ملخص: من الصعب جد علي الغربيين فهم حقيقة القبائل الموريتانية. ويبدو الموريتانيون أكثر حذرا تجاه الحديث عن التفاصيل القبلية أو ديناميكية السياسة القبلية. وهيمنة قبيلة أولاد بالسباع التقليدية ذات الطبيعة الأقلية تزايدت في السنوات الأخيرة. فالجنرال ولد عبد العزيز وأعلي ولد محمد فال هما أبناء عمومة يلعبان دورا فعالا في المشهد الموريتاني سواء تعلق الأمر بالمشهد العسكري أو المشهد السياسي أو المشهد الاقتصادي منذ عام 2005 وهما في قلب السلطة والأعمال ويعلبان دورا سريا في إدارة جميع المجالات. وتساهم هذه البرقية في إعطاء معلومات عن القبيلة التي تسعي إلي تكريس نفوذها في السلطة بشكل قبلي أكبر من خلال انتخابات 18 يوليو. نهاية الملخص. من هم أولاد بسباع؟ تنحدر قبيلة أبناء السباع من العرب المحاربين ًالمتبربرين ًفي جنوب المغرب، فأصول القبيلة هي في المغرب وتنتشر في موريتانيا وأسفل وادي النهر السنغالي، وقد حصل أبناء السباع قبل مجيء الاستعمار علي هيبة بين البيظان بوصفهم محاربين أشداء، وتقول المعارف التقليدية إن قبائل البيضان تكرههم وتخافهم. وفي القرن التاسع عشر تحالف أبناء أبي السباع مع الاستعمار الفرنسي ولعبوا دورا فعالا في تهدئة الوضع في موريتانيا. وطيلة الاستعمار توطن الكثير منهم في منطقة النهر السنغالي مسيطرين علي التجارة في ساحل إفريقيا الغربية ويتمتع أولاد بالسباع بشهرة قوية في مجال الأعمال الاقتصادية. ورغم ذلك فطبقا لما يري كبراء القبائل الموريتانية فلم يكن لهم أي تأثير يذكر؛ لأن الهيبة في موريتانيا تنبي على البعد الديني والحكمة، وهو ما لم يكن لدي رجالات أبناء أبي السباع، مع أن لدى بعضهم هيبة في المجال الثقافي كوزير الخارجية الأسبق عبد الله ولد بنحميده وشعراء وقضاة مثل غدوري ومختار الحسن ولكنهم أقلية. وبحسب رؤية منتشرة بين الكثير من البيضان فإن قبيلة أبناء أبي السباع ليست قبيلة لكنها مجموعة مهمة فجذورها هي أقرب إلي المغرب والسنغال، ورغم ذلك ينتشر أبناء أبي السباع في كل أنحاء موريتانيا مع أن غالبيتهم تقيم في مدينة أكجوجت وبالنسبة للشمال فإن هذه القبيلة توجد في مدينة مراكش المغربية كما أنها توجد في مدينة اسماره في الصحراء الغربية، أما في الجنوب فيتركز وجود القبيلة في روصو مسقط رأس السيناتور البرلماني محسن ولد الحاج، وقد تربي كل من ولد عبد العزيز وأعلي ولد محمد فال في مدينة اللوغا السنغالية، كما هو شأن ابن عمهم ماء العينين ولد التومي الذي كانت لدى عائلته مصالح اقتصادية في مدينة سينلوي والكثير من أبناء قبيلة أبي السباع يتكلمون "وولوف" ويتحدث ولد عبد العزيز لهجة حسانية غير نقية، ومن الشائع القول إن عزيزا ليس موريتانيا قحا بل هو مغربي أو سنغالي، وفي كثير من الدورات السياسية يتهم عزيز بأنه يحيط نفسه بأشخاص مقربين من المغرب، ويثبت مجموعة صغيرة مقربة من الرباط. ولعدة عوامل