رغم المحاولات التبريرية والتوضيحية التي قامت بها مندوبية الصحة بميدلت، نظم النسيج الجمعوي ببومية، إقليم ميدلت، وقفته الاحتجاجية، صباح يوم الاثنين 22 فبراير 2016، أمام المستوصف المحلي، على إثر وفاة رضيع لا يتجاوز أربعة أشهر من عمره، جراء ما تم اعتباره تقصيرا وإهمالا طبيا، وهي الوقفة التي عرفت مشاركة متميزة للمواطنات والمواطنين، والفعاليات الجمعوية والسياسية والنقابية والحقوقية، وصدحت فيها حناجر المشاركين بمجموعة من الشعارات والهتافات والكلمات القوية التي أجمعت في مجملها على إدانة التهاون الذي أودى بحياة الرضيع، واستنكار تخلف الخدمات الصحية بالمنطقة. وفات للعديد من جمعيات المجتمع المدني ببومية (الشبكة الأولى والفيدرالية) أن التأمت في اجتماع موسع، يوم 18 فبراير 2016، تدارس خلاله الحاضرون عدة نقاط مؤرقة للساكنة، منها أساسا الوضع الصحي الذي هيمنت قضيته على أغلب كلمات وتدخلات اللقاء، سيما أمام وفاة الرضيع بسبب غياب الأطر الطبية والمداومة الليلية بالمستوصف، فضلا عن غياب الطبيبة الوحيدة لمدة تجاوزت الأسبوعين دون تعيين من يقوم بالعمل مكانها، إلى جانب عدم تعيين طبيب مختص بكل من وحدتي الولادة وتصفية الدم، قبل أن تأتي وفاة الرضيع لتجمع مختلف الجمعيات على الخروج ب «نداء الوقفة الاحتجاجية»، وهو مذيل بتوقيعات 30 جمعية. وتعود فاجعة الرضيع، حسب مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، إلى يوم الثلاثاء 16 فبراير 2016 الذي تم فيه نقله ليلا صوب المستوصف المحلي لبومية، الذي كان مغلقا وقتها دونما أي مداومة، ورغم كل المحاولات والاتصالات ظل الرضيع يعاني من ارتفاع حرارة جسمه الفتي، ما جعل أسرته تهرع به نحو مركز الوقاية المدنية الذي لم يستطع نقله إلى المستشفى الإقليمي بميدلت بسبب الطريق المقطوعة بالثلوج، لتضيع صيحات الأسرة بين ظروف الليل وقساوة البرد المثلج، قبل أن يلفظ الرضيع أنفاسه الأخيرة أمام مرأى من والديه في مشهد مأساوي يصعب تصوره. ولم تمر فاجعة وفاة الرضيع دون أن تخلف استياء واسعا لدى عموم الأوساط السكانية، وبينما تم تحميل المسؤولية الكاملة للمصالح الصحية ولمندوبية وزارة الحسين الوردي، توجهت أصابع اللوم الشديد كذلك للسلطات المحلية والإقليمية لعدم التزامها بالتعليمات الملكية للتحرك الفوري، واستعمال كل الإمكانيات البشرية واللوجيستيكية لإسعاف وإنقاذ المرضى والحالات المستعجلة بالمناطق القروية والنائية. وصلة بالموضوع، خرجت مندوبية الصحة بميدلت، ببلاغ تصف فيه مضمون بلاغ الجمعيات ب»المغالطات»، وتدافع فيه عن مصالحها وقوانينها الممنهجة، وعما يتعلق بمصلحة المداومة والخدمة بالإلزامية، أما بخصوص حالة الرضيع فقال بلاغ المندوبية أن «المركز الصحي لبومية يعمل بنظام الإلزامية، والممرض صاحب الإلزامية كان قد تلقى، في الساعة الواحدة ليلا، مكالمة هاتفية من الوقاية المدنية تخبره بأنها على وشك نقل رضيع فاقد الوعي، نحو المستشفى الإقليمي بميدلت، إلا أن الطريق مقطوعة بسبب تساقط الثلوج»، على حد البلاغ ذاته. ولربح الوقت، حسب البلاغ دائما، «قام ثلاثة عناصر من الوقاية المدنية بنقل الممرض من منزله، بمعية الرضيع وعائلته، صوب المركز الصحي، حيث وجدوا حشدا كبيرا من الناس، في انتظارهم (هكذا)»، وبقاعة الفحص «تبين للممرض أن الرضيع لا يتنفس، قلبه لا ينبض، كما لاحظ توسع حدقة العين ((Mydriase التي تدل على أن الشخص متوفى، وقد أكد عناصر الوقاية المدنية، للممرض، أنهم حاولوا إعطاء الأكسجين للرضيع داخل سيارة الإسعاف إلا أنهم لاحظوا أنه لا يتنفس، وبعد إخراج عموم الناس من القاعة، باستثناء عناصر الوقاية المدنية وعائلة الرضيع، أخبرهم الممرض أن الرضيع عند استقدامه إلى المركز الصحي كان ميتا، وقدم لهم العزاء»، على حد البلاغ. وبخصوص غياب الطبيبة السابقة للمركز الصحي لبومية، اكتفت مندوبية الصحة في بلاغها بما يفيد أن هذه الطبيبة «نجحت في امتحان التخصص، ونظرا لكون الطبيبة التي عينتها الوزارة لتعوضها لم تلتحق بعد، قامت المندوبية مؤقتا بتعيين طبيبة أخرى في انتظار قدوم الطبيبة القارة المعينة رسميا»، هكذا قالت المندوبية التي زادت فبررت غياب طبيب مختص في أمراض النساء والتوليد بكون «التعيينات التي تقوم بها الوزارة تعطى فيها الأولوية للمستشفيات التي تتوفر على تجهيزات طبية متطورة، قاعات للجراحة»، مؤكدة أنه لا يعقل، في الوقت الذي يعرف فيه المغرب خصاصا في الأطر الطبية العامة والمتخصصة، حسب قولها، أن يعين طبيب مختص بمركز صحي معمول قانونا لتقديم فحوصات طبية عامة»، وفق رأي المندوبية ضمن بلاغها الذي تتوفر «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة منه.