8 مارس، وعلى البال قصيدة "الجميلات هن الجميلات"، أعرف أنها من الماضي ولو عاد الشاعر للحياة لرأى أخريات مكلفات وإيقاعا مرتفعا. الجميلات هن الجميلات، أنوثة مزورة جميلات صالونات، وكريمات ومراهم، باروكات وكعوب امتطاء العالية. الجميلات هن الجميلات لوك فاخر، لباس وسيارات و ولائم وشقق مفروشة. على اللوحات على الرصيف، محور تماثل وأنثى واحدة، صبى وهاج ونجم يأفل حد الظلام. الجميلات هن المتحررات من مجتمع يستعبد التخلف، صاحبات الخلاص الفردي من أجل الحياة، شموس ساطعة بالنهار، ومصابيح حمراء تضيء صالات الطموح والسفوح... الجميلات هن الفقيرات المشمرات منذ الفجر، ظهور قوسها قوس السنابل والحطب، أيادي خشنة ولباس للصيف والشتاء ونضال طول العمر، أنف يسيل وخدود حمراء من شدة البرد. الجميلات هن العاليات بلا كعب، جارات القمم العالية حيث الفقر والأمية، الزواج المبكر والولادة الشبيهة بالانتحار في القفار، مخاض في الضيعة أو قرب القطيع، فولادة في الهواء الطلق أو وفاة على نعش سرير الطريق للمستشفى. جميلات " درويش" قويات، يأس يضيء ولا يحترق، شبيهات بنساء وهبن أرواحهن فداء لفلذات أكبادهن يحترقن حد الإمساك بالجمر من أجل أبنائهن، فنساء مهاجرات ومهجرات ونساء متاجر فيهن ونساء خادمات ونساء معطلات ونساء...ورود في ساحة المعركة من أجل البقاء. الجميلات هن المنسيات، لوحات بؤس بشري وعذاب من أجل اللقمة، الجميلات هن البسيطات كحل وحناء في عيد الفطر والأضحى حيث لا عيد بعدهما، الجميلات هن رفيقات درب الألم والأسى والمرارة في عالم بسمات سياسية وحداثية بارزة، فالاستعباد والإدلال والإهانة والتهميش والبطالة والتفقير والاستغلال وهلم بشاعة. الجميلات هن الصغيرات وعد غد وبراعم زنبق في قصيدة المقاوم "محمود درويش"، وصغيرات مقاومتنا خادمات طفولة مغتصبة، مهجرة، صبيات السياحة الخاصة، وصغيرات مكانهن في أي مكان إلا حجرات التعلم وصغيرات...الجميلات هن المحرومات من الحياة، صغيرات يجنين تبعات تهور مجتمع واختيارات. الجميلات هن المحظوظات، عيد للحب و عيد المرأة و عيد الأم سيدات المجتمع المخملي، والمهانات مهانات في الحضيض خلف نون النسوة محميات بالاتفاقيات الدولية الكاذبة والشعارات الزائفة لا إنصاف و لا مصالحة، و نساء يغزلن اليأس في ساحات الاحتجاج يشهدن بالملموس تراجع مكتسبات الحراك النسوي. الجميلات هن الجميلات، صبر على المصاب والإهانة والرفس والاحتقار والتحرش والعنف. الجميلات هن الجميلات في كل الصفات بنت أخت قريبة بعيدة نعت متبوع بمنعوت، طلاق و عنوسة، عهر و شرف، عفة و عار و عيب و حجاب و وقار إلى زوجة ولود و أم حنون... الجميلات، كلّْ الجميلات، إذا ما اجتمعن ليخترن للزمان أنبلَ القاتلات، هي قراءة خاصة في مدرسة محمود درويش وقصيدته "الجميلات هن الجميلات" ويختمها بالجميلات، كلّْ الجميلات، أنت إذا ما اجتمعن ليخترن لي أنبلَ القاتلات.