عبر حقوقيون ومواطنون عن مشاعر مختلطة من الارتياح والتساؤل والأسف، عقب رفع عقوبة المتهمين الثلاثة في قضية اغتصاب الطفلة سناء ضواحي مدينة تيفلت، إلى عشر سنوات في حق متهمين اثنين، وعشرين سنة في حق المتهم الثالث. وأعرب رواد مواقع التواصل الإجتماعي، عن ارتياحهم برفع عقوبة المتهمين الثلاثة، مثمنين قرار غرفة الجنايات الاستئنافية بالرباط، التي صححت خطأ غرفة الجنايات الابتدائية بالمحكمة ذاتها، معتبرين الحكم الجديد انتصارا للعدالة وللضحية التي تعرضت لإغتصاب نتج عنه حمل. وعلى قدر الارتياح بتشديد العقوبة، عبر عدد من النشطاء عن استغرابهم من التفاوت الكبير بين الحكم الإبتدائي والإستئنافي، معبرين عن أسفهم لتأثر القضاء بضغط الرأي العام بدل القواعد القانونية، ما يجعل استقلالية القضاء -بحسبهم- على المحك والإجتهادات القضائية محل نقاش. وبهذا الخصوص، قال معلق "يجب التحقيق مع القاضي الذي حكم بسنتين للوقوف على الملابسات الحقيقية التي كانت من وراء حكمه ذاك..كما أنه يجب ألا يتمتع هؤلاء بأي عفو مستقبلا كيفما كان سلوكهم داخل السجن." وعلق آخر قائلا "للأسف هذا حال القضاء المغربي، غالبا ما يتم التأثير على أحكامه وقراراته وهو ما يتشف من قرار الحكم الابتدائي وكذا قرار محكمة الاستئناف". معلق أخر قال في تعليقه على الحكم"ويبقى السؤال المطروح ما هذا الفرق الشاسع بين الحكم الاول 18 شهرا وحكم الاستئناف 240 شهرا." وقال آخر:" من سنتين إلى 20 سنة نفس القضية نفس الاحداث نفس الحيثيات فما الذي تغير لماذا لم يكن الحكم عادلا من الاول". ومن جانبها، عبرت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة عنارتياحها الشديد لحكم محكمة الاستئناف بالرباط، وطالبت بتعديل مدونة الأسرة ومنظومة القانون الجنائي وكذلك قانون 103-13 لمحاربة العنف ضد النساء الذي لم يضمن الحماية الكاملة للنساء والفتيات مع ملائمة كل هذه القوانين مع الدستور المغربي والمواثيق والاتفاقيات الدولية واتفاقية حقوق الطفل، حتى لا تتكرر هذه المأساة. وأصدرت غرفة الجنايات الاستئنافية بالرباط، ليلة الخميس الجمعة، أحكاما تراوحت ما بين 20 و10 سنوات سجنا نافذا في حق المتهمين الثلاثة في القضية. وقضت المحكمة في حق المتهم الأول (ع.د) ب 20 سنة سجنا نافذا، بعد مؤاخذته من أجل التهم المنسوبة إليه. فيما قضت المحكمة في حق المتهمين (ي.ز) و(ك.ع) ب 10 سنوات سجنا نافذا لكل واحد منهما. كما قضت في حق المتهم الأول بأداء تعويض قدره 60 ألف درهم، و40 ألف درهم لكل واحد من المتهمين الآخرين لفائدة المطالب بالحق المدني. وكانت هيئة المحكمة قد استمعت في جلسة سرية إلى الطفلة الضحية التي أكدت تعرضها للاغتصاب من طرف الجناة الثلاثة، كما استمعت للشاهدة التي حضرت إلى المحكمة رفقة مشرفة اجتماعية في إطار المواكبة والدعم. كما استمعت هيئة المحكمة للمتهمين الثلاثة، الذين أنكروا جميع التهم المنسوبة إليهم. واعتبر ممثل النيابة العامة في مرافعته أن "الحكم الابتدائي الصادر في هذه النازلة كان صائبا بإدانته للمتهمين ونتفق معه، فيما نختلف مع الغرفة الجنائية الابتدائية في تقديرها للعقوبة وتمتيع المتهمين بظروف التخفيف"، ملتمسا في هذا الإطار "تأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به بالإدانة وتوقيع أقصى العقوبات في حق الأظناء". أما دفاع الضحية فقد التمس رفع العقوبة الصادرة ابتدائيا في حق المتهمين إلى أقصاها وفق فصول المتابعة، كما التمس تعويضا شهريا بمثابة نفقة لفائدة الطفل حديث الولادة إلى أن يبلغ سن الرشد. فيما التمس دفاع المتهمين البراءة للأظناء الثلاثة، وتمتيعهم احتياطيا بظروف التخفيف لفائدة الشك. وكانت غرفة الجنايات الابتدائية بالمحكمة ذاتها قد أصدرت في مارس الماضي حكما ابتدائيا بإدانة المتهمين من أجل المنسوب إليهم، ومعاقبة المتهم الأول بسنتين اثنتين حبسا نافذا، والثاني والثالث بسنتين حبسا نافذا في حدود 18 شهرا وموقوفة في الباقي من أجل جناية "التغرير بقاصر بالتدليس، وهتك عرضها بالعنف الناتج عنه افتضاض" وهي الأفعال المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصول 471-488-485 من القانون الجنائي. وخلف هذا الحكم الابتدائي موجة من الاستياء والغضب لدى فعاليات حقوقية ومدنية تعنى بحقوق المرأة والطفل، والتي اعتبرت أن هذا الحكم "غير منصف ويمس حماية الطفولة والنساء"، مطالبة بتشديد العقوبات على مقترفي هذه الجرائم.