- صدر نص واحد في أواخر السبعينيات هو (من يوميات مدرسة حرة) لزهور ونيسي سنة 1979. - لانص روائي نسائي في الثمانينيات - ، 6 نصوص في التسعينيات هي (لونجة والغول) لزهور ونيسي سنة 1993/ ذاكرة الجسد سنة 1993، وفوضى الحواس سنة 1996 لأحلام مستغانمي / رجل وثلاث نساء لفاطمة العقون سنة 1997 / وفي آخر سنة من القرن العشرين كانت رواية (مزاج مراهقة) لفضيلة الفاروق ورواية (عزيزة) لفاطمة العقون. - لكن ما أن هلَّ القرن الواحد والعشرون حتى تدفق الإنتاج النسائي الروائي هادرا في العالم العربي ومنه الجزائر. فإذا كانت الجزائر لم تشهد إلى سبع روايات نسائية خلال في تاريخها الروائي إلى سنة 1999، فقد تضاعف هذا العدد عدة مرات في وقت وجيز فتم إصدار أربعين رواية نسائية في السنوات العشرة الأولى من القرن واحد والعشرين.. ونظرا لأهمية الإنتاج في هذه السنوات العشرة كما ونوعا سنركز في هذا المبحث على هذه الفترة، ونبدأ بجرد تلك النصوص لنضعها أمام القارئ حسب سنوات إصدارها لتكون أرضية وقاعدة بيانات لكل من يهمه دراسة الرواية النسائية في هذا البلد : - في سنة 2000 صدرت ثلاث روايات هي : أوشام بربرية لجميلة زنيبر ، (بين فكي وطن) لزهرة ديك، (بيت من جماجم) لشهرزاد زاغز . - في سنة 2001 تم إصدار أربع روايات هي: ( بحر الصمت) لياسمينة صالح، (الحريات والقيد) لسعيدة بيدة بوشلال، (تداعيات امرأة قلبها غيمة) لجميلة زنيبر، (الشمس في علبة) لسميرة هوارة. - خلال سنة 2002 صدرت ثلاث أعمال روائية هي : (في الجبة لا أحد) لزهرة ديك ، (أحزان امرأة من برج الميزان) لياسمينة صالح، (تاء الخجل) لفضيلة الفاروق، - وفي سنة 2003 خرج إلى الوجود 3 إصدارات هي ( النغم الشارد) ربيعة مراح، (عابر سرير) أحلام مستغانمي، (قدم الحكمة) رشيدة خوازم، - ولم تشهد سنة 2004 إلا ميلاد روايتين هما (السمك لا يبال) لإنعام بيوض و ( زنادقة) لسارة حيدر . - وهو نفس العدد الذي صدر سنة 2005 وكانت الروايتان لكاتبة واحدة يتعلق الأمر ب(ذاكرة الدم الأبيض ج1 الدموع رفيقتي) لخديجة نمري و (ذاكرة الدم الأبيض ج2 سطور لا تمحى) لنفس الكاتبة . - ليرتفع العدد إلى أربع روايات 2006 هي ( ذاكرة الدم الأبيض ج3 الذكريات) لخديجة نمري ، (لعاب المحبرة) لسارة حيدر، (وطن من زجاج) لياسمينة صالح وأخيرا ( اكتشاف الشهوة) فضيلة الفاروق، - وتحطم سنة 2007 الأرقام بسبع روايات هي : (جسر للبوح وآخر للحنين) لزهور ونيسي، (شهقة الفرس) لسارة حيدر، (اعترافات امرأة ) لعائشة بنور (بنت المعمورة) (فراش من قتاد) لعتيقة سماتي ، (إلى أن نلتقي) لإيميليا فريحة، (أجراس الشتاء ج1) عائشة نمري ، (أجراس الشتاء ج2) لنفس المؤلفة - وشهدت سنة 2008 ثلاث روايات هي ( مفترق الطرق) لعبير شهرزاد ، ( نقش على جدائل امرأة) لكريمة معمري و رواية ( بعد أن صمت الرصاص) لسميرة قبلي - ويترجع العدد إلى روايتين في سنة 2009 هما : (الهجالة) لفتيحة أحمد بوروينة ورواية ( قليل من العيب يكفي) لزهرة ديك - وأخيرا كانت أربع روايات سنة 2010 هي (أعشاب القلب ليس سوداء) لنعيمة معمري ، (لخضر) لياسمينة صالح، (لن نبيع العمر) لزهرة مبارك و (أخيرا أقاليم الخوف) لفضيلة الفاروق هذا كل ما أنجزته نساء الجزائر وهو عدد لا بأس مقارنة مع الكثير من الدول العربية الأخرى، ويكاد يكون العدد متشابه مع ما كتبته النساء في المملكة المغربية (53 نصا روائيا إلى حدود 2010) مع الإشارة إلى أننا تمكنا من قراءة عدد من الروايات الجزائرية النسائية الصادرة في