مختلفة وعلي عكس أغلبية قبائل البيظان فإن رجال الأعمال في قبيلة أبناء السباع أصبحوا زعماء قبليين ومن بين هؤلاء الأشخاص نذكر ولد بوعماتو وأبناء غدة ومحمد باب ولد أعزيزي ولد المامي وهو شاب مقاول وممثل محلي لكثير من الاقتصاديين الفرنسيين. هناك شائعات تقول إن أبناء أبي السباع فشلوا في التوفيق بين عزيز واعلي ولد محمد فال وهذا نقص في الحكمة التقليدية وهذا التفرق قد يضعف نفوذ القبيلة الذي لا يتلاءم مع حجمها الديمغرافي، وهو ما يمكن أن يضعف من حظوظ ولد عبد العزيز في الفوز بالانتخابات، وهناك شائعات تقول إن الكثير من أبناء أبي السباع يفضلون اعلي ولد محمد فال على عزيز. فهم القبائل الأخرى القبائل الأخرى منزعجة من سيادة أبناء أبي السباع فذكريات سيادة قبيلة السماسيد أيام ولد الطائع ما زالت حية، وهي قبيلة تقيم في إقليم أطار وقد كانت تسيطر علي التجارة والسياسة أيام ولد الطائع، بالإضافة إلي أن سيطرة السماسيد كانت عملية مؤذية فكذلك الحال بالنسبة لقبيلة صغيرة مثل أولاد بالسباع التي تكدس الكثير من المال وينظر إليهم على أنهم أناس يتسمون بالفظاظة وحداثة العهد بالنعمة. فخطاب عزيز ضد الفساد جعل بعض القبائل غير مطئنة، لأن عزيز يمكن أن يضطهدها في حال فوزه، وينظر إلي عزيز أنه شخص جاهل ليس جديرا بتمثيل موريتانيا. ويزعم الكثيرون أن أبناء أبي السباع هم مجموعة متغطرسة ومتشردة وليست لديهم جذور في موريتانيا. ويؤكد بعض البيضان أن طريقة إدارة عزيز تقود إلي استفادة أبناء قبيلته وهو ما يقود إلي تصاعد الاتجاهات القبلية التي قد تعيد البلاد إلي مرحلة الإقطاع وعهود النفوذ القبلي. وأحلام عزيز السياسية دفعت عناصر قبلية أخري إلي التحالف كيلا يفوز عزيز أو اعلي. تعليق: في زيارة قام بها لمرابط للسفير الأمريكي وهو رجل أعمال من أنصار ولد الطائع أكد أن هناك مجموعات تعطي تمويلا لضمان عدم نجاح ولد عبد العزيز أو أعلي ولد محمد فال. وفي هذه الانتخابات ظهر حلف أطلق الموريتانيون تحالفا ضد الطبيعة فعلى سبيل المثال الاتفاق السريع بين أحمد ولد داداه مع أعدائه القديمين السماسيد ضد تهديد أولاد بالسباع. أبناء أبي السباع في السنوات الأخيرة يعتقد الكثير من الموريتانيين أن انقلاب السادس من أغسطس عام 2008 كان محاولة من أبناء أبي السباع ليس للسيطرة على المؤسسة العسكرية فحسب بل لتقوية قوتهم الاقتصادية والسياسية. ويربط البعض بين هذه الأمنية وكون الموريتانين يتطلعون إلي اكتشاف النفط مما يعني أن هذه القبيلة يمكن أن تلعب دورا يشبه دور أبناء آل سعود قبل أن يتدفق عليهم المال. أبناء أبي السباع قبيلة ممزقة من جذورها في المغرب لديها صيت كبير بسبب بروز مواهبها الاقتصادية إضافة إلي نفوذها في المؤسسة العسكرية الناجم عن دور ولد عبد العزيز واعلي ولد محمد فال اللذان كانت لديهما علاقات متميزة مع ولد الطائع وقبيلته السماسيد، فقاد العقيدان