بعد فوز حزب العدالة والتنمية الإسلامي في المغرب، تتباين آراء الفنانين المغاربة حول مقدار الحرية الذي سيتمتعون به في ظل حكم الإسلاميين. فبينما أعرب بعضهم عن تفاؤله، عبر آخرون عن مخاوفهم بسبب "سوابق الحزب" في هذا الشأن. رغم التطمينات التي ما فتئ عبد الإله بنكيران، الأمين لحزب العدالة والتنمية، يبعثها بين الفينة و الأخرى، من خلال تصريحاته حول الحريات الفردية وحرية الإبداع الفني، إلا أن هذه الرسائل لم تنجح تماماً في طرد مخاوف البعض من أن يؤثر فوز الحزب ذي المرجعية الإسلامية على حرية الإبداع الفني في المغرب، خصوصاً السينما المغربية، التي بدأت في الآونة الأخيرة تتناول موضوعات ما زالت تعتبر من المحرمات في المجتمع. لكن عدداً من الفنانين والنقاد يعتقدون أن هذا الفوز لن يكون له أدنى تأثير على مستوى حرية الإبداع في المغرب، أولاً لأن الحزب لن يكون صاحب القرار النهائي في هذا الشأن، وسيكون عليه احترام توجهات الأحزاب الأخرى المشاركة في الائتلاف الحكومي، وثانياً لأن الدستور المغربي "يضمن للفنانين حرية الإبداع و التعبير". "إن منعونا سنقف لهم بالمرصاد" تعتقد الفنانة لطيفة أحرار، خلال لقاء لها مع دويتشه فيله، أن "المخاوف على حرية الإبداع بعد فوز الإسلاميين تم تضخيمها كثيراً". وتشير الممثلة، التي كانت قد أدت مشهداً مسرحياً أثار جدلاً ساخناً في المغرب، ودفع ببنكيران آنذاك إلى أن يدعو الله أن "يهديها"، بعدما ظهرت على خشبة المسرح بلباس البحر، إلى أن "المغاربة مسلمون على اختلاف مهنهم، بمن فيهم الفنانون، والاختلافات مع العدالة والتنمية تندرج ضمن الاختلافات مع الأحزاب المغربية الأخرى". لذا فالحل، بحسب أحرار، هو أن يحترم كل طرف قناعات وحساسيات الطرف الآخر. وفي معرض تعليقها على مواقف الحزب من بعض المهرجانات والأعمال الفنية في السابق، تقول الفنانة المغربية: "هم يعبرون عن آراءهم وهم أحرار في ذلك. لكننا يجب أن نترك لهم الوقت لنرى ما سيفعلونه بعد تسلمهم السلطة". وتؤكد الفنانة المغربية على أهمية ما نص عليه الدستور المغربي من حرية الإبداع والتعبير، مشيرة إلى أنها تحترم برنامج الحزب وهنأت أمينه العام على فوزه. لكن ينبغي احترام قناعاتها أيضا "لأني لا أقوم بما هو خارج عن الأخلاق". الحرية مرتبطة بالمسؤولية أما محمد يتيم، القيادي في حزب العدالة والتنمية، فيرى أن المخاوف من فوز حزبه على حرية الفن في المغرب "لا مبرر لها"، ويفسر هذه المخاوف، في حديثه مع دويتشه فيله، على أنها نابعة من عدم الاطلاع على برنامج الحزب، الذي لا علاقة له بتقييد حرية الإبداع. ويشير القيادي الإسلامي إلى أن حزبه لا يسعى إلى الحد من الحريات الفردية، ألا أنه يؤكد بأن الثقافة ينبغي أن تخدم المجتمع وتحترم قيمه، مضيفاً أن لا أحد "يمكنه التدخل في الإبداع الشخصي. لكن ينبغي احترام حقوق الجماعة كذلك". ويتابع محمد يتيم بالقول إن القانون يحمي "الذوق العام" في كل الدول، ليس في المغرب فقط، وإن الحرية مرتبطة بالمسؤولية كذلك، "وإذا قرر البعض أن لا يكون مسؤولاً تجاه احترام الذوق العام، فالقانون هو من سيحكم عليه وليس نحن". كما انتقد يتيم بعض الفنانين الذين "ينصبون أنفسهم شهداء حرية الإبداع الفني من أجل الشهرة وتطبيق مقولة خالف تعرف"، مشيراً إلى أن حرية الفن يمكن احترامها دون الإساءة إلى "قيم المجتمع. فزاعة الإسلاميين من جهته يقول محمد ناجي، وهو باحث في علم الاجتماع ويدير عدة مهرجانات فنية في المغرب، لدويتشه فيله، إن المخاوف على حرية الإبداع بعد فوز العدالة والتنمية هو تلويح "أكثر من اللازم بفزاعة الإسلاميين". ويعتقد ناجي أن المخاوف هذه مبالغ فيها، فالحزب لا يحظى بأغلبية مطلقة ولن يكون له مطلق الحرية للتصرف وفق إرادته، "لذا لن يفعل أكثر من التهديد فقط". ويضيف الناقد المغربي أن المواطنين ينتظرون من الإسلاميين التصرف في مجالات أخرى تحظى بالأولوية، مثل مكافحة الرشوة، وتحسين مستويات التعليم والصحة، ومحاربة الفقر. دويتشه فيله