"الملهمات" هو العنوان الذي وسمت به الأديبة فاتحة مرشيد عملها الروائي الثالث، الصادر في 205 صفحة من القطع المتوسط ضمن منشورات المركز الثقافي العربي بيروت/الدارالبيضاء في طبعته الأولى(2011). فبعد "لحظات لا غير" و"مخالب المتعة" تواصل صاحبة "ما لم يقل بيننا" لعبة الحكي عبر حكايتين متضافرتين ومتقاطعتي المصائر. مدار الأولى: شخصية نسائية تنتقم لسنوات صمتها بالحديث إلى زوجها الواقع تحت وطأة غيبوبة كلينيكية، وهي تروي له أحداث قصة كانا في أحد الأزمان بطلين لها، دون أن تعلم إن كان باستطاعته أن يسمع أم لا. ومدار الثانية: كاتب يكشف أسرار منابع الإلهام لديه، وعلاقة الحب بالإبداع، عبر بورتريهات لنساء أوقدن جمر الكتابة بدواخله. بجرأتها المعتادة وأسلوبها الشاعري السلس، تقدم فاتحة مرشيد للمتلقي رواية محكمة الحبكة وبالغة التشويق، متوغلة ببراعة فائقة في المناطق المعتمة من نفسية شخوصها. تبرهن فاتحة مرشيد في روايتها الجديدة، مرة أخرى، على امتلاكها للمعرفة والجسارة والأدوات الفنية اللازمة لسبر أغوارالذات الإنسانية ومعالجة مواضيع شائكة ومعقدة تكون فيها مقنعة وممتعة. كما أن ما يلفت الانتباه في متن هذه الرواية، كذلك، هو انفتاحها المثمر على مرجعيات علمية، فلسفية وأدبية كونية أثرت عوالمها. "الملهمات" رواية تأسر قارئها منذ الصفحة الأولى، تستفز ذكاءه وتلهمه الشيء الكثير. نقرأ على ظهر الغلاف: "أنا صنيع كل النساء اللواتي عبرن حياتي.. بدأ من التي منحتني الحياة.. إلى التي أيقظت الرجل بداخلي.. والتي فتحت لي باب الإبداع على مصراعيه.. والتي جعلت قلمي يتألق.. والتي كانت ورقة مبسوطة تحت يدي.. فكل كتاب عندي مقرون بامرأة.. كل فرحة عندي مقرونة بامرأة.. وكل انكسار كذلك. كثيرا ما كتب النقاد عن مساري الأدبي، كمن يكتب عن مسرحية معروضة على الخشبة، جاهلين ما يجري في الكواليس. قررت الآن، بعد المشهد الأخير، أن أرفع الستارة الخلفية وأهديكم العرض الحقيقي.. عرض الكواليس المفعم بقلق الممثلين وتقلباتهم المزاجية.. بعلاقاتهم السرية وانفعالاتهم الحقيقية التي يوارونها خلف الماكياج والأقنعة قبل أن يرسموا ابتسامة تستحق منكم التصفيق..." صدرت للشاعرة والروائية فاتحة مرشيد ستة دواوين شعرية ترجمت إلى عدة لغات، فاز آخرها "ما لم يقل بيننا" بجائزة المغرب للشعر 2010. وروايتين: "لحظات لا غير" و"مخالب المتعة".