العقد الثاني من القرن الذي نعيشه لكننا لم نتمكن من متابعة كل جديد لأن الموضوع لا زال في تفاعل، وظروف التوزيع في العالم العربي ليست على أحسن ما يرمام في هذه الأيام، لذلك نكتفي تسليط الضوء على الفترة المحددة في العقد الأول ... وعند تصفح هذه الأعمال يدرك القارئ للوهلة الأولى أن أغلبها ظل شديد الارتباط بالقضايا الوطنية الكبرى التي عرفتها الجزائر فكانت تيمات الوطن/ الاستعمار/ الثورة/ الإرهاب ... بارزة في أعمال مثل (وطن من زجاج) لياسمين صالح ، و (بين فكي وطن) لزهرة ديك و في كل من رواية ( في الجبة لا احد) ورواية (الشمس في علبة) لسميرة هوارة ، و رواية (بعد أن صمت الرصاص) لسميرة قبلي، و (بيت من الجماجم ) لشهرزاد زاغز، وفضيلة الفاروق في روايتها (تاء الخجل).... لكن يبقى الجنس والجسد الأنثوي في علاقته بالرجل الخيط الرابط بين معظم تلك الأعمال، فلا نكاد نصادف رواية جزائرية نسائية إلا وللجنس والحديث عن الجسد الأنثوي فيها نصيب.. قبل الغوص في موضوع حديثنا لا بد من الإشارة إلى أن هذا التطور في الكتابة النسائية في السنوات الأخيرة له ما يفسره من أسباب على أرض الواقع ؛ فتأخر الكتابة لدى المرأة الجزائرية كما لدى النساء في مختلف البلدان العربية مرتبط بالاستعمار ، وبوضعية المرأة في تلك المجتمعات وتفشي الأمية في صفوف النساء، لكن ما أن بدأ وضع المرأة يتحسن اجتماعيا وثقافيا حتى زاحمت الرجل وتفوقت عليه في ميادين متعددة منها كتابة الرواية، ففرضت نفسها وانتزعت حقوقها وتمتعت ولو نسبيا ببعض الحرية وتمكنت من مواصلة تعليمها والتعبير عن أفكارها بكثير من الجرأة ، بعدما خرجت من البيت كفضاء مغلق إلى الفضاءات المؤسسات العامة .. واستطاعت المرأة إظهار قدرة على الإبداع وإزاحة الرجل من على عرش الكتابة، وأكثر من ذلك سمح تطور وعي المجتمع بالإقبال على ما تخطه أنامل النساء والتفاعل معه، كما أصبحت دور النشر تتسابق على نشر كتابات النساء ، وساهمت المؤسسات الرسمية والخاصة في خلق مسابقات وملتقيات تكرم الإبداع النسائي وطنيا جهويا وقوميا وتعرف به فكان من الطبيعي أن تخلق النساء تراكما في هذه السنوات... هي إذن 27 امرأة من استطاعت أن تخلد اسمها في تاريخ الرواية الجزائرية إلى سنة 2010 ثلاثة منهم فقط من استطعن كتابة أربع روايات هن : أحلام مستغانمي، فضيلة الفاروق و ياسمين صالح.. وبما أن روايتي امستغانمي (ذاكرة الجسد ، وفوضى الحواس) كانتا في القرن العشرين، والكاتبة نالت حظوة النقاد العرب في المشرق والمعرب، سنركز أكثر على تجربة فضيلة الفاروق لأنها أكثر تأليفا ولأن أزمة الجنس (موضوع بحثنا) أكثر وضوحا في رواياتها ، ولأن فضيلة أكثر إلحاحا على الكلام باسم المرأة ، بل جعلت في رواياتها الأربع (مزاج مراهقة 1999/ وتاء الخجل 2002/ اكتشاف الشهوة 2006/ وأقاليم الخوف 2010) {جعلت} من قضايا المرأة بؤرة كلامها، دون أن تخفي تذمرها من واقع المرأة المزري ، وأن تتطلع إلى تحرير المرأة و انعتاقها من أغلال الماضي بالتركيز على معالجة مختلف قضايا المرأة بجرأة قل نظيرها، وخاصة ما يتعلق بالحب ، العذرية، الطلاق، الزواج، إنجاب البنات، التعليم ، الحجاب، العلاقة الزوجية، الشذوذ، التعدد، تهمبش المرأة ومعاناتها من العقلية الذكورية إضافة توق جسد المرأة إلى اللذة والجنس، دون ان يمنعنا ذلك من الالتفات إلى غيرها من الروائيات عند الضرورة .... إن ولع النساء بالكتابة عن الجنس والجسد جعل من أزمة الجنس أهم قضية في متن ما تحكيه النساء