كل من كتيبة الحرس الرئاسي والأمن والاستخبارات الوطنية وهو ما سمح لولد محمد فال وبعض رجالات القبيلة أن يكونوا أغنياء ونافذين. تعليق: ولد محمد فال جاء إلي العسكر بسبب علاقات اجتماعية مع ولد الطائع إذ أن أخته لمليحة بنت اعلي كانت متزوجة من سيد أحمد ولد الطائع، وقد ساعد اعلي ولد محمد فال محمد ولد عبد العزيز على الدخول إلي الجيش وقد تزوج الأخير بنت أحد النافذين من قبيلة السماسيد الذي كان مقربا من ولد الطائع. نهاية الملاحظة. وضع أبناء العمومة على خريطة المشهد الموريتاني من خلال انقلاب 2005 ضد ولد الطائع. ويري الموريتانيون أن ولد عبد العزيز كان العقل المدبر للانقلاب بينما كان ولد محمد فال مجرد واجهة، وقد تأكدت تلك المزاعم على لسان ولد عبد العزيز خلال اجتماعات سياسية عندما مجد ولد عبد العزيز نفسه باعتباره مبدع انقلاب 2005 حيث أكد أن ولد محمد فال كان نائما لحظة الانقلاب. ويضيف الموريتانيون إلى تلك القصة طرفة أخرى هي أن ولد محمد فال غادر سرير نومه ليصبح قائد للمجلس العسكري الحاكم حينها. ملاحظة: عزيز مشتهر بالجهل والغطرسة بينما ولد محمد فال شخصية كاريزمية ولديه سمعة حسنة. نهاية الملاحظة. اعلي ولد محمد فال أصبح من أغني رجالات موريتانيا من خلال نشاطات اقتصادية غير شفافة ترأس البلاد بشكل ناجح خلال الفترة الانتقالية التي انتهت بانتخابات 2007 ويحظي بدعم من القوى الغربية لعدم ترشحه خلال فترة الانتخابات التي أدت إلي انتخاب ولد الشيخ عبد الله رئيسا للبلاد. بينما استقال اعلي ولد محمد فال من الجيش بعد انتخابات 2007 بقي عزيز الذي هو ابن عم لزوجة الرئيس الموريتاني ختو بنت البخاري قائدا لكتيبة الحرس الرئاسي وتمت ترقيته إلي رتبة جنرال علي يد ولد الشيخ عبد الله. وهناك شائعات تقول إن ولد عبد العزيز لديه تأثير على ولد الشيخ عبد الله سواء كان الأمر غامضا أو ظاهرا. كان الجنرال ولد عبد العزيز في قلب الأزمة البرلمانية التي عرقلت عمل حكومة ولد الشيخ عبد الله وقد عطلت الدستور الموريتاني في عام 2007. وقد اختلف ولد الشيخ عبد الله مع جنرالاته وخصوصا ولد عبد العزيز مما عجل بانقلاب اغشت 2008 . أبناء أبي السباع الذين استثمروا كل الموارد في انقلاب 2008 واستفادوا من خلال الوعود والامتيازات أمسكوا السلطة خلال عشرة أشهر بكل ما تحمل الكلمة من معني. المصرفي ورجل الأعمال من قبيلة أبناء السباع، محمد حمين بوعماتو دعم الانقلاب بقوة وهناك شائعات تقول إنه كان الممول الرئيسي لحملة ولد عبد العزيز. وربما يكون ولد بوعماتو أغني رجل في موريتانيا فهو يمتلك شركة موريتانيا للطيران ومصرفا ومعملا للإسمنت وتوريد السجائر ومصالح أخري. وبداية حياته تشبه قصة هوراشو الجزائري فقد بدأ حياته بالبيع في كانتينة صغيرة لكي يحصل علي تكاليف دراسته في مرحلة الثانوية وقد تدرج في النفوذ والغنى، وقد ظهر بشكل قوي بعد عام 2000 إثر