لا شك أن الكثير من أهل المنطقة لا يعرفون ما يشاهدونه يوميا عن بقايا أسوار ممتدة على طول 2200 متر وكذا بقايا من لقى أثرية منتشرة ساهمت عوامل بشرية في تخريب ما فوق الأرض ولكن الباحث في هذا المجال يجد نفسه أمام معثورات قديمة توحي بمرور حضارة عريقة بهذا المكان. فالموروث الشفوي يرجع تلك الأسوار إلى اليرطقيس أو السلطان الأكحل نفس الروايات تطلق على عدة مواقع أثرية أخرى، ولكن الدراس لتاريخ لا يأخذ بها إلا في حالات نادرة وضمن دراستي لتاريخ منطقة فازاز خلال العصر الوسيط الذي يعتبره المؤرخون موشوما بشح المادة المصدرية حيث وقفت على عدة نصوص تاريخية وجغرافية وأدبية عن بقايا تلك الأسوار التي تدعى حاليا إغرم أوسار، هي مدينة معدن عوام التي ارتبط وجودها بالاستغلال المنجمي منذ حقب تاريخية ربما تعود بنا إلى ما قبل التاريخ ولكن هذه المصادر تجزم بأن المرابطين أقاموا حصنا أثناء استغلالهم لهذا المنجم وهذا ما يتطابق مع المعثورات التي وجدتها هنا وهي عبارة عن قناديل طينية وتحف أثرية شبيهة بتلك التي تم العثور عليها بمراكش، وتعود بنا إلى الحقبة المرابطية وكذا إلى مسكوكات موحدية وخاصة منها التي كتب على أحد أوجهها "ابن محمد ابن عبد المومن " وهذا يزكي ما أورده المؤرخ محمد الحسن الوزاني الذي تحدث عن مدينة معدن عوام التي أسسها أحد أمناء الدولة الموحدية. نفس الاتجاه ذهبت إليه بعض المصادر الإسبانية، وبالتالي فالمظان التاريخية والجغرافية اعتبرت عوام مدينة وسطية عرفت العمران والحضارة لمدة خمسة قرون بدأت في حقبة وانتهت بمرحلة المرينيين الذين خربوها وأعادوا بناءها وأقاموا بها دار السكة. وحسب دراسة تاريخية أثرية أنجزها الأستاذ روزونبرجي وهي فريدة من نوعها فقد وقف على أنه ورغم الهجرة التي عرفتها المدينة بعد المرينيين إلا أن الاستغلال المنجمي بها كان قائما إلى العصر الحديث . وما يثير الانتباه كذلك أن الاستغلال المنجمي القديم أبهر المهندسين من خلال التقنيات والوسائل المستعملة آنذاك بالإضافة إلى طرق معالجة المعدن المستخرج كتصنيفه حسب نوعه فضة، زنك، رصاص ، وهذا ما ستكشفه التقنيات الأثرية التي سوف ستجرى ومجمل القول أن إغرم أوسار هي مدينة المعدن العريقة التي لها ارتباط وثيق بمدينة فازاز الأثرية، وقد اعتبر أحد الدراسين للتاريخ مدينة فازاز عاصمة سياسية، ومدينة معدن عوام مركزا اقتصاديا أثناء العصر الوسيط ( ولرفع الستار عن جوانب حضارية وعمرانية ) ، لكن التنقيبات الأثرية هي التي سترفع الستار عن جوانب حقيقية لحضارة خلفها الانسان الفازازي .