وجعلن منها أهم قضية عربية في الرواية النسائية بدون منازع ، فتجرأن على موضوعات ظل الاقتراب منها محرما محطِّمات أغلال كل رقابة أو مرجعية كانت تخرس الأفواه، مستفيدات من هامش الحرية التي أصبحت تتمتع به المرأة العربية، وجاعلات من الجسد مجالا للكتابة، يصفن تفاصيل كل منحنياته وأخاديده وفجاجه، ومعلنات عن رغبتهن في إشباع غرائز هذا الجسد في واقع يعد الحديث عن الحب خطيئة خاصة من المرأة التي فرضت عليها سلطة التقاليد الظهور بمسوح الحشمة والعفة... إذا كانت رواية (مزاج مراهقة ) قد صدرت سنة 1999 فإن أول رواية لفضيلة الفاروق في الألفية الثالثة هي ( تاء الخجل) وفيها تتعرض فضيلة إلى اختطاف الفتيات واغتصابهن في العشرية السوداء بالجزائر، مؤكدة على أن الاغتصاب أصبح "إستراتيجية حربية" لذلك كانت الرواية (من أجل 5000 مغتصبة في الجزائر) وضد تواطؤ مختلف مكونات المجتمع على احتقار المرأة و استغلالها فالنساء تغتصب على مرأى ومسمع ولا أحد يسمع صراخ المرأة ويغيثها وفي هذه الجملة السردية ما يلخص القضية: ( أمير جماعة يستعين باثنين من رجاله يغتصب رزيقة أماهما وهي تصرخ دون أن يغيثها أحد ) و حتى رجال الشرط الذين يفترض فيهم حماية النساء، ومساعدتهن على استرجاع حقوقهن يتواطؤون ويرجحون أن تكون المغتصبات قد ذهبن إلأى مغتصبيهن بإرادتهن... والطبيب لا يرفض تقديم المساعدة لفتاة على الإجهاض دون إذن من الشرطة، والأب يرى البنت وصمة عار ، يتنكر لابنته (يمينة) رغم اختطافها أمام عينيه، مما ولد ليدها الإحباط ورفض الحياة فكانت نتيجتها الموت ... وأب أخر يضع حدا لحياة طفلته في واحدة من أكثر الحكايات تأثيرا في الرواية: حكاية الفتاة ذات ثماني سنوات (ريما نجار) التي اغتصبها أربعيني صاحب دكان لما دخلته الفتاة لشراء حلوى، وبدل أن تجد المساندة من والدها والقصاص لها من الجاني، اعتبرها الأب وصمة عار وجب التخلص منه، فقتلها بيده ورماها من أعلى جسر (سيدي امسيد ) لمداراة الفضيحة .. وأعمام (خالدة) يتدخلون لمنعها من مواصلة الدراسة مفضلين ضرورة تزويجها من أي كان من العائلة صون لشرف العائلة وخوفا من أن يدنس هذا الشرف إن هي أكملت دراستها... هذه أصوات ومظاهر في الرواية تشكل صرخة مدوية في مجتمع صم أذنيه عن ألام ومعاناة النساء، مما جعل المغتصبة تقف على حدود الإلحاد أما هذا الصمت الرهيب.. فلنستمع ليمينة إحدى بطلات الرواية تحكي عن تجربتها تقول (انظري ربطوني بسلك وفعلوا بي ما فعلوا، لا أحد في قلبه رحمه، حتى الله تخلى عني ،مع أني توسلته، أين أنت يا رب ،أين أنت يارب)[2] ولم يقتصر التنكيل بالنساء على الاغتصاب فقط بل تضيف ( إنهم يأتون كل مساء ويرغموننا... يمارسون العيب وحين نلد يقتلون المواليد)[3] وكذلك جعلت ياسمينة صالح من قضية المرأة تيمة أساسية في رواياتها (بحر الصمت 2001/ أحزان امرأة من الميزان 2002/ وطن من زجاج 2006/ لخضر 2010) وتبقى رواية (أحزان امرأة من برج الميزان) قد تناولت موضوع أزمة الجنس بوضوح من خلال التركيز على حياة الدعارة حيث يصبح (الجسد ثروة يجب استغلالها) [4] من خلال نماذج بشرية تصارع من أجل البقاء ، أهمها صديقة الساردة في الجامعة وأمها، كتجارب في المدينة وتجربة ثالثة في البادية.. فالصديقة إذ تحكي عن أمها التي كانت تمتهن الدعارة في مجتمع يتشدق بالشرف علنا ويمارس الرذيلة خفية ( كان الناس ينظرون إلينا نظرة تثير التقزز، حتى أولئك الذين يتسللون إلى بيتنا ليلا لنفس المتعة يحتقروننا في الصباح، كانوا يحتقروننا