حصول ابني عمومته: عزيز واعلي علي النفوذ. ويعتبر ولد بوعماتو ممن لديه علاقات خاصة مع ما يعرف بمجموعة "افرانس-آفريك" في باريس والتي غيرت سياسة ساركوزي الخارجية تجاه المقاربة الأمنية. ويتردد اتهام ولد بوعماتو بالمشاركة في تجارة المخدرات رغم أننا لم نر أي دليل صلب يدعم هذا الاتهام. الآخرين من أبناء أبي السباع الذين دعموا الانقلاب استفادوا منه ومن بينهم وزير الخارجية محمد ولد محمدو، ورئيس غرفة التجارة محمدو ولد محمد محمود والد وزير الخارجية، وماء العينين ولد التومي المكلف بمهمة لدى رئيس المجلس الأعلى للدولة، ومحسن ولد الحاج شيخ مقاطعة روصو وولد بنحميده محافظ البنك المركزي الموريتاني ورجال الأعمال محمد الأمين ولد المامي وأحمد ولد غده وعزيز ولد المامي. ورغم ذلك فالقبيلة منقسمة بشكل عميق نتيجة للعداوة بين ولد عبد العزيز واعلي ولد محمد فال، وفي هذه النقطة بالذات فإن ولد عبد العزيز وولد محمد فال اختلفا عام 2007 ولم يصطلحا مطلقا وهناك شائعة تقول إن ولد محمد فال أراد أن يترشح للرئاسة لكن عزيز عارض هذا الترشح مفضلا ترشيح ولد الشيخ عبد الله. وقيام ولد عبد العزيز بانقلاب 2008 أبعد ولد محمد فال عن الأحداث. والحقيقة أن رجلي أبناء أبي السباع عارضا بعضهما بعضا في سباق الحملة الرئاسية وهو أمر غير معهود في موريتانيا حيث أن الناس تفعل كل ما في وسعها وذلك لحفظ ماء وجه القبيلة. الانتشار القبلي الكثير من المزاعم القبلية في موريتانيا ما زالت عميقة. ففي المنافسات مع العناصر الخارجية أو الطموحات القبلية الأخرى تقترب القبائل من تشكيل أحلاف تشبه فكرة العصابات. الجديد على المجتمع الموريتاني هو أن مكانة هيبة كبراء القبائل فقدوها لصالح رجال الأعمال والسياسيين والإداريين المدنيين الذين لديهم المحسوبية ويفتقرون إلي المبادئ الاجتماعية، كما قد استحوذ هؤلاء النافذون على القبيلة وفقدت القبيلة قدرتها على حشد كامل أصوات أفرادها كما كان الحال من قبل. والمفاجئ أن هذه الدينماكيات الجديدة أضعفت الهوية القبلية وأفسحت الطريق أمام النظام السياسي العصري. تعليق: نفوذ أبناء أبي السباع عبر أوجه كولد عبد العزيز واعلي ولد محمد فال وولد بوعماتو أمر لا يمكن تكذيبه، وهو انحراف من جهة التوازن القبلي والسياسة القبلية التقليدية، والحقيقة أن تكديس قبيلة صغيرة للمال والقوة يشكل خطرا علي القبائل الأخرى التي بدأت تشكيل تحالف جديد ضد ولد عبد العزيز يحاول تقريب مجموعات كبيرة من الناس لتتوحد ضد عزيز فإذا نجحوا ولم يكن هناك تزوير في الانتخابات فإن ولد عبد العزيز قد يخسر الانتخابات، والمؤكد من وجهة النظر القبلية أن أولاد أبي السباع مندفعين بعيدا إلي السلطة وذلك عبر محمد ولد عبد العزيز، وحتى اعلي ولد محمد فال تاركين قبائل البيضان الأخرى متفقة علي إعطاء فرصة جيدة للفوز بالانتخابات لأحمد ولد دداه. السفير الأمريكي بلوار.