إدريس قد فر إلى المكان المعروف اليوم بآيت عتاب على إثر انهزامه في المعركة التي خاضها ضد أخيه عمر بوادي العبيد "عن طريق اغبالوا بابزو، فالعثامنة فآيت عتاب، ونزل علن أهل تسقي الدين آووه وبروا به وتفانوا في محبته وخدمته" وتتمشى هذه الرواية مع بعض ما ذكره صاحب زهرة الأخبار من أن مولاي عيسى بن إدريس قد "فر إلى جبال تادلا من واد آيت عتاب بتسقي، توفي وقبره يزار بتلك البلاد" وكدا مع ما ذكره صاحب كتاب التشوف الصغير من أن مولاي عيسى بن إدريس "مدفون بتسقي من جبل آيت عتاب".
قد يلاحظ بأن ضريح مولاي عيسى بن إدريس يوجد الآن في السدات وليس بتسقي التي تفصلها عن السدات حوالي ست كيلومترات، غير أن ذلك قد يجد تفسيره في أن كل المنطقة الممتدة من آيت يحيى إلى تسقي ربما كانت تحمل في تلك الفترة من التاريخ اسم تسقي الذي يبدو أنه مشتق من السقي لوفرة مياهها وكثرة بساتينها خاصة وأن الرواية الشفوية تتحدث إلى عهد ليس بالبعيد عن البساتين الكثيرة التي كانت تغطي هذه المنطقة والتي نجد لها صدى في جغرافية الحسن بن محمد الوزان الذي أكد في أوائل القرن السادس عشر الميلادي وهو يصف آيت عتاب بأن"جميع الشعاب المجاورة مليئة بالكروم والبساتين الجميلة"، وكدا عند مارمول كربخال المعاصر له الذي أكد بدوره وهو يتحدث عن آيت عتاب بأن"جميع الشعاب والتلال المحيطة بها مكسورة بالكروم والأشجار المثمرة".
♪ وهناك رواية ثالثة متداولة إلى اليوم في أوساط سكان آيت عتاب يفهم منها أن مولاي عيسى بي إدريس كانت له علاقة بآيت عتاب في عهد والده إدريس الثاني، بل لقد تطورت تلك العلاقات إلى درجة أن مولاي عيسى بن إدريس كان يفضل الإقامة في آيت عتاب، ومؤداها أن والده إدريس الثاني اضطر في إحدى المرات إلى القدوم إلى آيت عتاب لمصاحبة ابنه عيسى معه إلى فاس بعد أن طال غيابه عن العائلة بآيت عتاب مما آثار غضبه وهو فوق تراب هذه القبيلة فدعا على سكانها بقوله: "الله يعطيكم الشيح والريح"، وقد استدرك ولده عيسى الذي كان بجانبه قائلا:"وتصلح عليه أموالهم ورجالهم"(الشيح هو نوع من النبات، أموالهم:المقصود بها ماشيتهم، وما تزال الكلمة متداولة بهذا المعنى في المنطقة).
ويمكن أن نستنتج من هذه الروايات أن مولاي عيسى بن إدريس كان كثير التردد على آيت عتاب سواء في عهد والده أو خلال فترة ولايته أو بعد انهزامه في المعركة التي قادها ضد أخيه. وهذا ما تؤيده إحدى الإشارات الواردة في الشجرة الموجودة في حوزة الشرفاء الأدارسة حفدة مولاي عيسى بن إدريس بآيت عتاب ومفادها أن هذا الأخير لما لاحظ خلال إحدى إقاماته بآيت عتاب بأن سكان المنطقة "تبعوا أهواء أنفسهم وأحلوا الحرام وحرموا الحلال فخرج عنهم غضبانا ورجع لفاس فسلط الله عليهم القحط قيل سبع سنين وقيل خمس سنين وقيل ستة، فندموا وتابواإلى الله وتبعوه بستين رجلا من كل قبيلة...وآيت عتاب بستة رجال، فلما وصلوا إليه أمسكهم عشرة ليالي، فخرج لهم بعد تمام الليالي فسأل كل واحد منهم عن قبيلته، فلما وصل آيت عتاب وجدهم ستة رجا ل وقال لهم : مالكم أنتم أقل القبائل ؟
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.