باسم الشرف)[5]. تحكي كيف وجدت نفسها منغمسة في الدعارة بعد وفاة أمها، دون أن يمنعها ذلك من الحصول على الباكالوريا وولوج الجامعة وترتقي في سلم الدعارة إلى الفنادق الراقية، وسيارات الرفاه ، ومعاقرة رجال الأعمال ... أما النموذج الثالث فقصة أرمة رفضت الزواج لتربي أبناءها الصغار فكثرت حولها الشائعات في مجتمع (الفضيلة {فيه } لا تحمي من الجوع)[6] فلم يكن أمامها سوى الإذعان (الكل اشتهاها في الحرام فكانت الخطيئة، خطيئة أن تصبح امرأة جميلة عاهرة كي تنقد أبناءها من الجوع )[7] ومن مظاهر أزمة الجنس في الرواية النسائية الجزائرية ما ورد في رواية (لن نبيع العمر ) لزهرة مبارك التي فتحت كوة على شذوذ الرجل إذ تفتتح الرواية بمشهد جنسي يقف فيه البطل على أبيه يضاجع أمه وينتهي بوفاة الأم لأنها لم تشبع غريزة الأب (لم تمكنه من لذته فأنهار وضربها حتى أرداها ميتة ..ثم دخل السجن وهناك أخبروني انه حول مساره الجنسي وأصبح رجلا لوطيا ..لقد عجنتني أخباره .... مكث أبي بالسجن 12 سنة ومات إثر مرض عضال لم أعرفه لحد الآن ولا أريد أن أعرفه !) ) ، وفي السجن يجد مرتعا ليشبع شذوذه ... يكبر الابن ويصبح طبيبا ورئيس قسم جراحة العظام وقد تربى هو الآخر على الشذوذ واللواط يقول (قد استطعت في مدة وجيزة بعد تسلمي لمنصب رئيس قسم جراحة العظام بذلك المستشفى, أن أحول مكتبي من مركز للدواء إلى مكان يلهو فيه الجوع التطوري للجنس اللاطبيعي, واحترفت خرق جسد مرضاي..لم أكن أداوي النساء, وكنت أحول ملفاتهم إلى ذلك الطبيب الصيني المغرم بحياء وتواضع نسائنا, الذي كان يعطيه رمزا للأنثى الملائكية التي يحبها..) هكذا يكون الجنس حاضرا بقوة في روايات النساء الجزائريات مثل باقي الروايات النسائية العربية بل تعتبره سارة حيدر[8] في روايتها الأخيرة (شهقة الفرس) ( إنه الظمأ الأبدي يا عزيزتي، الجنس بالنسبة لك هو الطريق الوحيد للخلود، في كل مرة تمارسين فيها هذه الأشياء يخيل إليك أنك ابتلعت كمية إضافية من رحيق الحياة تعتقدين أن كل رجل يأخذك بين ذراعيه سوف يمنعك من الموت)[9] لذلك يكون الحرمان سببا في اشتعال شهوة البطلة أكثر خاصة و كان زوجها غائبا أو نائما، وعندما تركبها الرغبة الجامحة تتحلل (جميع الشرائع لتحل مكانها ديانة الشهوة ملكة متربعة على الأجساد) وتحول تلك الشهوة بينها وبين أن تفكر في العواقب إذا ما افتضح أمرها وهي تتسلل لغرفة أخ زوجها تقول (فتحت الباب أخيرا حين صار جسدي كله متفتحا لاستقبال أمطار اللذة المحرمة، لكن إدوار كان نائما).... هذه مجرد نماذج مقتضبة من تصور الرواية الجزائرية النسائية لتيمة الجنس وهي نماذج تبين بالملموس مدى جرأة المرأة العربية على ملامس المسكوت عنه ، والبوح بالرغبة في إشباع غرائزها وإعلان تذمرها من سلطة الرجل وعدوانيته على أن فضيلة الفاروق يبقى صاحبة الاختصاص بدون منازع خاصة في روايتها (اكتشاف الشهوة ) الصادرة سنة 2006 لعل أهم ما غدا يميز الرواية العربية المعاصرة بنون النسوة ، تركيزها على أزمة الجنس، وتصوير أزمة العلاقة بين المرأة والرجل، فوجدنا الكثير من الروايات تهاجم الرجال؛ فيقدمه بعضهن فاشلا جنسيا، وعاجزا عن إشباع غرائز النساء، وتصوره أخريات أنانيا كل ما يهمه إطفاء ناره دون أدنى تفكير في شريكته، وتصوره أخريات ساعيا نحو الشذوذ وحكم أغلبهن على علاقة معظم الأزواج في الرواية النسائية بالفشل أو الانفصال، مما دفع الزوجات للبحث عن حل آخر بعيدا عن الزوج المتسلط.... انتظرونا في سلسة حلقات .....