قبل أكثر من قرن .. خرجت آلاف النساء إلى شوارع نيويورك للاحتجاج على الظروف اللاإنسانية التي كن تعملن فيها .. حملت هؤلاء النسوة قطعا من الخبز اليابس وباقات من الورود و طالبن بتحسين ظروف العمل و منحهن حق الاقتراع .. و قد سميت تلك المسيرات بمظاهرات الخبز والورود و هي الحركة الاحتجاجية التي شكلت لاحقا بداية تكون نواة الحركة الحقوقية النسوية .. اليوم و بعد كل هذا التاريخ الحافل من النضال المستميت مازالت النساء عبر العالم تدرن في نفس الفلك و تتقاسمن نفس الهم و ترفعن نفس المطالب .. شيء واحد تغير فقط هو أننا نحن نساء اليوم لم نحمل لا خبزا و لا ورودا أثناء حركاتنا و مسيراتنا الاحتجاجية .. كثيرون سيقفون موقف دفاع عن الثامن من مارس.. سيقولون انه رمز لنضال المرأة .. للمطالبة بحقوقها وتذكير العالم بالظلم الذي ما زالت تعاني منه ملايين النساء عبر العالم.. لكن لماذا الثامن مارس ؟ لم ليست كل الايام ؟ هل يكفي يوم واحد للاحتفال بالمرأة و استعراض انجازات النساء و تقييم مسارهن و الاهتمام بمطالبهن ؟؟ .. يوم واحد يعني إنقاصا من قيمة المرأة و تقليصا لحجمها و أهميتها و مكانتها التي جعلها الله قبل أي بشر في درجات السمو العليا .. تكريس يوم للمرأة يساهم في تشييء عنصر هام في الحياة و في الكون أنيطت به أنبل الرسالات و أكثر إجلالا .. إنها المرأة نصف المجتمع و شقيقة الرجل و مربية الأجيال . نحن لسنا بحاجة للثامن من مارس .. لسنا بحاجة ليوم عالمي .. لأننا ببساطة كل الأيام و كل الشهور و كل السنة بدقائقها و ساعاتها و تفاصيل أيامها لا أدري ما الذي أقحم المرأة ضمن تسميات الأممالمتحدة للأيام .. اليوم العالمي للبيض و اليوم العالمي لغسل الأيدي و اليوم العالمي للجبال و يوم عالمي لكل نوع من أنواع الأمراض و غيرها من الأيام التي تستوفي ثلاث مائة و خمسة و ستين يوما من السنة .. ربما منكم من يقول و لو مزحا أن المرأة هي فعلا مرض .. صحيح إنها مرض جميل مرض اسمه الحياة و الحب و كل العطاءات المتجددة و الغير مشروطة .. هي أم تهب حياتها على مر الأيام و السنوات لأسرتها و لأطفالها بدون كلل أو ملل .. هي زوجة تسهر على تأمين كل أنواع الراحة لزوجها و بكل وفاء على مدار الدقائق .. هي عاملة تعمل بمبدأ رحم الله عبدا عمل عملا فأتقنه طوال الوقت .. في كل دور تقوم به المرأة قدر كبير من القدسية و النبل و هو ما يحتاج الى كل الأيام لتقديرها و للاحتفال بها و تكريمها و شكر عطائاتها و تفانيها . سألت خالتي الخمسينية .. ماذا تعرفين عن اليوم العالمي للمرأة .. فأجابت : انه اليوم الذي تدخل فيه النساء الى السينما مجانا .. انها محقة فهذا هو اكبر مكسب يتحقق للمرأة بحلول الثامن من مارس من كل عام ..على الأقل مئات من اللواتي لم تدخلن السينما في حياتهن .. تتشجعن على خوض التجربة عندما تعرفن أنها مجانية . أظن أن الحاجة إلى إلغاء تذكرة دخول القاعات السينمائية و لو ليوم واحد في العام .. هي ملحة أكثر من الحاجة إلى تخصيص يوم عالمي للمرأة .